23 ديسمبر، 2024 10:43 م

احذروا أيها العراقيون

احذروا أيها العراقيون

الحرية باتت محرمة وعصية على العراقيين في عراقهم الجديد ، أما القتل والكذب وسرقة المال العام فحلال!الفاشلونَ يتمسكون بالقشور ويتجاهلون الجوهر، يدعون بما ليس فيهم، ويتمنون بما لا قدرة لهم عليه!.
بغداد كانت قبلة العلماء، وهذا لا جدل فيه، وظلّت جمجمة العرب لزمن طويل، وهذا لا شك فيه، وغدت في عهود ماضية تكتب وتطبع وتقرأ، وهذا ما يشهد عليه الغرباء قبل الاصدقاء!.
أما اليوم فبغداد خربة تنعق فيها الغربان، يحكمها ساسة يحرمون المواطنة والكلمة الصادقة ، والنفوس الابية حتى ان أصحاب السلطة لا يثقون الا بمن يخدعهم او يظلهم عن جادة الصواب ، فيطلقون عليهم القاباً واوصافاً ما انزل الله بها من سلطان ، اما المخلصون أصحاب الخبرة والغيرة والشهامة فان مكانهم في الدرك الأسفل من النار، ينظر اليهم بطرف عين وكأنهم الشياطين الذين يتبعهم الغاوون ، اما الكذابون والافاقون الذين يدعون قربهم الى الله ، صاروا موضع خلاف واختلاف ، فالكل يدعي بالوقار والايمان  حتى بلغ الحد عند بعض الناس من الحيرة ما يجعلهم في شك من انهم الأكثر قرباً الى الله .
أصبحت عواصم المحافظات مكللة بالسواد لكثرة من فجعوا في حرب شنها العبثيون من أصحاب المنفعة الذين لاهم لهم سوى ان يتمتعوا بمناظر المفجوعين والخراب واليأس الذي يستوطن النفوس ، والخيبة التي تجهز على امال العراقيين فتقتل احلامهم .
قرأت خبراً في احدى الصحف مفاده ان رئيس وزراء لاتيفيا استقال من منصبه بعد انهيار سوبر ماركت الذي اودى بحياة 54 شخص ، توقفت عند هذا الخبر وانا مصاب بالذهول الذي افقدني التفكير ، متسائلا في نفسي أي اخلاق فرسان يحملها هذا الرجل ، واي قلب يحمل بين ضلوعه ، الذي جعله يعتصر الماً وحزناً وشفقةً على الأرواح التي زهقت في هذا الحادث الذي انساه كل شيء ، ليخط قلمه استقالته من المنصب ويحظى بما هو اعز وانبل من الكراسي الزائلة ، ويتوج نفسه خالدا في قلوب الناس وذاكرتهم.
في بلدي يذبح الناس افرادا وجماعات دون ان يتحرك ضمير الحاكم ، او ان يسري في وجدانه الاسى والحزن ، واذا أراد ان ينزل من قصره العاجي ليواسي او يعزي من فجعوا ، فانه يختار بعض الكلمات التي من شانها ان تولد الضغينة والعداوة لدى أبناء الشعب الواحد لتفرق وحدتهم وانتمائهم ، وبدلا من مؤازرتهم وتخفيف همهم ، يستمع الى عقول مستشاريه الضحلة التي تحول المغدورين والمفجوعين الى مجرمين وقتلة ولصوص ومتآمرين ، ثم يسدل الستار في خطاب اسبوعي متلفز يوجه الى الشعب المنكوب ، بان قافلة القتلى والجرحى ستستمر وان الديمقراطية يستحق محرابها ان يراق لها انهارا من الدماء كي تستمر العملية السياسية ( اللصوصية ) وان على المواطن ان يتأنى بالصبر لان القادم سيكون الأسوأ ، خصوصاً في ظل عمليات القتل والتهجير التي تسبق الانتخابات البرلمانية المقبلة . السلام على أصحاب الضمائر الحية التي تفجع بأبنائها واحبابها كل يوم … ولا سلام على الذين سقط الحياء من وجوهم وجباههم فاستباحوا البلاد والعباد  .