18 ديسمبر، 2024 10:04 م

زمن التحرر والحصاد المرّ!

زمن التحرر والحصاد المرّ!

أبتلي العراق منذ القرن الماضي بسيل من التقلبات السياسية والانقلابات والاغتيالات، وطوفان من الحركات التي رفعت شعار التحرر والخلاص من المستعمر وتحقيق مصلحة الشعوب والسعي لرخاء البلدان.

وحصل ما يشابه ذلك في أقطار عدة ما زالت جميعها تعاني الاضطراب وعدم الاستقرار والعوز الاقتصادي والارتباك الاجتماعي، فهل الأمر عفوي أم كان مخطط له؟!

والملفت أن تلك الحركات السياسية المختلفة الانتماءات حين استلمت سدة الحكم قدمت أبشع مثال للتفرد والإقصاء ومحو الآخر، وتقييد الحريات وترسيخ ثقافة الفرد الواحد الذي من الممكن ان يحطم في لحظة طيش وتهور بلداً بأكمله ويبقيه رهن الاضطراب لعقود وسنوات، فكلما دخلت امة لعنت اختها وسارت بالوطن إلى المزيد من الانكسار!

ولعل من أشد التأثيرات خطورة في هذا المجال تحويل تلك السلوكيات الشاذة إلى ثقافة مجتمعية، وزرع هذه المعاني البائسة في نفوس الصغار قبل الكبار، لذا فليس غريباً ان تنشأ الأجيال بصورة مشوهة وهي مملوءة بمناهج العنف وصور النزاع ونبذ الشراكة وتعزيز التفرد حتى على مستوى الخطاب والكلمات.

ليس غريباً قطعأً، فهذا هو الحصاد المرّ لفعل تلك الحركات التي استغلت احتياجات الناس وعوزهم ولعبت بعواطفهم وأضاعت أجيالاً عدة في وادٍ سحيق من الأوهام، وحاصرت الكلمة الحرة والمنهج القويم ونبذته بأسوأ الأوصاف، والأدهى ان المناهج الراشدة هي الأخرى بات فعلها معبراً عن التضرر بشرارات تلك الأفعال بشكل او بآخر، وفي ذلك تفصيل ليس هنا محله.

لقد كان ذلك النكد المتدرج والمتراكم بداية الشر الذي ضرب حياة وطننا ومعها بقية البلدان، ونحن ما زلنا نعاني من تبعاته، فمتى ينتهي ذلك الخراب ونحن لا نسعى حتى للعلاج بل نستمر بوعي أو دون وعي بذات سياسة الهدم بدل البناء!.