عندما زرتُ قصر الحمراء في غرناطة ذات يوم , شدّ إنتباهي عبارة “لا غالب إلا الله” المكتوبة بخط عربي جميل , ومنحوتة بفنية راقية على المرمر والحجر الأبيض , الذي يكسي الجدران وبتكرارية متواصلة.
ويبدو أن بني الأحمر قد إتخذوها شعارا ورفعوها في راياتهم , وحينها تساءلت كيف يُغلب مَن يستوعب هذا المعنى الكامن في العبارة أو الآية؟
و”لاغالب إلا الله” , مرهونة بالتعبير الأمثل عن معاني “واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا”!!
فكيف إنهزم العرب في الأندلس إذن؟
والجواب في “ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم….”!!
وما جرى للعرب في الأندلس هو الفرقة المروِّعة , التي جعلت الأخ يستعين بعدوهما على أخيه , والإبن على أبية , وإبن العم على إبن عمه , حتى تشتت جمعهم وضاع ملكهم , وأصابهم الذل والهوان , وبكى أبو عبدالله على ملكٍ لم يحافظ عليه كالرجال , ومقولة أمه عائشة بحقه مشهورة.
هذا مَثل على الفهم السطحي لمعاني الآيات , وكيف يؤدي العمل الجاهل بها إلى ما يناقضها , ولا تزال آليات التفاعل الجاهل مع الآيات تطغى على وجود العرب والمسلمين , وتتسبب بإتيان ما يعادي الدين وينسف جوهره , ويدفعهم إلى حيث يهزم بعضهم بعضا.
وما يجري في الواقع العربي منذ أكثر من قرن , يدور في هذه الدائرة الإنقراضية المهلكة , فسقوط الأندلس بدأ قبل أربعة قرون من النهاية الحتمية , وبلاد العرب أوطاني تمارس ذات السلوكيات التي حصلت في بلاد الأندلس , فسلوك الإنهيار أُرضوي (من الأرضة) الطِباع.
فالجميع يتمنطق بالدين ويدّعي ما يدّعيه , وما يقوم به من أفعال ذات تأثيرات مدمِّرة للدين , حتى فقدَ الدين معناه , فالتجارب العملية لأحزاب الدين أوجدت الفساد والظلم والخراب وموالاة أعداء الأمة والدين , والعمل على تنفيذ أجنداتهم , وتحقيق برامجهم القاضية بفناء العرب بالعرب.
فهل يخبر العرب والمسلمون , معنى “لا غالب إلا الله” , وهل لديهم القدرة على ترجمة “واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا” , أم أن الفرقة دينهم ومذهبهم ومأخذهم إلى سقر؟!!