كنا ومازلنا نحن فقراء الوطن المحرومين والمهمشين من علماء ومثقفين نسخر من هذا القدر ومن هذا الزمان الرديء ، ونتسلى بالأمثلة الشعبية والحكايات الأسطورية ، ونواسي أنفسنا لأن كل ما يتكرر من حكايات في شهر نيسان من كل عام تثبت أنها أكاذيب مفبركة وإشاعات مغرضة ودعايات مضحكة .
ولكن الأكثر عجبا في زمان التغيير الديمقراطي ومنذ 2003 وإلى أجل غير مسمى أن الأساطير والأكاذيب ستجد طريقها إلى الواقع وتتحقق رغم إن أصحابها أنفسهم كانوا يشيعون عن أنفسهم هذه الأمنيات ، ولكنهم يعتقدون بأنها أشبه بحكايات إلف ليلة وليلة ، ولكن سخرية القدر جعلت هؤلاء الإنتهازيين المتملقين الذين لهم كل يوم عقيدة وإنتماء يركضون ويلهثون في اليمين والشمال وراء المناصب والمكاسب ، وفي سبيلها يتحملون كل شيء ويعطون كل شيء بدون حساب أو حدود ، ولعل هذا الجري والإستعراض الماراثوني هو الذي حول الحكايات إلى مراسيم ديوانية يوقعها بالأخضر والأحمر قادة هذا الزمان ويصبح الحمّال في حكاية الحمّال وسبع البنات وكيلا ومتنفذا ووزيرا .
لقد إخترق البعض من الطارئين بعد سقوط النظام أغلب مفاصل الدولة وإحتلوا مناصب ليست لهم ، وراحوا يتحدثون عن الوطنية وحقوق الناس بعد إن كانت لهم صولات وجولات إبان حكم القائد الضرورة ، وكيف كانوا يتفننون بتعذيب الناس وقتلهم وإعتقالهم ورميهم في دهاليز الأمن العامة وحاكمية المخابرات ، والمقابر الجماعية خير شاهد على جرائمهم وخستهم ، والبعض من هؤلاء اليوم تجول بين كل الكتل والأحزاب وعرض خدماته ما بين هذا وذاك ، وفي آخر الزمان تحقق له ما أراد بفرمان أثار سخط وعجب العباد .
وحكايات النساء اللواتي إخترقن الإمبراطوريات فالتاريخ شاهد على خطورتهن وكيف لعبن أدورا في إسقاط كراسي ملوك وسلاطين ، والبعض منهن سطرن بطولات غيرت مجرى التاريخ ، ونحن لا نقارن اليوم بزمان الجبابرة والملاحم الأسطورية ، لكن حكايات نسائنا اليوم يشيب لها الطفل الرضيع قبل الكبير ، فالبعض منهن وخاصة من دخلن إلى اللعبة السياسية في العهد الديمقراطي وهن لا يميزن بين كان وأخواتها ، والبعض منهن لم تنه دراسة ولم تحصل على شهادة ، ولم يكن لديها ممارسة أو دراية ، وأخرى كانت بارعة وعريفة حفل متألقة في إحتفالات عيد ميلاد الرئيس وملمّة بكل أساليب النفاق والتملق والتغنج ، وآخريات أتى بهن القدر تحت قبة البرلمان ولم ينطقن بكلمة واحدة في دورة كاملة .
إن الناس باتوا يفقدون الأمل بإمكانية الشرفاء بالحصول على إستحقاقهم في زمن أصبح فيه بعض أمثال هؤلاء الفاشلين يدخلون تحت جلباب القادة الذين استأمنهم الشعب على حياته وثرواته والمناصب التي من المفترض أن تكون لأصحاب الكفاءات لا للجهلة والمنافقين والمتلونين .