تنتمي بعض الأنظمة العربية إلى منظومة سياسية في غاية التخلف والغباء وهذا يفسر إستخدامها للقمع والتعسف مع شعوبها ونخبها العلمية والثقافية والإعلامية خاصة لأنها تخاف من المستقبل وهي رغم كل ما جرى لم ولن تأخذ عبرة من دروس الماضي حيث تساقطت الأنظمة واحدة تلو الأخرى وإنهارت الشعوب حتى أصبحت تعيش تحت خط الفقر وحكامها ينفقون المليارات على التسليح وأجهزة الأمن لتثبيت كراسيهم .
لقد إعتقدنا إن سقوط الطاغية صدام في الطريقة المعروفة التفاصيل سيترك أثرا في عقول وقلوب الذين سيتولون الحكم من بعده وينشرون الديمقراطية والعدل والمساواة ويقضون على الفقر بين الناس ولكن تجري السياسة بما لا تشتهي الشعوب .
وهذا الشعب الذي ضحى ويضحي بالغالي والنفيس بدمه وأشلاء أبناءه وتضحيات أخرى لم تعهدها الشعوب قدموها قربانا للديمقراطية وكانوا يتسابقون لوضع أصواتهم في صناديق الاقتراع لإختيار برلمان كانوا يعتقدون أنه سلطة تشريعية تعطي للشعب ولا تأخذ منه وتمنح الثقة لحكومة من الكفاءات الحقيقية من أصحاب النزاهة والشرف الرفيع والإيثار في النفس لتعويض أبناء الشعب وخلق تنمية حقيقية لا تفرط من خلالها دولارا واحد أو يستثمر كل سنتا لتنمية البلاد وإسعاد العباد ، وهذا الكلام كان فرضية أثبتت الوقائع عكسها بالتمام والكمال .
لقد إنهارت الطبقة الوسطى منذ عام 2003 وحتى الآن وظهرت المهراجات المليارديرية وهي طبقة بعض النواب والوزراء وبعض القادة والمستثمرين والسماسرة والمقاولين وأغلب الحاشية الديمقراطية التي تبتلع 80 % من ميزانية الدولة ليصبحوا أغنى رجال العالم وفي المقابل تدهور الوضع الاقتصادي وأصبحت البلاد غير منتجة وأصبح 80 % من أبناء الشعب يعيشون حياة مزرية وبينهم 20 % لا نعرف لهم أصلا أو فصلا أو كفاءة أو نزاهة يعيشون حياة الأمراء وبعضهم من مزدوجي الجنسية والولاء وهم بذلك يكررون مأساة الماضي ولم يتعظوا من حكم الأباطرة والمتسلطين .
إن ما يجرى في العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا وتونس مازال يكشف حقيقة ساطعة تتمثل بان الفقر الذي قاد الشباب إلى الانتحار وأمام الناس إحتجاجا على الظلم الإجتماعي . يقابله الآن في العراق موجات من المتطوعين في المجموعات المسلحة من كلا المذهبين سيكون رد فعلهم ذات يوم مدمرا وسيحرق الأخضر واليابس وستسقط كل الكراسي وتسيطر النقمة الإجتماعية على كل شيء وستكون البلاد مهددة بدمار كامل وخراب لا مثيل له لأن هذه الجيوش التي تنمو تحت الأرض بإمتداداتها الخارجية لها أجندات تغرد باسم الفقر والشعور بالظلم .
هل ستتدبر حكومة الكاظمي أمرها وتحتوي هذا الإنفجار المرتقب وتنجح بإنعاش الإقتصاد وتشغيل العاطلين عن العمل وإسكان المهجرين والمشردين والباحثين عن سكن لائق ..؟
وهل سيتنازل أعضاء البرلمان وأصحاب الدرجات الخاصة عن رواتبهم الخرافية وإمتيازاتهم غير العقلانية لكي تستثمر في خدمة الفقراء ..؟
هل سينجح الكاظمي بالقضاء على الفساد الذي نخر كل شيء في البلاد ..؟
هل سينجح بإعادة أعمار العراق والعاصمة بغداد التي باتت خربة ..؟
هل سينجح بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب ..؟
هل سينجح بالقضاء على الفقر في بلد النفط ..؟
هل سينجح بدعوة جميع الأسر التي هاجرت أو هجرت وانتشرت في بلاد الغربة أو الدول المجاورة للعودة إلى العراق وتوفير لهم كل إحتياجاتهم وإستحقاقاتهم وإنقاذهم من حياة الغربة عن بلدهم وأهلهم ..؟
هل سينجح بأطلاق سراح المخطوفين وإلقاء القبض على الجناة والقتلة الخارجين عن القانون ..؟
هل سينجح بتوفير شارع ورصيف نظيف يصلح للإستخدام البشري ، وهل يستطيع أن يوفر الماء الصالح للشرب وإعادة التيار الكهربائي ومفردات البطاقة التموينية ويوقف الفيضانات أثناء المطر ، حيث فشلت الحكومات السابقة في ذلك رغم إننا أنفقنا مئات المليارات الذي ذهبت إلى جيوب الفاسدين والمرتشين ..؟
هل يستطيع إعادة ترميم المستشفيات والضرب بيد من حديد على المتاجرين بأرواح المرضى في هذه المؤسسات والدليل ما حصل بعد جائحة كورونا اللعين ..؟
هل يستطيع أن ينزع فتيل زلزال ثورة الجائعين والمظلومين أم نقول لا حياة لمن تنادي .