بعد مسيرات أوهام الثورات والديمقراطيات والتغيرات , تبين أن أنظمة الحكم في دول الأمة تسير على ذات السكة , ولديها نمطية واحدة متكررة ما تبدلت وإن تغيرت الأنظمة والوجوه الحاكمة , أو المتسلطة على البلاد والعباد لحين إنتهاء مهامها المناطة بها من قبل أسيادها.
فأنظمة الحكم معظمها إن لم تكن كلها تخضع لإرادة وأجندات خارجية , وهذا يفسر ما آلت إليه أمور الناس رغم ثراء الأمة وكنوزها الكامنة.
والمفقود في هذه الدوامة الفاعلة في الواقع السياسي العربي , هو مهارات القيادة والإدارة , والجهل المروع لتأريخ الأمة وطبيعة مسيرتها.
ولهذا فالمطلوب تأهيل الجالسين على الكراسي بأنواعهم , وذلك بإشراكهم في دورات مكثفة ودورية , في اللغة العربية والتأريخ العربي والإنساني والإدارة والقيادة , لكي يتم إعداد كوادر ذات قيمة إيجابية وقدرة على الفهم وإتخاذ القرار.
وما يسود في الواقع المعاصر عبارة عن تفاعلات أمية , لجهلة في كل شيئ ويتوهمون المعرفة والدراية , فهم لا يعرفون شيئا نافعا للبلاد والعباد ويوهموهم بأنهم يعرفون.
وتلعب أبواق الكراسي دورها , وخصوصا الكتاب والشعراء والعمائم المتاجرة بالدين , التي تنظر إلى الكرسي وتتخيل الجالس عليه ولا تراه.
فتجدنا أمام أناس حفاة عراة , يعتمدون على المعونات في المنافي , وإذا بهم أصبحوا بين ليلة وضحاها من القادة والسياسين وذوي الشأن والجاه والقوة والسطوة.
والناس من حولهم يطبلون ويباركون , وينبهرون بأناس لا ناقة لهم ولا جمل بالقيادة والسياسة والإدارة , ولا يستطيعون الإتيان بعبارة ذات معنى وفكرة.
إنهم موجودات كارتونية ملونة مزوقة وضعت في الكراسي لإيهام الناس بأنهم قادة , أو إن شئت ديكة وطواويس لها جمالها وروعتها , وعلى الناس أن تخنع وتخضع لإرادتها.
وإياك أن تقول أن في الكرسي مستأجر متاجر بوطن ودين , فذلك عدوان , وتحامل , بل عليك أن تبارك كل فعل مشين , وتلك إرادة الفاعل فينا , والمفعول به شعب يستكين!!
د-صادق السامرائي