22 نوفمبر، 2024 11:55 م
Search
Close this search box.

الرئيس العراقي سليماني !

الرئيس العراقي سليماني !

يثير تداول الاخبار بخصوص تحركات قائد فيلق القدس الايراني قاسم سليماني في العراق عن حالة من الضياع تقترب من وصف الخيانة الوطنية ، فهو لم يحل ضيفا خفيف الظل ، عكس طبيعة مهامه المعروفة:، بل جاء لاعادة رسم شكل الحكم في العراق من وجهة نظر ايرانية، وهو ما يكشف عن تدخل وقح لم يعرف العالم الحر و الاستبدادي نموذجا مثله، و كأن قول مستشار خامنئي السياسي علي أكبر و لايتي قد تم الشروع بتنفيذه عندما أعلن أن ” العراق و ايران وطن واحد”.
لا يهمنا تعريف الوطن من وجهة نظر ولايتي،فالجماعة رسموا مناطق نفوذهم على منضدة رمل عسكرية و ينفذون أهدافها بوسائل أمنية مختلفة، وصلت مديات تأثيرها الى الانبار و الموصل و أربيل أيضا، فكل شيء مؤجل تقف وراءه مؤسسة أيرانية، تتأخر الموازنة في بغداد و تتأجل الحكومة في كردستان و تتواصل المذابح في الانبار و تقاطع السعودية في البصرة، ما يعني أن الحديث عن السيادة سابق لأوانه جدا.
كيف يرتضي السياسييون  في العراق هذا المستوى الخطير من التدخل الايراني، و كيف ينظرون الى سليماني ” قائد الظل الرسمي “، هل يعدونه حليفا أو مستشارا أم انهم يصغون اليه كتلاميذ في الابتدائية السياسية و الأمنية، ليس مهما طريقة الاصغاء و التعنيف ” فالحال من بعضه ” كما يقول المصريون، لكن أشد ما يثير الاستغراب عدم صدور أي تكذيب رسمي أو حزبي عراقي لمهمة سليماني الذي يوصف بانه “قائد الظل  والرجل الأقوى في العراق” ، مثلما لم تعترض على مهمته واشنطن أو المرجعية، ما يزيد من وضوح صورة ” اللعب على كل الحبال”، مع معلومات عن تنسيق مباشر بين سليماني و مساعد وزير الخارجية الأمريكي بريت ماكغورك، الذي رافق الجنرال الأيراني  مهمة البحث عن مخارج لآزمات العراق الكثيرة.

نحن نعرف أهمية المصالح الأمريكية و الايرانية في العراق و تداخلها أيضا، لكن ما يثير الاشمئزاز و كره السياسيين العراقيين هوالانحناء حد الركوع لجنرالات أمريكا و ايران، و التعالي على العراقيين باستخدام القوة و القهر النفسي و نهب الأموال و مصادرة الحريات، ما يؤكد أن الحاكم الفعلي ليس عراقيا بدليل أن غياب رئيس الجمهورية جلال الطالباني لأكثر من سنة لم يؤثر في الأمر شيئا، فهناك حكومة ظل أيرانية أمريكية تدار من منطقة الكرادة بالتناوب، و مؤسسات عراقية تنفذ التعليمات بدقة، لذلك يعجز رئيس الوزراء نوري المالكي عن انهاء العمليات العسكرية في الانبار لأن الأمر لم يصدر بعد، مثلما يناور رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي في ادراج الأزمة على جدول الأعمال لعدم وصول التعليمات، و الحال ينطبق على الجميع، فهناك عدم رغبة في شق عصا الطاعة  على” أولياء النعمة” بغض النظر عن عناوين الفتنة التي يتحكمون بها!!
 سليماني في العراق لجمع الفرقاء و تحديد واجبات كل فريق و توزيع المسؤوليات وفق الاجتهاد الايراني، الموافق عليه من واشنطن سلفا، ما يستدعي فضح خيوط اللعبة و معرفة تقليد الحكومة و النواب لسرعة السلحفاة في حسم الملفات، و أيضا ايصال رسالة الى المواطن بأن استمرار مبدأ ” اني شعليه” سيذبح الجميع ، لكنه سيرفع من مقامات سياسيين لا ينظرون الى العراق الا من ثقب المصلحة الايرانية و الأمريكية.
لا يوجد خلاف على أن العملاء لا يبنون أوطانا، ولا يجدون احتراما حتى من المؤسسات المخابراتية التي يلحقون بها، الجزائر مثلا لم تسمح بعودة ” الحركيين” اليها لأنهم قاتلوا مع القوات الفرنسية ضد أخوتهم ، و في المقابل لا تعاملهم فرنسا كمواطنين من الدرجة الأولى، و الحال يمتد الى فيتنام و موسكو و ايران ايضا، ليكون العراق استثناءا حتى في الوصاية و التبعية، سليماني يقرر و المسؤول العراقي ينفذ عن طيب خاطر، بل و يتمنى رضاه لذلك يبالغ في تنفيذ التوجيهات حتى لو تطلب ذلك التخلص من حليف هنا و رفع أسهم خصم هناك، ما يتطلب قلب الطاولة على الجميع و رفض الحاق العراق بايران للتغطية على فاشلين ركبوا موجة الوطنية في منتصف الطريق، و أحتفظوا برتبة التبعية المطلقة منذ بداية المشوار، و ما أتعسها من مهمة، و ما أصعب استمرار القبول و السكوت عليها، ليس المهم شكل المسؤول أو طوله بل تسلسل درجات الوطنية في رصيده، ولن يستقر العراق أو ينهض بوجود ارادتين أمريكية و ايرانية تذبحانه بأمواله وأبنائه على أيدي سياسيين ولدوا بالتوقيت الخاطئ!! سليماني يحدد أسماء كبار المسؤولين في العراق و الجميع يتنافس على كسب وده و رضاه، و ينفون التدخل الايراني في العراق!!

رئيس تحرير ” الفرات اليوم”
[email protected]

أحدث المقالات