2-1
إذا كانت آمنة في (نسكافيه مع الشريف الرضي) رواية ميادة خليل السابقة، تخبرنا عن التراسل المرآوي بينها وبين ديوان (الشريف الرضي) وهو تراسل سيشملها وسواها ومن تعرفهم ومن لا تعرفهم :
(غرقتُ في الكتاب، كأن قصائده قصتي، قصص كل الناس الذين عرفتهم أو لم أعرفهم طوال حياتي.. لا يمكن أيجاد وصف لما حدث معي/ 40) فأن كتابا مسرودا عنوانه : (السياسات والعادات) وهو من الكتب الممنوعة :
سيفعل الشيء نفسه مع دعد أبيض في روايتها (مملكة النمل) لنستمع لدعد وهو أصدق قولا من إساءة تأويل قراءتي (الكتاب قلب َ حياتي وعقلي/ 45) ويخبرنا عن مؤثرية الكتاب عليه (عدتُ البارحة إلى قراءة الكتاب مرة أخرى، وما أن انتهيت منه حتى اشتقتُ لقراءته من جديد..) وبمؤثرية القراءة يكابد دعد من هذا المزدوج القيمي : (أحب أن أعيش الحياة التي سعى لها الكاتب و لا أريدها أن تكون واقعا) أن دعدا يريدها حياة ً محلومٍ بها !! وحين يفكر جماعيا وعبر المفترض الزجاجي يسأل نفسه (وهذه الكتب؟ هل سيجدها النظام الجديد خطيرة؟/ 80) ثم يقوم دعد نفسه بالترويج التقني لكتاب (السياسات والعادات) ويطالب من الذين يتهجمون على الكتاب أن يغادروا قناته ثم يكرر ما قاله سابقا (هذا الكتاب : نظّف عقلي، نفض أتربته، ونفخ في دهاليزه وأوعيته/ 101)
(*)
في الصفحات الأخيرة من رواية (مملكة النمل) نجد تجاورا نصيا مع كتاب(ألف ليلة وليلة) إذ بين الحين والآخر تنزل إلى المكتبات نسخة ،جديدة من ألف ليلة وليلة، وفي حيازتي الآن النسخة المطبوعة في 2020 من كتاب ألف ليلة وليلة، وهي من أربعة مجلدات وعلى غلاف المجلد الأول مكتوب (النص الكامل بدون حذف) ..
(*)
أين التجاور بين الليالي الألف وكتاب(السياسات والعادات) في رواية (مملكة النمل)؟ جاء في ص127 من الرواية الكلام التالي عن(السياسات والعادات )..(هذا الكتاب لا توجد منه نسخة تشبه الأخرى) (مازال يُباع ويربح)(نشره ناشرون كثر) (مع مرور الزمن أصبح الكتاب مقدسا ولا يمكن التشكيك في أي رأي كتبه الكاتب الذي لا نعرف حتى الان من هو وما أسمه..) وكذا الحال مع ألف ليلة وليلة فالمؤلف مجهول وطبعات (ألف ليلة وليلة ) تختلف في الجزئيات ونسبة الحذف من النص الأصلي وكابدت ألف ليلة وليلة هجومات شتى بين الحين والآخر
(*)
إذا كان كتاب (السياسات والعادات) قد أحدث متغيرات ٍ عقلية ً جديدة ً لدى دعد، فأن أشعار الشريف الرضي تركت ظلالها على مخيال آمنة في (نسكافيه مع الشريف الرضي).. إذ يتحول المسطور الشعري : إلى رؤيا لوجه الشاعر وملامسة صوته :(شيء غريب ينتابني كلما قرأت ُ في هذا الكتاب، كأني أسمع صوت الشريف الرضي، بل وأشعر بوجوده أحيانا ،لذا تخيلت شكله، رسمت له صورة في مخيلتي . مثلا صورته وهو يلقي قصيدته/ 40)
(*)
في رواية (مملكة النمل) دعد أبيض لا يقرأ الكتاب إلاّ في الغرفة الخلفية يتوجه إلى الغرفة حافيا كي لا يشعر به أحد/ ص13،
(*)
في رواية (نسكافيه مع الشريف الرضي) : آمنة حين تريد قراءة الكتاب، تغلق الإنارة وتفتح الستارة، ليدخل بعض الضوء من الشارع / ص40
(*)
المشترك الأهم بين آمنة ودعد أن كلاهما لا دخل له بالكتب !! تخبرنا آمنة في رواية (نسكافيه مع الشريف الرضي) : (لم أهتم بالشعر يوماً ولا بالكتابة ولا حتى الكتب) وكذا الحال لدى دعد وعلاقته بالكتب .كما أن آمنة لا تقرأ لتتثقف.. آمنة تحاول قراءة الملتبس والمسكوت عنه من حياة ديفيد، فهي غير معنية بالثقافة أو التثقيف الذاتي (منذ زمن طويل لم أقرأ. في بيتي لم يهتم أحد بالقراءة. لدينا كتابان فقط قرآن وكتاب الأدعية../ 30) إذن دافع القراءة لدى آمنة هو المخبوء من حياة ديفيد.
(*)
تقنية السرد في الروايتين تستعمل التعديد الصوتي، في (نسكافيه) تستعمل الترقيم وتكون الرواية من (44) مرقمة . أما في (مملكة اللون) فالعناوين الفرعية بغزارة تؤدي أحيانا وظيفة الفاصل الإعلاني في الفضائيات، التي تكمم متابعتنا لما يعرض أمامنا.
(*)
الكتاب المقروء هو المهيمنة ذاتها في الروايتين، والشخصية المحورية في الروايتين يتم تصنيع وعيها الجديد بمؤثرية القراءة. والروايتان تمتلكان عناصر التشويق والمختلف متوفر في الرواية الثانية ، وهو مدار حديثنا في القسم الثاني من المقال
ميادة خليل / مملكة النمل/ منشورات نابو/ بغداد/ ط1/ 2019
مقداد مسعود/ كيفية المسؤول (نسكافيه مع الشريف الرضي) والروائية ميادة / موقع الحوار المتمدن