18 ديسمبر، 2024 10:57 م

الشعر المتحرر من الشعر!!

الشعر المتحرر من الشعر!!

الشعر الذي نسميه حرا , من إنتاج مجتمعات صناعية , ومتوافق مع مكانه وزمانه.
وتحقق إستيراده أو إستنساخه في أماكن لا يعرفها , ولا تعرفه ولا تمتلك قدرات التصنيع والإنتاج.
أي أن إستحضاره أشبه بإعتبار زمان ما إرتبط بمكان ما , ولا صلة بينهما.
فمكان الشعر الحر الأصلي يتطابق مع زمانه , وما عندنا من زمان مجلوب على مكان مغلوب لا يدركه.
فحصل تنافر وعدم إنسجام ما بين الحالتين.
فأصبحنا نكتب ما لايعرفنا ونتوهم بأننا نعرفه , وما إستطعنا أن نأتي بأصيل يميزنا.
فلكي تكتب شعرا حرا أو حديثا عليك أن تصنع ونتعلم إيقاع المكان والزمان.
بينما الحاصل في مجتمعاتنا أن إيقاع المكان الذي يعيش فيه يتقاطع مع إيقاع الزمان , الذي نكتب على شاكلته ولا ندركه.
ولا يمكن لإبداع أن يدوم ويؤثر إذا فقد تأثيرات المكان وإيقاعه , وهذا ينطبق على أنواع الإبداع.
فالكاتب الروائي المعروف نجيب محفوظ , تمكن من إستيعاب وتمثل إيقاع المكان الذي هو فيه , فقدم روايات ذات قيمة كبيرة أهلته لنيل جائزة نوبل.
ولو أنه تخاصم مع مكانه ما بلغ هذه القدرة الإبداعية في النشر والتصوير الرائع للحياة الإنسانية.
إن الشعر الحديث , يتخاصم مع مكانه , ولا يتفاعل مع الإنسان فيه , لأنه يُكتَب بمداد زمان لا يعرف مكانه , ومهما حاول أصحابه أن يوهموا أنفسهم بأنهم يعبرون عن هموم الناس ومعاناتهم بهذا الشعر , فأن إيقاع المكان لا يناصرهم.
وتبقى كتاباتهم خالية من تلك العلاقة الرائعة , ما بين الكلمة والإنسان الذي يسمعها ويقرأها.
فهل لنا أن نراعي إرادة المكان؟!!
و”ما الشعر إلا شعور المرء يرسله…عفو البديهة عن صدقٍ وإيمان”!!
و”إن بعضا من القريض هذاء…ليس شيئا وبعضه أحكام”!!
د-صادق السامرائي
8\6\2021