للنفس لغتها , ولكل نفسٍ أبجدياتها , فهل ما تبوح به النفوس يُمكن تسميته بالشعر , وفقا للحداثة وما قبلها وما بعدها؟
الأمة مدفوعة بتأثير قِوى تستهدفها للتحرر من ذاتها وموضوعها , وإيهامها بأنها لكي تعاصر وتكون , عليها أن تتخلى عن ملامحها وعلاماتها المميزة الفارقة التي تشير إليها.
وهذا السلوك يقع ضمن آليات الإستعمار الناعم , والإفتراس الهادئ السعيد , الذي يؤهل عناصر الهدف للإنقضاض عليه , وتقديمه مطبوخا ناضجا على موائد المفترسين , الذين يرددون أغنية “سعيد مَن إكتفى بغيره”!!
لكل حالة في الكون شكلها وملامحها , حتى البشر رغم أن بدنه متشابه لكن فيه ما يفرقه عن غيره , ويحدد هويته وكينونته المعبرة عنه , فلا توجد حالة في الوجود بلا ملامح , ولكي تفترس الحالة وتمحقها عليك أن تقنعها بأنها لاملامح لها , وعليها أن تذوب في رمال العدم.
الأمة تتعرض لهجمة فتاكة , وعلى مدى أكثر من قرن تمكنت القوى المُستهدِفة لها أن تعدّ فيها طاقات متنوعة لخدمتها , وتأتي في مقدمتها الكراسي التي تسلطها على الشعب لتمرير برامجها ومخططاتها , فأوجدت حالات بائسة يائسة وشجعتها على البوح بما فيها , وتسويق معطياتها على أنها نوع من الإبداع , وهي تضليل وخداع , وأخذ إلى ميادين الإهلاك.
فالتآمر على وجود الأمة متنوع ومتعدد , ولا ينحصر بما إعتاد عليه الناس على أنه إنقلابات وتصارعات تسمى سياسية , وهي تفاعلات عدوانية إستنزافية لإستهلاك طاقات الأمة.
والإبداع السوداوي التطلعات والعدواني التفاعلات يسود , فما يُسوَّق عليه أن يكون عدوانيا وهروبيا وتخنيعيا وتخديريا , ولن يُسمَح بإبداع التحدي والتفاؤل والإنطلاق إلى ميادين الحياة المطلقة , لأن في ذلك إستنهاض للهمم وتعويق للمصالح والمشاريع الإفتراسية الفاعلة في الأمة.
ولو تأملتم الإبداع المسوّق على مدى القرن العشرين ولا يزال , فلا يخرج من هذه التوصيفات التخميدية لإرادة الأمة.
وعلى هذا المنوال , تجد اللغة النفسية بمفرداتها السلبية المتنوعة مبثوثة في المواقع والصحف , وأصحابها يتوهمون الإبداع , ويبوحون بما لا يدركون!!
فعن أي إبداع نتحدث , والأصيل خشيل؟!!
د-صادق السامرائي