المنطقة مبنية على آلية تناحرية يتحقق إدامتها ويتواصل إيقادها ولا يمكنها أن تتوقف لأنها تتعارض والمصالح والمطامع.
وهذه الثلاثية تتلخص بوجوب التناحر ما بين إيران وتركيا والدول العربية , وفقا لمقتضيات المصالح وتطوراتها والمستجدات المتصلة بها.
فالعلاقة ما بين إيران والعراق لا يجوز أن تكون طبيعية وذات منفعة متبادلة , وكذلك مع تركيا , ومعهما وباقي الدول العربية.
فإذا حصل تقارب مع أي دولة يتحقق تعادي مع أخرى وأكثر.
وهذا ما يدور في الواقع , فإيران مع دول عربية وضد أخرى , وكذلك تركيا , ولا جديد في الأمر , فمنذ نهاية الحرب العالمية الأولى والأمور تجري على هذا المنوال وما تنبه العرب , فهل وجدتم علاقات طيبة ما بين العراق وجيرانه مثلا؟
وهل أن علاقات إيران وتركيا بالدول العربية طبيعية؟
هذا واقع سلوكي قائم ودائم , والذي يتصور غير ذلك لا يمكنه أن يأتي بدليل قاطع أو ببرهان مبين.
فلو تأملنا العلاقات العراقية السورية , والعراقية الإيرانية , سنكتشف أنها سلبية مضطربة منذ أكثر من سبعين سنة , ولن يتحقق إستقرار في العلاقات الإيرانية السورية العراقية , لأنه لا يتوافق وإرادة القوى المهيمنة على المنطقة.
قد يقول قائل إنها دول ذات سيادة ومن حقها أن تبني علاقات , لكنها عجزت عن ذلك , لأنها بلا إرادة وعليها أن تنفذ وحسب.
وما يجري في المنطقة أن حكوماتها تنفذ ولا خيار عندها غير التنفيذ , وكل حكومة تقوم بدورها لكي تبقى في الحكم.
فلا ديمقراطية ولا حقوق إنسان , وإنما البشر أرقام , والكراسي مدعومة من أسيادها للقيام بواجباتها المرسومة والمحكومة بها , وإلا ستنتهي إلى آبار الإمتهان والخسران قبل الأوان , كما حصل للسابقين , الذين توهموا القوة وأوهموا الأجيال بالسيادة وإمتلاك المصير , وتبين أنهم كانوا يجلسون على الحصير!!
فهل من سلوكٍ وطني حصين؟!!