18 ديسمبر، 2024 9:54 م

النافذة.. المعجزة

النافذة.. المعجزة

لوحدها تقف كأنها وليد يتيم، نافذة صغيرة بمستوى منخفض تجبر من ينظر من خلالها إلى الانحناء، وكأن من صممها كان لديه مقاييس أساسية تحقق الهدف المطلوب.

هكذا هي في غالب الدوائر الحكومة والمؤسسات التي يجد المرء متعة فائقة في مراجعتها، فتزيد هذه النافذة المصنوعة باحكام من تلك المتعة المشوبة بشعور الإنسان السادي المتلذذ بعذاباته!

اسأل نفسي كلما نظرت إلى هذه النوافذ الموضوعة في الدوائر للمراجعين المتكدسين أمامها، لماذا يقتصر على نافذة واحدة، ولماذا حجمها بهذا الشكل البائس واللاانساني، ولماذا يقتصر على عدد قليل من الموظفين بينما يلهو البقية بالالعاب الالكترونية وتناول ما لذ وطاب من الطعام؟!!

ان هذا الموضوع الذي أسوقه ليس من باب التندر والسخرية، بل انما هو تساؤل حقيقي وجاد، مثلما اني أفهمه ليس بكونه قرار ارتجالي وفردي وهوى شخصي لشخص يبتغي راحته، بل هو تعبيرعن نظام متكامل في إدارة المؤسسات والتأخر في التعاطي مع التطورات التكنولوجية التي عملت على تسهيل وتيسير العمل في الكثير من البلدان.

لذلك فمعالجة هذا الموضوع مطلوب وبشكل عاجل لا تأخير فيه ذلك لما يتركه من أثر سلبي على المواطنين ويساهم في زيادة تعقيد المعاملات المطلوب انجازها، وتشغيل جيوش الموظفين العاطلين عن العمل فعلياً.

واستيراد هذه الأنظمة اليوم بالذات بات ميسوراً، سواءً على مستوى الأجهزة او طرق العمل والتنفيذ، بل ان الانفتاح المذهل بين دول العالم بفعل ثورة الاتصالات جعل اقتباس الأفكار يسيراً جداً، وهو ما حصل بالفعل في تجارب عدة مثل إصدار جوازات السفر وعمل دوائر المرور وغيرها مما اعتمدت الانظمة الالكترونية وقاعدة البيانات الموحدة أساساً لها فتحقق هدف التيسير وغدت انموذجاً متميزاً ,جدير بالاقتداء.

لنغادر ـ إذن ـ ثقافة النوافذ المعتمة والادارة عبر الاسلاك الشائكة، ولنجعل الأبواب مشرعة للشعب المنهك، ولنمنحه أبسط حقوقه الوطنية والانسانية، ولا شك في الانعكاس الايجابي لكل ذلك سيكون مذهلاً في شعور الشعب بالانتماء للنظام السياسي برمته وزيادة الفاعلية والإنتاج.