أبتلي العراق بسياسيين ” نص ردن” منذ عام 1958 و لحد يومنا هذا، فلا الخطط موجودة و لا التوازن في المواقف مطلوبا، فيما الأنانية الشخصية و الانغلاق الحزبي قبل الطائفي لعب دورا تخريبيا في النفوس و العقول، يدفع العراقي الطيب ثمنه صباح مساء أمام ” ردح ” سياسي يختلف فقط بوسائل و وجوه التنفيذ، لذلك فلا عجب من تحول سياسيين عراقيين الى ” خبراء حرب و فلاسفة في الدعم اللوجستي و التوازن الدولي” ، وهم يبتدعون سيناريوهات عن طبيعة وسقف العمليات الأمريكية المبرمجة في ” حملة سوريا” ..
يقدمون تصورات ” منمقة جدا” عن مراحل التنفيذ واقدرات المناورة و دور المصالح الدولية و القوى ” البديلة” ، و كأنهم يجعلون ” كارثة” أخطائهم الأمنية والوظيفية في العراق، أو ربما لأنهم تفقهوا في ركوب المخططات الخارجية أكثر من ساعات الدراسة الصف الأول بابجدية التعامل مع أولويات الحكم الحقيقية.
ما يثير الأستغراب أن أغلب “سياسي الأحتلال” 2003 يعارضون العمل العسكري ضد النظام السوري، ليس حبا به بل خلطا لأوراق عبثية و مجاملات طارئة ، وكأنهم لم يهبطوا بمظلات خارجية لحصد مكاسب موجة تغيير الوجوه بارادة خارجية، حيث يوظفون مستفيدين انقسام التعاطف و تعاظم موجات المزايدة والنفاق و نسج روايات الأنتقام بنفس الطريقة و هويات الممثلين، التي ساقت العراق الى مقصلة الأحتلال و التشرذم الطائفي و القومي عام 2003.
بعد 10 سنوات يعاد بناء الطلاسم و تقديم الفشل و كأنه أنتصار في حلة جديدةوبما يزيد من سوداوية المشهد، رجال الاحتلال يتحولون الى ابطال للمقاومة و اللاعنون للمشروع القومي يتسابقون على تبني المواقف العربية المتشددة ، فيما تتوزع االجماعات المسلحة على كل الاتجاهات لتحقيق أحلام المتخاصمين، ويعاد توجيه المرسلات الاعلامية نحو المنطقة بذات السيناريو الذي سبق احتلال العراق،، مقابلات تلفزيونية .. ضغط نفسي ..تصريحات نارية لغة خطاب غير متجانسة مع امكانيات ذاتية، حوار طرشان بين القيادة والجماهير و تضليل للقوات المسلحة بشأن عمليات التحشيد على الطرف الأخر، ومراهنة ميتة على ” مصالح دولية” لم تشوش على رحلة ” زرزور” الى العراق.
لايحق لأحاب “فنطازيا ” التجح تقديم مستقبل سوريا قربانا للمزايدات و مشاريع اعادة الاعمار، مثلما لا يحق لاية جهة وضع القيادات العسكرية و السياسية السورية الوسطى في زاوية الخيانة، لأن ذلك سيقود الى عراق جديد بكل المقاسات ، ثم لماذا لم ينصح ” المتشدقون” النظام السوري قبل وقوع الفاس بالراس، هل لأن هذا الأخير لايأتمنهم أو عدم القناعة بهم اصلا!! لا فرق فالنتيجة واحدة ، تائهون في الصحراء يعطلون راجمات صواريخ الأطلسي ببندقية ” منكاش””.
غزو العراق فتح شهية الكبار لضرب القرار الوطني العربي في الصميم لذلك فان التيارات التي هللت له لا يحق لها ابداء رايها في مساوئه لأنها شريك رئيسي فيها، والذين يراهنون على الديمقراطية بقذائف المصالح الأجنبية يلهثون وراء سراب الحكمة في زمن اللاوعي، لذلك فان صوت العقل السوري يجب أن يكون مسموعا ليغطي على ضجيج المساومين، لأن الخاسر الوحيد هو أهلنا في سوريا، الذين لم يسلكوا دروب الطائفية و الشعوبية، وحافظوا ” بشق الأنفس” على خياراتهم القومية، التي كانت، حتى الأمس القريب” عدوا للمتملقين اليوم!!
ليس من حق أغلب السياسيين في العراق تقديم دروسا في الوطنية و التضحية والمقاومة، لأنهم يخالفون في ذلك حدود الله في المصداقية، فغالبيتهم كانت لتبقى في دهاليز النسيان لولا عنجهية القوة الأمريكية وعقلية الأحتلال، خاصة وأن 90% منهم لم يخضعوا لتحقيق بمركز شرطة في ناحية نائية، رغم أنهم جميعا اصبحوا مناضلين من الخط الأول بعيد ساعة صفر الغزو!!
ما يتطلب من الأشقاء في سوريا قراءة عاقلة للأحداث و الشخوص فلاقضية لا تتعلق بالدفاع عن نظام أو مؤسسة حزبية بل عن بلد و شعب و أخوة عربية، نصيحة من القلب الا يقع السوريون بفخ اللا مسؤولية الوطنية في العراق!!و الأ يكرروا المراهنة على دور خارجي فهو طريق اللاعودة!!
رئيس تحرير” الفرات اليوم”
[email protected]