“وإذا المنية أنشبت أظفارها……ألفيتَ كلَّ تميمةٍ لا تنفعُ”
ما يحصل في دنيا الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي وتصريحات السياسيين , إستحضرَ هذا البيت لأبي ذؤيب الهذلي , وقد حفظناه في مرحلة المتوسطة وتعلمنا منه الإستعارة المكنية.
الأمر محيّر لأن توسونامي الهلع والرعب أصاب العالم بأسره , وأوقع قادة الدول في محنة المخاوف مما لا تحمد عقباه , ومعظمهم تبدو عليه أمّارات الإستسلام , وكأنه يردد البيت المذكور أعلاه.
وكأن عيون ميدوزا قد تقمّصت كورونا , فأصبحت الدنيا على شفا التجمد والتحجر والإنتهاء , وتناسى الناس أن الأرض تعصف فيها الأمراض والأوبئة والكوارث الطبيعية والمجاعات وغيرها من الآفات المدمرة للحياة , وخلقها يتحدّى ويكسب المنازلة بتواصله وتطوره وتقدمه وتنامي معارفه وعلومه.
فلماذا الهلع المتعاظم؟
هل أنه الوباء الأول الذي يعصف بالأرض؟
وهل هو الأخطر من جميع الأوبئة السابقة؟
لا يمكن الإتيان بأجوبة جازمة , مما يعني أن هناك أجندات خفية يصعب التكهن بها مختبئة في طيات هذا الوباء , قد تكون سياسية وإقتصادية , أو أنها فعلا حرب عولمية جديدة , لم تعهدها البشرية من قبل , ذلك أن معظم الدول إتجهت نحو إعلان حالة الطوارئ , وكأنها في حرب حقيقية مع عدو غير منظور , قد نسميه إفتراضي يؤثر في مسيرة الحياة ويزعزع مقام الدول وإقتصادها.
فما يحصل اليوم لا يتوافق ومعطيات التأريخ ودروسه , وبديهيات ما تراكم من معايير وموازين سلوكية تفاعلت في القرون السابقة , فالتأريخ يحدثنا عن القدرة الحتمية للبشرية في الإنتصار على الأوبئة والكوارث بأنواعها , وبأنها تنطلق بعدها بقدرات أكبر وإنجازات حضارية أعظم , وما إستسلمت وألقت سلاحها , وعطلت عقولها , وأطلقت عواطفها ومشاعرها , ووضعت الناس على مسرح المخاوف والهواجس المؤججة للهلع والإرتعاب.
فماذا يحصل في عالم اليوم؟
وما هي الخفايا الكامنة وراء ذلك؟
وهل أن الأسابيع القادمة ستكشف لنا المستور؟
فليس من الصحيح والمناسب الإمعان بالتحليلات والتصورات المشحونة بالمخاوف , بقدر ما يستوجب التركيز على بناء الإرادة المستبشرة , والنفس الإيجابية المتفائلة المؤمنة بنصر الإنسان وفوز الحياة , وقدرة العقل للتوصل إلى الوسائل الكفيلة بردع الوباء وإخماده.
وأظننا على وشك القبض على عنقه والتخلص من شره إلى الأبد.
فهل لنا أن نؤمن بأن الرب معنا؟!!