سنبقى نتحدث عن الفساد حتى ينضب النفط , لأنه ثروة سائبة لا تخضع لقانون , ولا يُعترف بعائديتها للوطن والشعب , وتوصف بأنها ثروة مشاعة , يتحكم بها الكرسي الأول في السلطة , ومع تبدل الأحوال صارت الفتاوى تديرها , وغدت كالمطر , ومن حق فئة ما دون غيرها.
والعلة أن النفط بلا قانون , ولا يضمن الدستور التصرف به بأسلوب وطني منضبط.
ولكي تقضي على الفساد يجب أن يكون النفط محكوما بقانون , فلا توجد بقعة أرضية في المجتمعات المعاصرة فيها ثروة , لا تخضع لقانون ينظم توزيعها العادل على المواطنين , عدا الدول النفطية العربية التي تتحكم بثرواتها القوى المتسلطة فيها , وتعطي الحق لنفسها التصرف بها كما تشاء , وتتكرم على الناس وكأنها ليست من حقهم.
ومضى على إقتصاد النفط أكثر من قرن وبلدانه تعج بالفقراء , وعائداته مصمّدة بالمصارف الأجنبية , ولا توجد مشاريع إنمائية وإستثمارية في العديد من بلدانه , بل أن عائداته لا يُسمح بإستثمارها في دول الأمة.
ويبدو أن النفط من أهم عناصر الإفقار والإقتتال وتدهور الأحوال في بلداننا , فيرونه نعمة ويجعلونه نقمة , فيتنعم به قلة ويحترق به كثرة , وتلك مصيبة تدميرية في بلدان نفطية تركع تحت أقدام المتحكمين بمصير الكراسي.
فإلى متى يبقى النفط ناراً تصطلي فيها الأجيال؟
البعض يرى أن ما تبقى من عمر النفط أقصر مما مضى , أي أن الزمن سيداوي العلة ويشافينا منها , والبعض الآخر يقترح أن نستثمر فيما تبقى ونسن قوانين صارمة تساهم بتأمين الإستثمار النزيه للعائدات , وإنتفاع إبن الوطن منها , وغيرهم يرون الشروع بتأسيس البنى التحتية المعاصرة الكفيلة بخدمة الأجيال المتوافدة.
والمعضلة المغفولة , ما دامت الثروة النفطية سائبة أو مشاعة , فلا تتحقق الفائدة الوطنية منها , ويكون القابضون عليها وكلاء مؤسسات مالية عالمية لا غير , يودعون عائدات النفط في مصارفها , لتصادرها بعد حين.
وتلك ورطة دول نفطية , بكراسي الأجراء والمغفلين!!