في سؤال عابر استفسر أحدهم عن حال رفاقه الراهن وماذا كانوا يتمنون في شبابهم وهل حققوا مبتغاهم؟ لم يكن السؤال جديداً وهم متكرر ولكن غالبية من أجاب كان مستغرباً منه! ومحور استغرابهم: وهل مثلنا يحققون أحلامهم، وهل من يعيش في واقع مثل الذي نحن فيه يملك ذلك!
وربما أمكنني الاحساس بمن تلقى السؤال أنه نكأ جرحاً عميقاً قبل ان يثير استغرابهم، وأثار موجة ألم لم تكن لتنتهي على شبابٍ مضى ولم يعد بالإمكان تعويضه!
ولكن هل ضاعت تلك السنوات في العمل ومحاولة التغيير ام بانتظار المعجزات؟!
ان الركود الذي تمر به البلدان الضعيفة والمتراجعة في ادائها أمر طبيعي، ذلك ان كيانها كله يتأثر بما يمر عليها من أزمات ومشاكل أمنية وسياسية والتي بدورها تظهر تردداتها مجتمعياً واقتصادياً، فرأس المال الجبان يفّر منها ولا يتبقى إلا رأس المال الفاسد الذي يظل يدور في حلقات غسيل وجهه الكالح دون فائدة، كما تزداد مشاكل المجتمع فتظهر في أزمات نفسية وغلبة السخط على الرضا والشعور باللا جدوى من الحياة!
ولذلك يلفت الانتباه إلى تزايد ظواهر محددة من أهمها الهجرة حتى لو كانت على حساب المخاطرة بأرواح أصحابها، والركون إلى انتظار مطر المال (قناعة من أصحابها أن العلّة بالمال)، او الخلاص من هذه الحياة! وكل تلك ردود أفعال سلبية لن تصلح واقعاً ولن تغير أي حال!
ومهما اختلفت الاجابات، يبقى محور التعاطي مع الواقع متمحورة حول انتظار التغيير لا صنعه، والتشبث بالسلطة مهما كان الاجماع على فقدانها امكانية المبادرة للاصلاح!
ان علاج الأنفس المنهكة بفعل الظروف لن يكون بالهروب مطلقاً شئنا أم أبينا، ولن يكون بانتظار هبوط التغيير من أي مكان، فالله تعالى أسمه خلقنا لنكون نحن مادة اعمار الأرض بكل ما تعنيه هذه الكلمة من ايجابية مطلقة ونماء في الروح قبل الأجساد وتأكيد أن السعادة التامة ليست في الرخاء المادي وحده بل في تمثل شريعته الخالدة سلوكاً ومفاهيم، وفي نشر رسالة الفطرة التي تُحارب اليوم ليل نهار وعلى نحو سافر لم يسبق له مثيل.
الأحلام والسعادة والمستقبل.. كلها تصنع لا توهب.. هذه هي الحقيقة، ولن تحصد نتاجاً مرضياً دون فعل مكافىء، وتنمية السنوات بالعمل الجادّ خير ألف مرة من الجلوس على قارعة طريق ترقب قدوم الوهم الذي سيبقى مجرد سراب!