الدين يتبعثر , يتقدد , يتمزق , وذاك شأن أي دين , ولا يشذ دين عن هذه المتوالية الإنشطارية التفاعلات.
وعندما نتساءل: لماذا هذه النزعة عند البشر؟
يبدو الجواب بأن المخلوقات بأسرها ومنها البشر فيها طاقة تنافرية تفردية , تحثها على التعبير عنها بسلوكيات متنوعة ومتواصلة.
وعندما يتعلق الأمر بالأديان , فأن العلة تكمن في إعمال العقول بالنصوص الدينية , فلكل عقل مناهجه ورؤاه , ولا يوجد عقل متطابق مع عقل , فتتعدد التصورات والتأويلات , والمعضلة الكبرى عندما يبرز مَن يؤول وينضم إليه مجاميع من التابعين المدججين بالعواطف والإنفعالات , فيخلق منهم قوة ذات طاقة تدميرية لذاتها وموضوعها.
فالتاويلات مهما كانت إذا كانت فردية ومرتبطة بالشخص الذي يستعمل عقله ويرى ما يرى , تبقى قائمة بين الفرد وما يؤمن به , أما أن تتحول إلى حقيقة مطلقة يعمل على فرضها على الآخرين , فعندها تتأجج سقر.
ومن ألد أعداء أي دين الذين تحوّلوا إلى رموز وفازوا بأتباع تنازلوا عن عقولهم وإنصاعوا لهم , فأصبحت هذه الرموز هي الرب والدين والكتاب.
وما دام أهل الدين بلا دين ويتبعون من يدّعي الدين , فأن متواليات الإنشطار الخسراني ستتواصل في الدين , ويبدو أنها من المحفزات التي تعززها إرادة الأرض , للتخفيف من أحمالها البشرية , فهذه التمزقات الدينية من أهم العوامل اللازمة لقتل البشر , فالقتل بالدين من أشرس الإبادات التي تجري فوق التراب , وهي فاعلة منذ الأزل وستبقى للأبد.
فلماذا لا يكون البشر إمام نفسه وحسب؟!!