الأقلام العربية بأسرها تكتب على وجه الماء!
فلا مَن يرى ولا مَن يسمع!
فلماذا تكتب الأقلام؟
الأقلام التي بحثت وحللت وإستنتجت ودرست وشخّصت وعالجت , وكل ما أبدعته ماهو إلا كلمات في الهواء تذرها رياح القدرات السيفية (من السيف) , والإرادات السلطوية الديمقراطية الإستبدادية الأبية المؤزرة بنصرٍ عزيزٍ من عند الآخرين!
الذين يقولون بأن العرب لا يمتلكون مفكرين ومثقفين وفلاسفة وباحثين , وعلماء ومبدعين ومدركين لجوهر المشاكل والمعضلات , فأنهم يكذبون ويفترون عليهم بما ليس فيهم.
العرب أبناء حضارات , وعقولهم ذات قدرات متميزة , ويفقهون ويفهمون ويعلمون ويتعلمون ويعاصرون , ويشيرون إلى مواطن الخلل , ويقدمون الوصفات الحضارية المعاصرة الشافية , التي تساهم في عافية الأجيال , ووقاية المستقبل من أوبئة الضياع والخسران والهزائم والإنكسارات.
العرب يفكرون ويكتبون , ولديهم أقصى المهارات لإيجاد الحلول لجميع مشاكلهم وتحدياهم , ويمكنهم أن ينتقلوا بأحوالهم إلى أحسن وأرقى الأحوال.
ففي السنوات العشر الماضية , سطر العرب أدبا وفكرا وأبحاثا ودراساتا ومنطلقاتا , ورسموا خارطة طريقهم الحضاري الأقوى والأفضل , وقد أترعوا الصحف والمواقع الإليكترونية بدرر عقولهم , ونظرياتهم وتصوراتهم وطموحاتهم وآمالهم , وما كتبوه يتفوق على ما كتبه الكثير من أبناء الأمم الأخرى , فهم المهتمون بأمتهم وواقع حالها وما يصيبها , فيجتهدون بالذود عن حياضها وسيادتها ودورها وقيمتها وتراثها ورسالتها افنسانية.
وبسبب نشاط أبناء الأمة في الفكر والثقافة , توفر لقادتها معين إستشاري لا ينضب من الأفكار والحلول , والإقترابات والإرشادات الخالصة النزيهة الذكية , التي لو تفاعلوا معها واستناروا بها , لحققوا إنجازات وطنية متطورة ومساهمة في رقاء وتقدم وأمن وأمان بلدانهم.
لكن العلة أن أصحاب الكراسي لا يقرؤن , ولا يعتبرون ما تكتبه عقول الأمة بذي منفعة , وإنما هو من إبداع المناوءة والمشاكسة والتعارض والعدوان على الكرسي.
وربما أن سلوكهم ونظرتهم فيها معقولية , لأنهم في دول تتحكم فيها المصالح , وأنظمة حكمها على مقاسات المصالح المطلوبة , وبسبب ذلك فأن هناك تقاطع بين ما يكتبه أبناء الأمة , الذين يتوهمون بالحرية والسيادة والكرامة والقوة , وبين ما يراه الذين يقومون بالحفاظ على المصالح المطلوبة , وتأمينها بأحسن وجه وسلوك.
فما قيمة الكتابات التي تتقاطع مع مصالح الآخرين , الممتلكين للبلدان والدول بثرواتها وشعوبها وأنظمة حكمها؟
ولهذا من الأفضل أن يكسر أبناء الأمة أقلامهم , ويعترفون بهزيمتهم وقلة حيلتهم , لأن نهر المصالح دفاق وتياره أعتى تيار , يجرف كلماتهم ويطهر السطور من حبر أوهامهم , فالمصالح هي الدستور والقانون , وعليهم وعلى تطلعاتهم الوطنية الفاتحة والسلام.
وللمصالح أقلامٌ وحُكّام…!