20 سبتمبر، 2024 12:43 ص
Search
Close this search box.

التهجير القسري

برفيسور في الترجمة الإعلامية واستاذ سابق في جامعة عجمان\الامارات

في صباح يوم ربيعي نادر نسيمه يلامس اهواء الروحويطربها سكونه

وتنعشها القهوة العربية المهيلة او أحيانا الشاي الأخضر المنعنع

وتزينها زرقة السماء وتغنيها مناظر تشكيلات الطيور وتصديحاتها

في ذلك الصباح وعطر نسيمه  لايزال يفوح وفي الانوف

خرج صاحب المنزل ليجلس على كرسيه في باحة الدار الامامية

التي تظللها مظلة معدنية مقوسة زاهية الألوان.

اظلالها اظلال أشجار الجنان وكان بين حافة المظلة واحد الحيطان

عش حمامة جميل وجذاب وملفت لنظر العيان

شيدته الحمامة ذات لمعة قوس قزح في الرقبة وتعيش فيه منذ سنين بهناء وأمان

تطير منه في الصباح لجمع قوت يومها وتعود اليه للسكينة والاستقرار واعالة من

من فيه من الصبية والصيبان  فيما كان  صاحب المنزليمعن النظر في كل كبيرة وصغيرة

ونظره شاخص تجاه العش المعلق كالمطاعم الدوارة عند الرومان والاسبان

وفي ذلك اليوم وبعد خروج الام  لجمع قوت يومها وتأمين حياتها وحياة افراخها

ظهر اثنان من فراخها من لوفيفات العش ليترفها وليتسليابتوسيع افقهما

ويحاربان ظلام عشهما ويسبحان في ضوء نهار يومهماوكأنهما يتحادثان لبعضهما

وذلك من خلال تقابل وطقطقة تلاقي منقاريهما وزقزقات حديثهما

وكانهما يتبادلان حديث المصير وما سيحل بهمما بعد نظرات هذا الرجل

فقال الفرخ الأول : ما خطب هذا الرجل الجالس هناك؟ اعتقد هو مالك الدار

يشزرنا بنظرات غير بريئة في صباح هذا اليوم؟ .وكادا ينفجران ابتساما وضحاكا

وماذا يدور في عقل هذا الرجل وما ينوي فعله. اينوي التهجير او الإبادة او ماذا؟

فجاء الرد:  ربما لطيبة قلبه يود اطعامنا بشيء ما اواحس بحاجتنا للماء ويود ان يسيقنا

وما كان من الفرخ الأول الذي كان اقل حذرا وخوفا على سلامة الجميع الا ان قاطعه.

قائلا : لا لا يا صاحبي لاتسيء الظن اعتقد ان المشكلة مشكلة

نظافة الحيطان والارضية وعتبة باب صالة الضيفان ولا سيما عند قدوم للدار زوار

التي من المعيب تلوثها فضلاتنا من الريش وغيره وهذا يتطلب جهدا لاتتحمله ربة البيت

فقال الفرخ الثاني: يا هذا الم تكن هذه طبيعة الاحياءوطبيعة كل كائن متحرك؟

فلتتعايش المخلوقات. فلك الحق بالعيش دون تمييز بالاجناس وبالقدرة الذاتية ودون تسلط.

واستنادا الى الرجل المالك ان ما قاله الفرخ الأول كان كلما دار في اجتماع الاسرة من ارارء.

حيث يقضي الراي الأول بتعليق دمية لفتاة قرب العشبحيث يبعد  ويهجر هذه المخلوقات

وتم وضع الفتاة الدمية  وادركت هذه الاحياء هذه الحيلة وفشلت خطة التهجير.

وكذلك لم يفلح الجزء المعدل من هذه الخطة : بوضع قماش اسود حول الدمية تشبها بالنسر

وتوالت المقترحات الواحدة تلو الأخرى. منها مثلا وضع دمية بشكل نسر  وليس غير

فوق او قرب الموطن الأصلي لهذه المخلوقات ومستقرها

وأسفاه لم نعثر على هكذا دمية في الأسواق وبتنا نبحث عنها مرارا وتكرارا

ومن المقترحات أيضا إطالة المظلة المعدنية  وحرمان الطيور من حق بناء الاعشاش.

أي التهجير القسري وهذا المفترح من مساوئه حجب اشعة الشمس عن  مكان المعاش

كل هذه المقترحات باءت بالفشل-مقترحات التهجير القسري او الإبادة

واقترح المالك بدل ذلك  فكرة التناوب في التنظيف دون سلب حقوق الطيور من الاستفادة

ولم تحظى الخطة هذه بالنجاح المطلوب ولاقى المقترح هذا رفضا شديدا كالعادة

وبقيت الحرب دائرة بيننا وبين هذه المخلوقات التي ننوي سلب حقوقها دون هوادة

ولتسلط بعض الاجناس في دنيانا حرمت هذه المخلوقات من الاعتراض على ابسط حقوقها  

ووحرمت من رفع دعوة قضائية الى محكمة موحدة محايدةومعترف بها للبت بحق وجودها

وحتى لو وجدت هذه المحكمة سيتدخل كبيرنا المتلسطلاصدار حكم لصالحنا وليس لصالحها

ونصبح نحن الأشرار في عداد الفائزين بسلب حقوق الاخرين الذين تحاصرهم المصائب

ونصبح نحن قساة القلوب واعداء الرحمة متوجين بنصر زائف وادعاء كاذب

هكذا يجني المتسلط واعوانه المكاسب وستغرق في بحور الحق كل ما يملكه من مراكب

أحدث المقالات