25 نوفمبر، 2024 8:12 ص
Search
Close this search box.

الشماتة الانتخابية ..!!

الشماتة الانتخابية ..!!

قال الشاعر :
وزهّدني في الناس معرفتي بهم

وطول اختباري واحداً بَعْدَ واحدِ

فَلّمْ أَرَ فيما ساءني غير شامتٍ

ولم أَر فيما سرّني غير حاسدِ

-1-

الفارق بين الحسد والشماتة : ان الأول يملأ قلوب الحاسدين غيظا من النعم المتوالية على المحسودين، ويوجبُ عندهم مساءتهم لما يرون من النعم عليهم …!!!

أما الثانية : فهي تعني الفرح والسرور حينما يُمنى الغير بالسوء والضرر والهزيمة .

وقد جُمِعَا – الحسد والشماتة – في آية واحدة وهي قوله تعالى :

(إنْ تمسسكم حسنةٌ تَسؤهم وإن تُصِبكم سيئة يفرحوا بها )

آل عمران /120

فالمساءة هو الحسد ،

والفرح هو الشماته .

-2-

والشامتون بمن خذلتهم الانتخابات النيابية التي جرت في 30/4/2014 ليسوا بقليلين …

ان كثيراً ممن تجبّر وتكبّر ، وتجاوز الخطوط الحمراء في تعامله مع قضايا الشعب والوطن ، دفع ثمنه مواقِفِه المدانة، وعض أصابع الندم، ولات ساعة مندم …

-3-

وليست الشماته من الصفات الحميدة على الاطلاق .

انها تتضمن معنى التشفي بالآخرين ، والتعامل معهم على ضوء المخزون في الأعماق من ضغائن وأحقاد ، وكل ذلك لاتقبله قواميس الأخلاق والشماتة مرّة المذاق ..

أما سمعت قول الشاعر :

كلُّ المصائبِ قد تمر على الفتى

وتهونُ غير شماتةِ الأعداءِ

إنّ وَقْعَها على النفوس مؤلم ومثير للغاية …

وهناك حكمة تقول :

( ادفع الشر عن صدر غيرك بان تدفعه من صدرك )

فالاستقامة والتوازن ، والسلوك السويّ، يُبعِدان شبح الشماتة عن الانسان حتى اذا أُصيبَ بأفظع الانتكاسات …

ان هناك من لاتنفع معه موعظة، ولا يقبل نصيحة ، الاّ ان يصطدم بأعنف الصدمات وحينئذ يصحو من غروره …!!!

-4-

والشاعر في بيتيْه لم يكن مُحقاً حينما أعلن زهده في الناس جميعاً ، بَرّهِم وفاجِرِهم ، كريمِهم ولئيمِهم …..

وكان عليه ان يميّز بدقة بين الأطياب والخبثاء، ولكنه لم يفعل ..!!

لقد كانت تجربتُه مرّةَ المذاق ..

وكانت أهوالها لا تُطاق ..!! ولكنّ هذا لا يسوّغ الحكم العام بوجوب الزهد في جميع الناس ..!!

من الصحيح ان يزهد بالعناصر السيئة، التي تدحرجت الى الحضيض بأخلاقياتها الدنيئة … ولكن ليس بكل الناس، حتى اولئك الأبرار الذين يحسنون لمن يسيء اليهم ..!!

ثم انه قسّم الناس الى قسمين :

شامت وحاسد

شامت به فيما تلّقى من نكبات ومصاعب أسأته ،

وحاسد فيما سرّه وأنعشه من نعم وبركات …

وهذا قول فيه من المبالغة والتهويل ما فيه .

ان أهل الحسد والشماتة لايشكلون النسبة العظمى من الناس .

فهناك الكثير الكثير من الطيبّين والطيبات الذين لايصح ان نشطب عليهم جميعاً بجرة قلم – كما يقولون – .

انّ انتزاع القواعد الكليّة العامة من مجرد مفردة واحدة، منهج لايستقيم لا مع المعطيات العلمية، ولا مع المعطيات الأخلاقية والاجتماعية .

كيف يقوى الانسان ان يعيش مع إناس لايرى منهم الاّ شامتا أو حاسداً ؟

انه لاشك يعيش محروماً من نعمة الاطمئنان والسكون النفسي ، واذا حُرِم منها بات في احتقان دائم ، وعذابات مسمترة ، تنغص عليه حياته .

*[email protected] www.almnbeir.com

أحدث المقالات

أحدث المقالات