المعمول به وفقا لمناهج الحكم المعاصرة بأنواعها , أن الحكومة تستمد قوتها من الشعب , ولهذا عندما يتظاهر الشعب ضد الحكومة فأنها يجب أن ترضخ لمطالبه , وإن لم تستطع فعليها أن ترحل , وتأتي حكومة بديلة عنها تعمل على تلبية مطالب الشعب.
أما الحكومات التي لا تستمد قوتها من الشعب , فلا يعنيها ولا تأبه لمطالبه , وتبقى في الحكم رغما عنه , لأن هناك قوة أخرى خارجية تحميها وتؤمّن بقاءها في السلطة.
ومن المعروف أن المستبدين والطغاة يستمدون قوتهم من قوى خارجية تحافظ على بقائهم في السلطة وفقا لما يخدم مصالحها , وعندما ينتهي دورهم تتخلص منهم بأبشع الوسائل , وتوهم الشعب بأنها معه.
هذه قوانين ومعادلات سلوكية سياسية واضحة وفاعلة في حياة الشعوب , فالحكومة صاحبة القوة الحقيقية هي التي تستمد قوتها من الشعب , فتفوز بإحترام وتقدير الحكومات الأخرى في العالم , أما التي تستمد قوتها من غير الشعب , فأنها حكومات محتقرة منبوذة وذليلة أمام الحكومات الأخرى التي تستمد قوتها من شعوبها.
ولكي تهين وطنا وتذل شعبا , عليك أن تسلط عليه حكومة تستمد قوتها من القوى الطامعة بالوطن والشعب , وهذا ما يحصل في بعض دول منطقة الشرق الأوسط , التي تحكمها أنظمة تعتمد على قوى خارجية للبقاء في الحكم , فتتجاهل تطلعات الشعب وحقوقه , وتتفاعل بعدوانية مع محيطها لكي تزج الشعب في صراعات خسرانية تلهيه وتنهيه.
فالحكومات المستمدة قوتها من الشعب تعمل على توفير الخدمات الضرورية لحياة حرة كريمة , وتنشغل بالبناء البشري والعمراني , وتجتهد في تطوير البلاد وتعليم العباد , وتحترم حقوق المواطنين وتحميهم من الأضرار والتحديات.
أما الحكومات المستمدة لقوتها من قوى خارجية , فأنها تهين الشعب وتقهره وتصادر حقوقه وتنفي قيمته ودوره في الحياة , وترهنه بالحرمان من الحاجات , وتبتكر وسائل حكم قهرية للسيطرة عليه كالحرمان من الكهرباء والرعاية الصحية والتعليم , وتزجه في صراعات طائفية ومذهبية مستنزفة لطاقاته وجهوده.
ووفقا لهذه المقاييس يمكننا أن نتعرف على مصادر قوة الحكومات , وخير الشعوب مَن أوجد حكومة تستمد قوتها منه لا من غيره.
فأي الحكومات عندنا؟!!