على مدى دورتين انتخابيتين ، نرى حكومة تتنصل من أي إلتزام ، فنراها (ما بين تنازل وإخفاق) ، لا تفي بأي وعد من الوعود الكثيرة التي قطعتها على نفسها لغرض الدعاية الأنتخابية فقط ، اللّهم الا مبدأ (بعد ما ننطيهة)!.
الكتل السياسية الكبرى والحالية (للفريقين) تراهن على التخندق والأحتقان الطائفي اساسا لأعادة الأنتخاب ، فيرى المواطن المنتمي للأغلبية الصامتة على انها حامية ومنقذة له من الطرف الأخر ، وأن بقائها مسألة حياة أو موت بالنسبة له ، وتبقى التنمية والمصالحة والبناء ومكافحة الفساد أمورا ثانويةً ، فيعيد أنتخابها ، ففي رأيه هنالك الأهم فالمهم حسب أعتقاده .
من المهم إذن أدامة شعور المواطن بأن حياته وكيانه مهددين ، ولتحقيق ذلك هنالك سلسلة من الخطوات الجهنمية والكارثية ، اتخذتها الحكومة عملا بمبدأ (ميكافيللي) الذي ينصح (الأمير) قائلا : (إذا لم يكن أزائك عدو ، فأصنع عدوا ).
إن مبدأ الصحوات قد أثبت عمليا أنه قادر على كبح جماح الجماعات المسلحة وتجفيف حواضنها ، لهذا شهدنا فترة استقرار في المناطق الساخنة مع ازدهار الصحوات فأتت أكلها ، ولكن وبخطوة غير مبررة لا نفسّرها الا كونها مدروسة ، رفعت الحكومة الدعم المالي واللوجستي عن تلك الصحوات ، فضعفت ، وتعرضت الى سلسلة من الأعمال الأنتقامية كنا نسمعها يوميا في الأخبار ، حتى تآكلت وتلاشت تحت أنظار الحكومة ، فاضطربت المناطق الساخنة أمنيا ، وتعالت صيحات الأحتجاج على هيئة (خيمات الأعتصام) ، فوظفها المسلحون ، وتدخل الجيش في فض هذا الأعتصام بالقوة ، وكان ذلك مدعاة للغضب والتبرم ، فأختلط الحابل بالنابل ، وتحولت الجماعة المسلحة الى جماعات ، ومنذ ذلك الحين صرنا نسمع بـ(داعش) ، وما رافق ذلك من فظائع وأعمال عنف ، والتلكؤ في إحراز نصر عسكري حاسم على تلك الجماعات، فما كان من المواطنين إلا أن يدخلوا كلٌ في خندقِه ، ولسان حال الكتل السياسية المتنافسة يقول (للفريقين) : ( نحن ونحن فقط مَنْ سيقف بوجه الأخر) ! .
وبذلك نرى أن الكتل السياسية الكبرى واسعة الحيلة على عكس ما نعتقد ، ولكن تلك الحيلة قد سُخّرتْ ويا للأسف ، لغرض التشبث بالكراسي .
تلكم الاسباب التي تجعلني غير متفائل بنتائج الأنتخابات والتغيير ، خصوصا وأن الأجهزة المستخدمة في مراكز الأقتراع ذات ثغرات تقنية كبيرة ، فهي أما لا تتعرف على البصمة ، أو أنها ترفض (الباركود) الخاص بقسيمة الأقتراع ، وهذا ما حصل معي ، وذلك يترك الباب مفتوحا للتساؤلات عن مدى نزاهة الأنتخابات ، على الأقل تقنيا ، وما خُفي أعظم .