كيف هزم قطز هولاكو؟!!
سؤال لم يتم البحث في الإجابة عليه , إذ كيف لرجل أن يتحدى , ويؤمن بأنه سينتصر على عدوه , وهو أقل منه عدة وعددا , ودولته كانت تعيش إضطرابات وإنشقاقات داخلية , وقواته مشتتة.
من أين أتته تلك الإرادة والثقة لينطلق لمواجهة هولاكو ولا ينتظره ليأتي إليه؟
وكيف تجرأ على قتل مبعوثيه , وتعليق رؤوسهم في ميادين القاهرة ؟
إرادة فرد واحد هزمت جيشا , يُشاع عنه أنه من أعتى الجيوش وأكثرها توحشا وفتكا ودمارا.
لكي نعرف منبع هذه الإرادة الإنسانية المطلقة المشرقة , التي حطمت وجود إمبراطورية كانت تطمح بسيادة العالم , لابد من التعرف على صاحبها.
قطز إسم أطلقه عليه المغول , وإسمه غير ذلك , وهو من عائلة ذات شأن , وتربى على أنه أمير , لكن المغول إجتاحوا بلاده وقتلوا أهله وأسروه صبيا , وباعوه عدة مرات حتى إنتهى به الأمر في مصر , بعد أن إشتراه من إشتراه , فهو إنسان ذو ثقافة حضارية ودينية , ومن عائلة قيادية , وفيه موروثات القيادة ومهاراتها وعزيمتها.
وبسبب ما فيه من الطاقات والقدرات , تمكن أن يتقدم في دولة المماليك في مصر , حتى يتسنم زمام القيادة فيها.
ولا ننسى أن تجربته مع المغول لسنوات أطلعته على طبيعتهم ومصادر ضعفهم وقوتهم , وأكدت له بأنهم ضعفاء مهزومون , لكنهم يعتمدون على الإشاعات المرعبة , وما يجندونه من أبناء القبائل وهم يزحفون نحو أهدافهم.
ولهذا لم تخيفه تهديدات هولاكو , وحربه النفسية ضده , بل جابهها بسلوك غير مسبوق , وإرادة لا تخطر على بال؟
وكان صادقا في تقديراته وفهمه لهذا الجيش الواهم بأنه لا يُقهر , خصوصا بعد أن دمر بغداد وما تبعها من حواضر الدول العباسية.
فإنطلق بإرادة واثقة وعزم شديد , مع من إستطاع أن يحشدهم معه لإنجاز مهمته , وتمكن في معركة “عين جالوت” أن يهزم المغول شر هزيمة ما قامت لهم قائمة بعدها مهما حاولوا.
ولو إنه قتل بعد عودته من إنتصاره , بسبب الخيانة والتنافس على الكرسي , لكنه أنقذ البشرية من خطر عظيم , كان يتهددها , بل أنه حمى أوربا من المارد السفاح.
وهذا يعطينا درسا عمليا على أن الإرادة هي الأساس , فعندما تتحطم الإرادة تقع الهزيمة , فالشعوب تنتصر بإرادتها لا بسلاحها وقوتها وحسب!!