19 ديسمبر، 2024 12:13 ص

تفاجأت قبل أيام بوجود العديد من الدراسات التي تخص جوانب مهمة من المشاكل العراقية التي يعانيها البلد اليوم، بعضها يخص الموارد المائية، واخرى في علاج البطالة، وثالثها أزمة السكن، ورابعها تقديم رؤية متكاملة لتعديل الدستور.. الخ.

وأكاد أجزم بأن عدداً من هذه الدراسات تمتاز بالرصانة والمهنية والرؤية الوطنية الراغبة بالحل، ولكنها للأسف ما تزال مركونة على الرفوف يعلوها الغبار، هذا ان كان هناك من يعلم بها!

فأين الخلل في ذلك؟

واحدة من الأسباب التي أجدها باتت واضحة تتمثل بعدم الجدية في اعتماد الحلول، ووجود من هو مستفيد من حالة التدهور والخراب الذي يلف العراق اليوم، وثانيها أن إنجاز هذه الدراسات غدا من المسائل الروتينية التي لا روح فيها ولا طعم ولا رائحة.

وكذلك لا ننسى عاملاً مهماً للغاية ويتمثل بغياب المتابعة الجادة، واعتماد التقارير النظرية للإنجاز، واعتماد المجاملات سبيلاً للتعامل وبديلاً عن المصارحة الجادة المسؤولة.

ان الدولة الحية والفاعلة، تسير على فلسفة ورؤية واستراتيجية واحدة، وجهد المفاصل المختلفة كل واحد يكمل بعضها الآخر، فلا يمكن ان تسير عجلة التربية والتعليم بعيداً عن عجلة الاقتصاد، ولا الأمن دون الدراسات والأبحاث، والعكس صحيح، ولكن ما وجدناه سابقاً هو اعتماد منهج تفكيكي للإدارة والمعالجة مما يفقد العمل زخمه ولا يصل به إلى نتائجه المرجوة.

ويجب أن ندرك بأن النسيان لكل محاولات الاصلاح واهمال الكتابات والدراسات التي تضع الأساس النظري لها، لا يقل ضرراً وخطراً عن ذلك النسيان الذي يمتد في فكرنا وعواطفنا ويجعلنا ننفصل شعورياً عن زمننا ونعود إلى وقت بعيد بالغ السوء لتوهمنا أنه ــ لسوء واقعنا ــ كان الأفضل ونغفل كل السيئات التي كانت تفتك بحياتنا آنذاك، ناهيك عن ارتكاب خطيئة ايصالنا إلى هذا الحال!

النسيان نعمة ان كان يساعدنا في التغلب على جراحاتنا، ويمنحنا القوة لتغيير واقعنا، ويقطع الطريق أمام الالتفات السلبي والمعوق إلى الوراء.. ودون هذا وذاك فلن يكون النسيان إلا نقمة تزيد من أزمتنا ومعاناتنا..

فإلى كل حامل مسؤولية في وقتنا الراهن نقول:

احتفظ بذاكرة الماضي، ولا تنسى كل إضاءة ولو خافتة ركنت بعيداً في الدروب، واجعلها مرتكزاً لحاضرك، ونقطة انطلاق واجبة ولازمة لمستقبلك.