خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
“لا أملك أمنيات. كنت في عملي حتى المساء. لا وقت لدي لأفكر في الأمنيات”.. لقد أصابت هذه الكلمات التي صدرت عن فتى عامل، لا يتجاوز الثالثة عشر، صدمة الجميع، لا أحد يعمل إذا كان هذا الكلام مُعد سلفًا أم هو فعلاً من مخيلة طفل. ومن غير الواضح، حتى اللحظة، إذا كان قد اختار الموت لأنه لا يملك أمنية، أم هناك سبب آخر وراء وفاته. وقد تسبب نبأ وفاته الطوعي في صدى كبير على وسائل التواصل الاجتماعي. بحسب صحيفة (جهان صنعت) الإيرانية.
انتحار طفل كل 60 ثانية !
أنهى “رضا” حياته طواعيةً، بعد مرور خمس سنوات؛ على ظهوره في أحد البرامج التليفزيونية، حيث أخبر الجميع أنه يعمل ليل نهار كي يوفر الطعام لأسرته.
وحين سأله مقدم البرنامج عن أمنياته؛ أجاب: “لا أملك أمنيات، لا وقت لدي لأفكر في الأمنيات”. ولم تطرق التقارير إلى أسباب انتحار هذا الطفل، لكن أصدقاءه يربطون السبب بالمشكلات الاقتصادية والأوضاع المعيشية.
وبحسب إحصائيات “منظمة الصحة العالمية”، يلقى مليون طفل سنويًا حتفهم في حوادث انتحار، أي كل 60 ثانية يفقد طفل حياته انتحارًا. وطبقًا للمخلص السنوي للطب الشرعي، فقد أقدم نحو (5143) شخص على الانتحار، في عام 2019م فقط، بينهم (3626) رجل و(1517) سيدة.
زيادة في نسب الانتحار بين الشباب في إيران..
لكن إحصائيات انتحار الشباب والأطفال سرية للغاية في “إيران”، ولا توجد إحصائيات رسمية معلنة. لكن قبل أيام حظيت تصريحات، “سيد محمد بطحايي”، وزير التربية والتعليم السابق، عن تبعات الكنكور، (امتحان تأهيلي للجامعات)، بصدى كبير على الفضاء الإلكتروني، وفيها: “في السنوات الماضية، انتشرت على المواقع الإخبارية المحظورة؛ الأنباء عن انتحار العشرات من المتقدمين لاختبارات الكنكور بسبب الرسوب والقمع والإحتقار داخل الأسرة”.
وتُشير الأقاويل إلى زيادة مطردة في إحصائيات الانتحار بين الأوساط الشبابية، لا سيما في المحافظات. ولعل السبب نقص الإمكانيات الاقتصادية والاجتماعية في هذه المناطق. ولا يرون طريقًا لتلبية مطالب الحياة الحديثة التي يرونها على شبكات التواصل الاجتماعي.
وتروج هذه الشبكات، بشكل مباشر أو غير مباشر، لأنماط حياتية معينة، وانعدام الإمكانيات والتوزيع غير العادل بالنسبة للشباب في المناطق المحرومة، قد يدفع هؤلاء الشباب إلى اتخاذ قرار مفاجيء والحاق الضرر بأنفسهم.
الفقر و”كورونا” كماشة انتحارية !
وأظن أن إحصائيات وفيات الانتحار تزداد في المدن الصغيرة. من جهة أخرى فإن شيوع جائحة فيروس (كورونا)؛ وملازمة الشباب للمنزل، والقضاء على النزهات وتبادل الزيارات الأسرية، ضاعف من ضغوط الشباب.
وعليه فأجواء جائحة (كورونا) والأزمات المالية، والاجتماعية، والاقتصادية، وملازمة المنزل، وإنقطاع العلاقات، زاد بشكل أكبر من المشاعر السلبية في عمليات الانتحار وإيذاء النفس.
ولا ننسى كذلك تفاوت المستويات المعيشية بين هؤلاء الشباب، إنما يحفزهم على الانتحار. بعبارة أخرى فإن استعراض بعض الشباب حياتهم على الفضاء الإلكتروني يدفع البقية إلى المقارنة التي ربما لا تستند إلى أساس منطقي، لكنهم يفعلون ذلك على كل حال، وبالتالي تزداد وتيرة الاضطرابات السلبية ولا يجدون بديل عن الانتحار للسيطرة على هذه الاضطرابات.
الانتحار للجميع..
ولا تختلف عمليات الانتحار بين الشباب والأطفال، في حين تختلف موجة الانتحار بين الأوساط الشبابية عن الكبار. إذ تتسم خطة الكبار للانتحار بالقوة. وهم يسعون إلى عدم لفت الإنتباه؛ بعكس الشباب.
ولا يوجد اختلاف كبير في مقارنة الإحصائيات العامة للانتحار بين الذكور والإناث، لكن نسبة الانتحار الناجح بين الذكور أكثر من الفتيات. والإحصائيات الأخيرة تثبت أن الشباب أكثر عزمًا على الانتحار ويختارون أساليب أكثر خطورة في تحقيق هذا الغرض.
وربما تزداد ميول الانتحار بين الأوساط الشبابية، في الفئات 13 – 16 عامًا. ويمكن أن يحول (من المنظور الاجتماعي)، حل المشكلات الاقتصادية، والقضاء على الفجوة الطبقية، وإقرار العدالة الاجتماعية، دون تفاقم الأزمة.