18 ديسمبر، 2024 9:52 م

جدلية …الكون …والأنسان…كيف نفهمها …؟

جدلية …الكون …والأنسان…كيف نفهمها …؟

لم تكن نظرية خلق الكون والأنسان بجديدة على التاريخ ووظيفته المعرفية ..فقد تعددت فيها الاراء المختلفة والمتشابهة عبر الزمن الطويل ..بعد ان اشتركت غالبية الديانات والاساطير القديمة في نظرية معرفة تكوينة ، حين قدمت تصورات وان كانت خيالية في بعضها ، لكنها كانت محاولة من الانسان القديم لمعرفة الوجود الأزلي للكون “ارسطو”. من هذه الديانات الاغريقية و المصرية والبابلية والهندية والصينية والزرادشتية في تصورات مختلفة ومتشابهة..حتى جاءت الديانة الابراهيمية في العراق القديم التي مثلت الديانات السماوية الثلاث حين طرحت مسأئلة خلق ادم وحواء التي جاءت في القرآن كطرح جديد ..لكن غالبية الديانات اختلفت في النشأة الاولى في قضية فكرة الميلاد(النوروالظلام ) والأبدية وخلق الارض والحيوانات والطيور والشمس والقمر والنجوم والمياه..كل ُ لها رأي محدد ومغاير عن الاخرى ..هذه الافكار المختلفة انتهت بتحديد فكرة الخلق في القرآن بالآية 30 من سورة الأنبياء ” فكانتا رتقا ففتقناهما “.. أي فصل الأرض عن المياه ، وفصل السماوات السبعة عن الارض. ولا زالت الدراسات البحثية جارية الى اليوم بعد ان كشفت التحريات التاريخية وجود انسان النيانتدرال قبل آدم بأكثر من 6 آلاف سنة…

لكن التفسير الديني لفكرة الخلق لازال مبهما وناقصاً ،وخاصة في معايير الحقوق والعدالة المطلقة التي طرحها النص المقدس كآيات حدية لا يجوز أختراقها “أعدلوا ولو كان ذا قربى” لكن المفسرين كالطبري وابن كُثير والطوسي وأراء فقهية أخرى أضاعت الطرح الديني القرآني الجديد “الاستقامة والعدالة المطلقة ..لم نجد في هذا التفسير فقه علمي جديد بعد ان تحول النص الديني وتفسيره الى تخمين بعيدا عن الحقيقة العلمية له فأوقعونا في التيه الديني الكبير …فعدالة الكون لا تفسر وجودها بالحدس والتخمين بل بالقانون.. ، مع بداية التاريخ وكيفية الوجود ولا يتماشى هذا التصور في تطوره الا بروح الفكر العلمي الدقيق الذي مكن العلماء من تثبيت فلسفة الحياة وأبعادها الانسانية بالحجة والبرهان الاكيد.. ومعرفة الحقيقة لخدمة الانسان والدين ،وليس باراء الفِرق المذهبية القاصرة التي صنعوها من اجل السلطة لا الدين (فقهاء القرن الرابع والخامس الهجريين).. ففسروا القرآن تفسيرا ترادفيا ناقصا ادى الى طرح كل ما قدمه النص مغايرا حسبناها صحيح . فبقيت معرفة الكون وكيفية وجوده ، ودورحقوق الانسان فيه مجرد تخمين ..هذه المعرفة التي حددها النص المقدس في الوصايا العشر بصحيح..ولا زالت في عالم المجهول . ….ارضا ومياها وانسانا ، لان الخط الفاصل بين التاريخ والاساطير لازالت مبهمة عندنا بعد ان تجاهلها المفسرون لعدم الدراية بها.

ولنعد لمعنى الكون :الذي هو الوجود المطلق العام.. والذي لا زالت نظريات تكوينه لم تتفق على رأي واحد في الاستنتاج والتحليل ،بل تعددت الاراء فيه منذ أكتشاف النظرية النسبية لأنشتاين وما خلفت من اراء متعددة وكثيرة ، وكلها جاءت من مصادر الفلسفة اليونانية القديمة التي بحثت في أصل الوجود وكيفية استنتاج الحقيقة ، وكيفية التعليل لها للوصول الى الحل الصحيح ..حتى تمت خلاصة تعريفه بأنه: “هو الوجود المطلق العام”..القراءة المعاصرة يجب ان تنطلق من من نظرة جدية للمعرفة الانسانية ككل بعد دراسة ومعرفة قانون التطور حيث تكمن عقيدة التكوين والخلق والتوحيد وقوانين العدالة وتغير الاشياء لوضع منهج جديد في دراسته قائمة على التحليل المنطقي العلمي لا على اراء فقهاء الدين في التحليل..وهنا كان مقتلنا بعد ان خضع المنهج المدرسي لاوهام العمامة الطارئة على الدين …لا لحقيقة الوجود في التكوين.

فجدلية الكون هنا هي مغالبة طرح الاراء المتعددة في التكوين لأظهار الحقيقة دون تحيز او ممالاة لأظهار الحق المطلق بين المتجادلين بغض النظر عن العقيدة الفكرية والدين . فجاءت الكلمة في النص المقدس لاظهار الحقيقة التي جاءت من اجلها الديانات ارضية وسماوية معاً حين قال الحق : “وجادلهم بالتي هي أحسن،”النحل 125.والمقصود بما جاء به النص المقدس هو جادل المعاندين للحقيقة بأحسن واسلس الطرق المقبولة وأجملها مبنية على قناعة المنطق دون أكراه ،بعد ان طرح الفيلسوف اليوناني “أمبادورقليس ” نظرية حقيقة الوجود والعناصر الاربعة المكونة للكون وهي التراب والماء والهواء والنار،حين قال كلها نشأت بموجب قوانين .لذا لايمكن لاحد تسيير مفردات الكون بدون القانون ..وهذا ما تكتشفه اليوم الاقما ر الصناعية بتعدد الاكوان والمجرات ،رغم ان العلم لازال قاصرا عن الوصول للحقيقة المطلقة “وعلم الأنسان مالم يعلم”.. وهذا هو الذي لم تفهمه قيادات الاسلام الجديد فأستبدلوه بالسيف ..
علينا ان نعترف ان الاسلام لم ينتشر بقناعة الرأي والمنطق بل انتشر بالسيف والامر الواقع منذ مجيء الدعوة وحتى وفاة صاحبها في 11 للهجرة ومن بعده والى اليوم كما في حروب الردة والغزوات والفتوح القصرية لسلب الناس أشياؤهم وحقوقهم .. باسم الدين ، وليس في نص ديني يؤيد التوجه الجديد ….ولا زال الحاكم المسلم يمثل دكتاتورية السلطة والمال دون حقوق المواطنين ..ولو كان لدينا تاريخ ومؤرخين صادقين في القول .. لتبدلت حالة الوطن والآدميين ولكنا اليوم من المتقدمين ..كما تقدمت الشعوب التي آمن بالحجة والبرهان والمنطق الصحيح في التحقيق .

ان دراسة جدلية الكون بأشكالها المتعددة تثبت ان ما طبقه المسلمون في عدم طرح العقيدة بقناعة المنطق،ونشره بفتوح السيف كان مخالفا للنص لفقدانه حرية الرأي في التعبير ، وحرية الاختياربعد ان طرحهما النص المقدس كاساس لحياة الانسان في الاسلام .. لذا كان التقصير في التطبيق وليس في النص المقدس الكريم. ولا زالوا معاندين .

ان ما يعمل به فقهاء التشدد المذهبي اليوم ضد الاخرين هو مجرد عداء ضد الاخر لا يقوم على فلسفة حقوق الانسان والدين ،بل على فلسفة التجهيل ومصلحة السلاطين ..لان كل المفسرين للنص لم يصلوا بتفسيراتهم الى كيفية الاستنتاج وكيفية التدقيق كون ان اللغة العربية لم تستكمل تجريداتها اللغوية في وقتهم ، وكون ان السلطة ترغب بالتأييد بغض النظر عن الحقيقة المطلوبة في حقوق الآدميين . ، لذا جاءت غالبية افكارهم على الحدس والتخمين كل هذه التفسيرات الفقهية والأراء الميتافيزيقة التي تراها مرصوفة بكتب ملونة من ورائهم منسوبة للفقهاء نقمة على الانسان العربي والمسلم لانها تناقض الحقيقة عند التصديق..نعم.. نحن بحاجة الى الوصول للحقيقة المطلقة المقنعة في القبول والاثبات والتعليل لأيجاد القوانين حتى لا نسمح للتخريف الديني والمذهبي ان ينتشر بيننا اليوم لتحكمنا امعات الدين..من هنا ننادي بضروة اعادة التفسير الحديث للنص المقدس والغاء كافة التفاسير المذهبية التي خلقت لنا نظريات التفريق..والتي على طباعتها المستمرة أهدرت وتهدر الملايين بالاضافة الى استمرارية الفكر الناقص في التعليم ..وهذا وجه من أوجه الفساد الكبير..لذا تتجاهله مرجعيات الدين ومن يواليها من المنتفعين .

لقد تكلم علماء الحضارات منذ القدم في تكوينه منذ عهد الاغريق والروما ن ووضعت له نظريات كثيرة أمتد أثرها الى العصر الحديث، فبينوا أهدافه ومقاصده، ورسموا أدابه واخلاقه فأنتجوا قوانين بنت دول الحضارة والحقوق كما هم اليوم..فقد كتب هرقليط اليوناني في حركة جدلية الكون ، ان سبب الحركة هو الصراع بعد التكوين ،وقال لولا الصراع والخلاف ما ظهر لنا من شيء جديد .اما أرسطوفقد قال في الكون الأزلي والتحول وكلامه يدخل في نطاق ما نفهمه في حركة صيرورة الدين والتاريخ ..أما الفيلسوف أمبادو فليس فقد كتب في قضية العناصر الاربعة في التكوين وهي التراب والماء والهواء والنار ولا زالت مبهمة الى اليوم والذي قال قولته الشهيرة ..لا حياة بلا قانون..ولاعدالة بلا تطبيق.

وقد تنبه العرب القدامى قبل الاسلام الى نظرية الحركة الدائمة والتغيرات في مفهوم التاريخ..فقالوا: ان تعاقب الليل والنهار هو سبب الحياة والموت…فقال شاعرهم الرندي:
لكل شيء اذا ما تمَ نقصانُ………فلا يفُربطيب العيش انسان
هي الأمور— كما شاهدتها -دول…..من سرَه زمن ساءته أزمان

بينما المصريين القدماء أكملوا دورة الحياة بحياة اخرى تكون بعد الموت هي يوم الحساب تصور مسبوق.. وقالوا ان الحياة بعد الموت يواجه الانسان فيها السعادة او الشقاء (أنظرالبرديات) ..لكن اليونانيين ربطوا الحياة بالموت ومنهما تتوالد الاشياء الاخرى دون ذكر الحساب بعد الموت ، وقيل ان السيد المسيح(ع) قد استق الأبدية منهم ..وما قاله اليونانيون والعرب القدامى اكده النص المقدس في قضية البعث بعد الموت ويوم الحساب..يقول الحق :”ياداود انا جعلناك خليفة في الأرض فأحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ان الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب”.؟
فهل فهم حكام العرب الظلمة -آكلين حقوق الناس- ما قاله الله تعالى للعباد وفلاسفة التاريخ ..؟ أبداً..؟

ونظرية جدل الكون نظرية مهمة تعطي للانسان مفاهيم القيم للوصول للحق والحقيقة المطلقة ومعرفة فلسفة الوجود التكوين وحقوق الآدميين .. منها:
————————————————————

صراع العناصر المتناقضة داخلياً ،فالموجود في الشيء الواحد يؤدي الى تغير شكل الشيء بأستمرار، وظهور شكل أخر وبه تطورت القوانين لتحقيق حقوق الانسان التي تجاهلها فقهاء الاديان .وفي هذا الصراع يكمن السر في التطور والتغير المستمرين في هذا الكون مادام قائماً. وهو ما يسمى بمصطلح النفي ونفي النفي،وقد أطلقَ عليه القرآن الكريم مصطلح التسبيح :(…. وان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم….،الاسراء44). وكلمة التسبيح جاءت من( سبحَ) وهو الحركة المستمرة كالعوم في الماء كما في قوله تعالى( كلُ في فلكٍ يسبحون ،(الأنبياء33). هذا الصراع هو الذي يؤدي الى التغير في الأشياء،والذي ينتج عنه مقولة 🙁 الموت حق) والله حي باقٍ.ومن وسيبقى هذا الصراع قائما الى يوم الساعة ليعود الكون مرة اخرى الى البعث.وفي ضوء ذلك تتضح مقولة (البعث حق).لذا فجدلية الكون مبنية على الحقوق للجميع دون تفريق ودون تمييز ..وهذا مالم يفهمه فقهاء الاسلام لا في السابق ولا في اللاحق ..لذا فان كل تطبيقاتهم العملية بنيت على الوهم والتخمين..هنا أخطأ الفقهاء حين ابتدعوا الفرق الدينية في التمييز ،وهذا سر تخلف المسلمين …لذا ربطوا كل افكارهم بالمقدس كي لا يُخترقوا في التطبيق..حتى اصبح المقدس بديلا عن حقيقة التطور في التطبيق..أنظر الكتاب والقرآن للعلامة المرحوم محمد شحرور .

ولنظرية الجدل ثنائية تقابلية ، وثنائية تعاقبية ، لم يفهموها الفقهاء والمفسرون بالمطلق فراحوا يحشرون النصوص القرآنية خطئا لتبر ير الفشل الذي عانوه ويعانون منه الى اليوم.
ففي مجال الثنائية جدل تلائم الزوجين في الخلق (انا خلقناكم من نفس واحدة) ..هنا تظهر نظرية مساواة الرجل بالمرأة انسانياً وهذه الحقيقة افتقدها التفسيربدوافع ذكورية ،و بالتمييز بينهما بالافضلية ..هنا تظهر الجدلية متناقضة مع اصل المعنى في التطبيق ولا زالوا وخاصة في مصطلحات الارملة والمطلقة فقهاء التقصير يصرون على الخطأ خدمة للجنس والسلطان المبتلى به.فأكبر خطأ أرتكبه التشريع الفقهي هو ايجاد المحاكم الشرعية التي فصلت بين حقوق الانسان وظلمت المرأة دون الرجل..دون سند ديني صحيح.

ونقول : في بداية ظهور هذا الكون المادي الذي حدث نتيجة انفجار هائل ادى الى تغير طبيعة المادة (كانتا رتقاً ففتقناهما) . ان التغير حدي في الصيرورة المادية ،معبرا عنه بنفخة الصوركقوله تعالى:( ونفخ في الصور،الزمر 68) والصور من الصيرورة، والصور عبرَ عنه بالساعة وهي وقت هلاك الكون كله ،لتاتي مادة اخرى تحل محل الاولى بقوانين جديدة في كون مادي اخر. من هنا جاء قوله تعالى 🙁 ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة ،الروم55). ومن هذا الامر الرباني نستنتج ان ما يدعونه رجال الدين والفقهاء منهم بعذاب القبر بالمفهوم السائد اليوم لا وجود له ..ان غالبية التفسيرات القرآنية وهمية ..بدليل ان الرسول لم يقدم على التفسير ولا التأويل لأدراكه الصحيح بتغير الازمان ومعني الكلمات بصيرورة التاريخ…هذه المعرفة الوجودية تجاهلها الفقهاء لعدم معرفتهم بتفسير النص علمياً. …..

هذا الذي حطم الاسلام وجزء الواحد وخلق الفِرق المذهبية الباطلة والفُرقة بين المسلمين من احاديث نبوية مبتكرة لا صحة لها ابتدعتها الفِرق الدينية المختلفة لمصلحة السلطة لا الدين .. ولا علاقة لها بالاسلام والرسول (ص). والافضلية …من هنا نستطيع وبكل اصرار ان نقول ان اسلامنا اليوم هو غير اسلام محمد بالمطلق ..لذا لا سنة ولا شيعة ولا مذاهب باطلة ولا ولي للأمور ..فهل من حاكم يصحى على الصحيح..لينصف الدين والناس دون تفريق ؟

ان ميزان العدل الآلهي يتناقض مع الخطأ والعدوان على النفس الانسانية من قبل حاكميها ،لذا اذا ما طغوا وفجروا فيها يأتيها أمره تعالى من حيث لا تحتسب لأصلاح ذات البين واعادة المعايير الاخلاقية الى وضعها الطبيعي،فهل سيُنبه الفقهاء سلاطينهم الطغاة المارقون الخائنون الذين نسوا الله فنساهم لحين… لكنه سيفجعهم بهذه النهاية المفجعة،أم سيتركهم في غيهم يعمهون؟

اما نظرية البعث والحساب فقد ورد البعث في سورة الزخرف لقوله تعالى:( والذي نزل من السماء ماء بقدرٍ فأنشرنا به بلدةً ميتاً كذلك تخرجون).أي ان البعث هو خروج الناس من الموت الى الحياة بكينونة مادية جديدة لا تغير في صيرورتها.لكن في المسيحية الأبدية وهنا يتاقض النص بين الاديان والمصدر واحد هو الله ..لم نجد له تفسير.. أن ما ذكر بخصوص الحساب وكيفية اجراؤه يوم القيامة لم تأتِ تفصيلات فيه سوى أنه ذكر على سبيل العضة والاعتبار كما في قوله تعالى:( هذا ما توعدون يوم الحساب ،سورة ص53).؟

أما مالمجتمعات الاخروية تختلف عن الدنيوية : انها مجتمعات مجهولة تختلف فيهما ظاهرة العمل والراحة ، والخير والشر والحرب والسلام، والعقاب والثواب ، والخلود والفناء ..وفي غالبيتها متناقضة .سوى ما جاءت بنصوص دينية تلزم قبولها دون تحقيق.
لكن السؤال المطروح هو :هل ان مواصفات اهل الجنة يمكن تحقيقها في الحياة الدنيا؟ يبدو ان الجواب يقول مستحيل للسبب التالي:
ان قوانين المادة الكونية الحالية تخضع لقانون صراع المتناقضات الداخلي الذي يؤدي الى تغير الصيرورةبأستمرار ،فهي لا تسمح ابداً بقيام مجتمع يتشابه مع المجتمع الأخروي للتناقضات الخاصة به والتي تؤدي الى هلاكه لقوله تعالى (وان من قرية الا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذاباً شديداً كان ذلك في الكتاب ،الاسراء 58). ونستنتج من ذلك ان في الكون الجديد والقوانين الجديدة في المجتمع الاخروي، لا ولادة ،ولا موت، ولاتغير في الصيرورة والتسبيح يبقى للملائكة فقط ،لقوله تعالى:( وترى الملائكة حَافينَ من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضى بينهم بالحق وقيل الحمدلله رب العالمين،الزمر 75). وكلمة الحمدلله رب العالمين جاءت في البداية والنهاية، لقوله:( له الحمد في الدنيا والاخرة،القصص70). ولربما يستطيع أهل الجنة رؤية الله بعد الخلود فيها لطبيعة المادة الجديدة في الكون الجديد.قوانين كلها تخضع ليوم المعاد.

ويبقى شيء لابد من التعليق عليه وهو:
ان هذا الميزان الرصين الذي خلقت به السموات والارض والجنة والنار(الكون) والقوانين التي وضعت لتحقيق العدالة الاجتماعية على الأرض وتقنينها، والوعد والوعيد لمن يخالف ارادة الله الواحد القهار”الأنسان”، أخفاها الفقهاء عن الناس وحولوا الايات القرآنية العظيمة الى تفسيرات طوباوية لا يفهم منها الا ما راق لهم من تفسير خاطىء ،وفكر مقوقع يلفه التخلف والانحباس الفكري الرهيب خدمة للسلطان في العصر العباسي ، وأبتكروا لنا المذهبية والحزبية والطائفية والعنصرية والجبرية واليوم الكتلية الكاذبة وتشجيع فكرة القدروالأعتزال والأرجاء والدعاء وتمجيد الاولياء وولي الامر الىمر الناهي والنواح عليه للألهاء ..وتكوين الكتل الساكتة عن الحق، وما جرَت علينا من ويلات وثبور تخلصت منها المجتمعات المتحرة من أزمان بعيدة ونحن لازلنا نلصقها بالقرآن واحاديث الفبركة .

ان الله نعالى والقرآن الكريم والرسول (ص) منها براء .فهل من حلٍ لها بعد ان انهتنا والاسلام معاً ؟
الحل يكمن في أنهاء الازمة الفقهية الحادة التي تمر بنا،وأحلال فقه جديد معاصر على يد علماء التخصص، لا فقهاء التدليس من اصحاب الماورائيات، وفهم معاصر للسُنة النبوية،وذلك بأعادة النظر في الفقه الاسلامي لكل الفرق الاسلامية دون تمييز،لذا لابد لنا من صياغة نظرية جديدة في المعرفة الانسانية قائمة على منطقية الجدل العلمي الصحيح،ان هذا المنطلق الجديد سيولد لنا بالضرورة الحل الفقهي الذي سيطرح للمناقشة لعلنا نصل الى ما نريد،بعد التوقف عن طباعة كتب التراث الميتة التي جمدت و تجمد عقول الاجيال اليوم في مناهجهم المدرسية البالية .فهل من حاكم شجاع ينبري لتنفيذ المهمة في هذا الزمن الصعب؟ ، زمن هزيمة الامة ككل …فمالم نعي حقيقة الكون…..وحقوق الانسان…لم نصل الى ما نريد ..والا ليس معقولا ان الدين جاء من اجل خلق الاسياد ليحكموا ويتحكموا بالعبيد..؟
كما هم اليوم في حكم الامة المهزومة منهم..

[email protected]