22 نوفمبر، 2024 2:50 م
Search
Close this search box.

الشيخ عبد الحميد البيزلي الريكاني

الشيخ عبد الحميد البيزلي الريكاني

سيرة ومواقف
القسم الرابع
وبعد أن عانى الشيخ عبد الحميد من مضايقات قوى الأمن التابعة لحكومة حزب البعث بسبب مواقفه المعارضة لسياساتهم، وعدم استجابته لطلباتهم بضرورة الدعاء للرئيس الاسبق صدام حسين أثناء الحرب العراقية – الايرانية؛ اضطر الى مغادرة بغداد في عام 1982م، وانتقل الى محافظة دهوك وبالتحديد اصبح إماماً وخطيباً في جامع مصيف سوارتوكا الواقع شمال مدينة دهوك بحوالي 25كم تقريباً .
وفي عام 1989م انتقل الى مركز محافظة دهوك، واصبح إماماً وخطيباً لجامع دهوك الكبير القديم، واستمر فيه لمدة ثلاثين سنة أي حتى عام 2019م.
يعد الشيخ عبدالحميد أحد مؤسسي في كلية الشريعة والدراسات الاسلامية في دهوك سنة 1992م، وابتدأ التدريس فيها، حيث نقل خدماته الوظيفية من وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية في إقليم كردستان إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، واستمر بالتدريس في قسم اللغة العربية في كلية التربية جامعة دهوك، فضلاً عن إشرافه على مكتبة الكلية، وبعد تأسيس جامعة زاخو عام2010م نقلت خمات الشيخ الى قسم اللغة العربية في كلية الآداب – جامعة زىاخو، وبعد أن تأسس قسم الدراسات الاسلامية في فاكولتي العلوم الانسانية – جامعة زاخو نقل الشيخ الى القسم المذكور حسب تخصصه. إلى أن تقاعد من الخدمة الجامعية في عام 2014م، علماً بأنه كان مستمراً في الامامة والخطابة تطوعاً أثناء خدمته الجامعية.
ترأس لجنة الإفتاء في اتحاد علماء الدين الاسلامي فرع دهوك لفترات طويلة في أواخر التسعينيات من القرن العشرين وبداية الالفية الثانية، وكان سبق له أن شارك في المؤتمر الاول الذي عقده علماء الدين الاسلامي في كردستان العراق في قصبة كلاله مقر الوعيم الكردي ملا مصطفى البارزاني في 21 شهر ايلول/ سبتمبر عام 1970م، بمشاركة 640 شخصية دينية علمية، وتمخض على إثرها تأسيس (اتحاد علماء الدين الاسلامي في كردستان العراق).
لقد كان تأسيس إتحاد علماء الدين الإسلامي كمؤسسة علمية ومهنية في كردستان خطوة مهمة في إتجاه ترسيخ دور علماء الاسلام في تعزيز مبادىء العقيدة والشريعة ونشر ثقافة التعايش وحب الإنسانية، وفي توعية المواطنين في عموم مناطق ومدن وقرى كوردستان. وبموازات ذلك أدى علماء الدين الإسلامي أدواراً مشهودة في مراحل النضال والثورة، وفي رفع مستوى الوعي الديني والوطني لدى الناس والتعريف بالحقوق الشرعية، ورفض الظلم والإستبداد والطغيان.
وكان دوره يتلخص في الحفاظ على الهوية الاسلامية لشعب كردستان العراق، وتعزيز مكانتها في المجتمع.
ومن جانب آخر كان الشيخ عبد الحميد قد ألقى العديد من المواعظ والمحاضرات في صوت الإذاعة الكردية في بغداد في الفترة ما بين 1978 الى 1985م، عندما كان متواجداً كامام وخطيب في جامع الفضل في بغداد، وحتى بعد انتقاله كامام وخطيب الى محافظة دهوك، ومن ضمن تلك المواعظ عشرات الحلقات من تفسيره (الحياة مع القرآن).
وسمى الشيخ تفسيره ب (زيانا دكه ل قورئانا بيروز) أي: الحياة مع القرآن الكريم, ويمكن تلخيص منهجه في تفسيره للقرآن الحكيم بالنقاط الآتية:
1- يبين الشيخ في مقدمته سبب قيامه بهذه المهمة الشاقة فيقول: أردت أنْ أقدم خدمة لبني جلدتي المحبين للإسلام، وأن أكون عوناً لهم على فهم معاني كتاب الله عزَّ وجلَّ.
2- بدأ الشيخ تفسيره بذكر بعض التعاريف المهمة المتعلقة بالتفسير، وبيان الفرق بين التفسير والتأويل، وشروط المفسر، ومن ثَمَّ بيان فضل القرآن الكريم وفضل تفسيره.
3- يبدأ الشيخ تفسير السورة ببيان مكيتها أو مدنيتها، ثم يتطرق الى بيان فضل السورة، فمثلاً يشير الى مكية سورة الفاتحة ويتجنب الخوض في ذكر الآراء المرجوحة التي تقول بأنها مدنية، ثم يذكر بعض الأحاديث عن فضلها مثل حديث عبدالله بن عباس – رضي الله عنهما – قال:[ بينما جبريل -عليه السلام- قاعد عند النبي – صلى الله عليه وسلم – سمع نَقِيضَا من فوقه، فرفع رأسه، فقال: هذا باب من السماء فُتِحَ اليوم ولم يفتح قط إلا اليوم. فنزل منه مَلَكٌ، فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم. فسلم وقال: أبشر بنُورين أُوتِيْتَهُما لم يُؤتهما نَبِيٌّ قبلك: فاتحة الكتاب، وخَوَاتِيمُ سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منها إلا أُعْطِيتَهُ]. رواه مسلم في صحيحه.
4- يذكر الشيخ الأسماء الأخرى لسورة الفاتحة وهي: أم الكتاب، أم القرآن، السبع المثاني، الصلاة، الشافية، الكافية، الواقية.
5- يتطرق الى ذكر المسائل الفقهية التي تشير إليها الآيات، ففي سورة الفاتحة يبين حكم قراءة سورة الفاتحة في الصلاة، وفي آيات الحج والصوم في سورة البقرة يذكر أحكام الحج والصوم بشىء من التفصيل.
6- يذكر سبب نزول الآية أحيانا، ولاسيما إذا كان ذلك ضرورياً، مثلا في قوله تعالى: { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ…}، البقرة: 158، ويذكر الشيخ رواية عاصم بن سليمان، قال: سألت أنساً عن الصفا والمروة، قال: كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية، فلما جاء الاسلام أمسكنا عنهما، فأنزل الله عز وجل: { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ…}.
7- القارئ لتفسير الشيخ يرى أنّه قد بذل جهداً كبيراً، ولاسيما في زمن كانت القراءة والكتابة باللغة الكردية والاهتمام بها ضعيفاً الى أبعد الحدود.
8- يركز الشيخ في تفسيره على الجانب الدعوي والتربوي, ويرد على المشككين والمغرضين من أعداء الدين.
9- سألت الشيخ عن التفاسير التي اعتمد عليها في تفسيره فكانت إجابته: استفدت من الكثير من التفاسير، ولكن الاعتماد الأكبر كان على تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي( المتوفى سنة 671هـ)، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير(المتوفى سنة774هـ), والتفسير الكبير لفخر الدين الرازي( المتوفى سنة606هـ)، وفي ظلال القرآن لسيد قطب(المتوفى سنة1966م).
10- هناك بعض الأخطاء الاملائية البسيطة وغير المؤثرة في تفسير الشيخ, ومن السهل تصحيحها.
وتجدر الاشارة إليه أنَّ للشيخ فضلاً عن تفسيره كتابات أخرى، منها تحقيقه لكتاب ( أحكام الصغار للاسروشني كما أسلفنا القول، وعناصر القوة في الاسلام (= عبارة عن خطب منبرية).

 

أحدث المقالات