18 ديسمبر، 2024 7:53 م

هناك قول شائع في مجتمعاتنا خلاصته ” ما أرخص الكلام” , ” الكلام مو بفلوس” أي بلا ثمن , وعندما تكون الكتابة رخيصة وبضاعة فاسدة أو بائرة , فالمجتمع في داهية شنعاء.
الكتابة الرخيصة أن تفقد الكلمة قيمتها , فالجميع صاروا يسمون أنفسهم كتابا وشعراءً وأصحاب أقلام ذات شأن , فيكتبون ولا يقرأون ولا يُقرأون , ويتصورون تسطير ما يعن على البال كتابة , وموهبة وقدرة تميزهم عن الآخرين.
الكتابة من أصعب النشاطات وأكثرها حثا لممارسيها , لينغمسوا بالقراءة ليكتبوا , فالذي يكتب ولا يقرأ , داعية جهل وتضليل , ويأتينا بالمكتوب المشوش والمشوه لعقول الناس , والمسوغ لما يزدريهم ويهينهم ويعينهم على إستلطاف الذل والحرمان.
الكاتب الذي لا يقرأ , تسول له نفسه الأمارة بالعجائب والغرائب , تناول موضوعات تنويمية تحث على التبعية والخنوع والتقليد الأعمى , وتوطن عقول الآخرين الساعين لتأمين رغباتهم وتطلعاتهم الدونية المؤيَّدة بنوازع المطمورات الفاعلة فيهم.
عندما نتأمل واقعنا المتفاقم التفاعلات , والمشحون بالسلبيات والتقهقرات , نكتشف دور الكتابة الرخيصة ومساهماتها في تأسينة وإستنقاعه , وتنمية الآفات العدوانية على كل شيئ فيه.
ومن الواضح أن الكتابات الجادة غائبة , أو ممنوعة , لأنها تسعى للخير والمحبة والرقاء الوطني والإنساني , مما لا يخدم مصالح المآجير والمرتزقة والطامعين , وشراذم تمرير الأجندات والتفاعلات الإستنزافية , القاضية بتوفير مسارات مغفولة للسرقات والفساد الآمن الدؤوب.
والسائد تسويق الرخيص لتوضيع الذوق العام , ودفع الناس إلى التهاوي في ميادين القطيع , فعليها أن تصيخ السمع لمنابر التضليل والتخنيع , وتقلد ما تسمع ولا تفعل ما يفعلون , فهم الأخيار المصطفون , وأنتم العوام المستعبدون , وفقا لمراسيم تجارة الدين.
فما أبخس الكلام , وما أكثر الأقلام التي تكتب بمداد الغافلين , وتسير على سطور الأنين.
فالندب شعارها والنحيب سلطان مجيد!!
وقل إشهدوا إن الكلام مبيد!!