2 فبراير، 2025 4:55 م

رواية الصبية والليل.. الأغنياء يستحقون فرص كثيرة للحياة

رواية الصبية والليل.. الأغنياء يستحقون فرص كثيرة للحياة

 

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية “الصبية والليل” هي رواية للكاتب الفرنسي “غيوم ميسو” نُشرت سنة 2018، وصدرت الترجمة العربية للرواية سنة 2019. وتحكي عن إحدى المدارس في جنوب فرنسا التي تخصص لأبناء الأغنياء، وعن قصة حب دارت فيها انتهت بعدة جرائم وهي رواية بوليسية تعتمد على التشويق.

الشخصيات..

توماس دو غاليه: البطل، كاتب رواية شهير، في الأربعين من عمره، ظل طوال 25 عاما يحمل سرا خطيرا وظل يحمل عبئا نفسيا، وقصة حب من طرف واحد أثرت على مسار حياته.

فينكا روكيل: فتاة صهباء ساحرة، تتميز بالجمال والذكاء وسحر الأنثى في الإغواء، ابنة لعائلة ثرية توفى والداها في حادث مأساوي، وأصبحت صديقة مقربة ل”توماس” ووقع في غرامها، لكنها لم تكن تبادله نفس المشاعر وإنما أحبت شخصا آخر، كما أنها كانت شخصية غامضة لم يعرف حقيقتها كثيرين واكتشفت في نهاية الرواية.

ريشار دوغاليه: والد “توماس” الذي سيضحي من أجله في النهاية، لكنه سيكشتف أنه ليس والده البيولوجي، كان مديرا لمدرسة الليسيه التي دارت بها الأحداث ثم تقاعد.

انابيل دو غاليه: والدة “توماس”، كانت تعمل مديرة لمدرسة الليسية مع زوجها، وهي من أصل نمساوي، عاشت أياما بائسة بسبب فقدان عائلتها ثم تبناها رجل غني وورثت عنه ثروة، أحبت رجلا آخر غير زوجها واستمرت في علاقة طويلة معه محافظة على سريتها وأنجبت “توماس” منه.

فرنسيس: هو الرجل الذي حبته “أنابيل”، كان صديقا لها في الطفولة ثم فرقتهما الأيام، وحين عاد وهي متزوجة استمرت في علاقة حب معه سنوات طويلة، وقد أنقذت ابنها “توماس” كما أنها تورطت في جريمة قتل. وكان “فرنسيس” يساعدها في كل ذلك وهو رجل له علاقات مع المافيا وكان يقوم بمساعدتهم في غسيل أموالهم، رغم أنه يعمل في المقاولات وبناء العقارات.

ماكسيم: ابن “فرنسيس” والصديق المقرب ل”توماس” ليكتشف في النهاية أنه أخوه، تورط مع “توماس” في جريمة قتل ثم أصبح سياسيا وترشح لمنصب سياسي هام بنقود والده.

فاني لراهيمي: صديقة ل”توماس” في مدرسة الليسية، لم تكن غنية لكن والدة “توماس” ساعدتها لتصبح طبيبة وهي أيضا متورطة في الجريمة كما أنها تحب “توماس”.

الكسيس دوفيل: مدرسة للأدب الانجليزي كانت وقت وقوع الأحداث في الثلاثين من عمرها، أحبت “فينكا” وأغوتها وكانت تسيطر عليها بالحبوب المخدرة والخمر، وأجبرتها على فعل أشياء كانت لا تحبها، وعلى إقامة علاقة جنسية مع والد “توماس” وسيكتشف هذا اللغز في نهاية الرواية.

بيانلي: صحفي يساري، كان أيضا زميلا ل”توماس” في مدرسة الليسية، معروف بانتمائه إلى الاشتراكية ومعاداته للرأسماليين، كما أنه كان يبحث طوال 25 عن سر الجريمة التي اختفت على أثرها “فينكا”، ومدرس للفلسفة يدعى “الكسيس كليمان”.

الراوي..

تعتمد الرواية على تعدد الأصوات، لكنها تعطي مساحة كبيرة ل”توماس” ليحكي بضمير المتكلم، بعد أن تبدأ بحكي راوي عليم في الزمن الحاضر المؤرخ داخل الرواية بعام 2017، وبعد جزء كبير من الرواية والحكي الذي يعتمد على كشف الأسرار ببطء وتدريجيا، تحكي “فاني” بصوتها وضمير المتكلم، ثم “انابيل” ثم “ريشار” ليعود الحكي ل”توماس” في النهاية، مع بعض الوثائق الخاصة بالأحداث مثل خطاب مدرس منتحر إلى “توماس”.

السرد..

الرواية مثل كل روايات “غيوم ميسو” تعتمد على خط بوليسي تشويقي، فهي تعتمد على جريمة قتل تتطور لتصبح أكثر من جريمة، لكنها جريمة قديمة مر عليها 25 عاما، وقد تطورت الأحداث نحو كشفها مما أفزع البطل ورفاقه، ليكتشف القارئ أحداثا أخرى مغايرة، تظل تفاجئه على مدار الرواية، وداخل سرد الأحداث التشويقي هناك وصف تفصيلي للاماكن التي تدور فيها الأحداث، وهي جنوب فرنسا، وتنقل ما بين تاريخين هامين 19 ديسمبر 1992 والوقت الحالي 2017، كما يتخلل السرد انتقادا للرأسمالية من خلال جمل للصحفي اليساري. تقع الرواية في حوالي 372 صفحة من القطع المتوسط .

الأغنياء يستحقون فرص كثيرة للحياة..

تصور الرواية مرحلة المراهقة في إحدى المدارس الخاصة بأبناء البرجوازيين، وكيف كانوا يتعاملون، مركزة على البطل “توماس” الذي أحب “فينكا” حبا جنونيا ساهم في هجرانه لدراسته الصعبة، وتحول مسار حياته بعد أن كان ينتوي أن يصبح متفوقا في مجال الرياضيات مثلما دفعه والديه لفعل ذلك، فيتورط في جريمة قتل المدرس “الكسيس كليمان” بعد أن يفهم من “فينكا” أنه تسبب في حملها، ويقتله نتيجة نوبة غضب ويساعده “ماكسيم” في ذلك.

ثم يهرب من فرنسا ليعيش في أمريكا وتحديدا نيويورك، ويصبح كاتبا شهيرا للرواية، وبعد 25 عاما من حياة العزلة والوحدة وابتعاده عن أسرته يشعر بتهديد أن تكشف جريمته، بعد أن قرأ مقالا عن اكتشاف مالا في مدرسة الليسية، يتعلق باختفاء “فينكا” فيعود إلى فرنسا ليتحقق من الأمر، لتكتشف كل الألغاز، ويعرف أنه ابن “فرنسيس” وأن “فينكا” قتلت في نفس يوم مقتل “اليكسس”، كما يكتشف أنه قتل رجلا بريئا وأن من أغوى “فينكا” مدرسة الأدب الانجليزي وأنها كانت في علاقة مثلية معها، وأنها أجبرتها على إغواء والد “توماس” مدير الليسيه وقتها، لكي تحصل على طفل منه وكذلك على أموال. وبالفعل انصاعت “فينكا” لها نتيجة المخدرات والخمر التي كانت تتعاطاها، لينتهي الأمر بقتلها على يد “انابيل” بعد أن كانت تبتزها لجلب مزيدا من الأموال، ويفقد “توماس” حلمه في أن تكون “فينكا” على قيد الحياة.

ثم تسعى “الكسيس” للانتقام فتقتل “فرنسيس” و”انابيل” وتسعى لقتل “توماس”، لكن ينقذه “ريشار” ويدخل السجن بعد أن يقتل “الكسيس” وتتم التغطية على الجريمة القديمة، جريمة قتل “فينكا” و”الكسيس كليمان” اللذان دفنا في قاعة الجمنايزيوم في مدرسة الليسية بأمر مباشر من “فرنسيس” الذي كان يقوم بأعمال البناء هناك.

ثم يهدد الصحفي اليساري “توماس” بأنه سيكشف عن جريمته القديمة في كتاب، لكن يكتشف أن “انابيل” و”فرنسيس” قد نقلا الجثتين بعد خمس سنوات من الجريمة، وأن الرعب الذي عايشه “توماس” طوال حياته من أن تكتشف جريمته كان وهما، وأن أسرته حمته بكل الطرق لتتم التغطية على الجريمة تماما.

ويستأنف “توماس” ورفاقه “ماكسيم” و”فاني” حياتهم الطبيعية، وقد كان الكاتب مع فكرة إعطاء “توماس” فرصة ثانية لعيش حياته دون عقاب على جريمته، رغم اعتراض الصحفي اليساري الذي كان رأيه أن أي مجرم لابد وأن يعاقب على جريمته، وإلا لما يعاقب الفقراء والكادحين بينما يترك أولاد الأغنياء وتتم التغطية على جرائمهم.

الرواية مثل كل الروايات البوليسية التي تعتمد على جريمة في قوامها، لكنها تختلف بكمية الوصف الدقيق للأماكن والذي يختلط بشغف الكاتب نفسه تجاه تلك الأماكن، حيث قال في نهاية الرواية أن المنطقة التي جرت فيها الأحداث هي المنطقة التي تربي فيها.

كما تختلف أيضا بإيراد أفكارا سياسية داخل الرواية، فقد نقل الكاتب وجهة نظر الصحفي اليساري الذي يدين “ماكرون” رئيس جمهورية فرنسا الحالي، ومن يعاونه من البرجوازيين، وأنه أتى لدعم مصالح الرأسماليين في فرنسا ولتغيير أمور كثيرة في البلاد، كما أدان المتعاونين مع “ماكرون” والذي كان “ماكسيم” واحدا منهم، فهو سياسي ينتمي للاتجاه الذي ينتمي إليه “ماكرون”، كما أنه نجح سياسيا بفضل أموال والده “فرنسيس” المشبوهة، التي كسبها من مساهمته في غسيل أموال المافيا الإيطالية التي تسافر إلى أمريكا.

ورغم ذلك لا يبدي الكاتب أي تعاطف مع الصحفي اليساري، بل يصوره غير متزن نفسيا ويعاني من عقد نفسية، كما يصفه بالخائن لأصدقائه وينتصر للبطل “توماس” المنحدر من سلالة الأغنياء، رغم أن أمه كانت فقيرة واكتسبت أموالها بالتبني. كما تبين الرواية تعاطفا مع “توماس” و”ماكسيم” رغم أنهما تورطا في جريمة قتل لشخص بريء، وكانت مع فكرة أن التغطية على الجرائم أفضل من كشفها لأن “توماس” كان ضحية قصة حب عاصفة جعلته يرتكب الأخطاء.

كما تكشف الرواية بشكل غير مباشر تورط بعض الأغنياء، والذين يصبحون فيما بعد واجهات سياسية معروفة، تورطهم أو تورط عائلاتهم في جرائم سرقة وفساد وغسيل أموال، وأن أموالهم لا تكون دائما أموالا نظيفة، كما ترصد تلك التعقيدات في حياة الأغنياء سواء في فترة مراهقتهم أو في شيخوختهم. كما ينقل على لسان “الكسيس” وجهة نظر النساء نحو الرجال الذين يحولون علاقة الحب إلى علاقة وهمية من صنع خيالهم، متخذين من أية امرأة نموذجا فقط يبنون عليه أحلامهم وتخيالاتهم الرومانسية المغالية.

وفي النهاية ينتصر الكاتب للأغنياء ولا يهتم بدعاوى المساواة وإقرار القانون، وتنفيذه حتى لو كانت الجريمة وقعت عن طريق الخطأ أو الفهم الخاطئ.

الكاتب..

“غيوم ميسو” كاتب وروائي فرنسي تحتل كتاباته قائمة أعلى الكتب مبيعاً في العالم، وهو يعتبر من أشهر كتاب فرنسا في الوقت الحالي، ترجمت بعض رواياته إلى أكثر من 20 لغة.

ولد عام 1974 في مدينة “أنتيب” في فرنسا، وكان في طفولته يعشق الأدب، فكان منذ سن العاشرة يقضي عطلته الصيفية في المكتبة التي كانت والدته تشرف عليها، وبدأ الكتابة وهو على مقاعد الدراسة في التاسعة عشرة من عمره.

ألّف عشر روايات حتى عام 2016 ترجمت بعضها إلى أكثر من عشرين لغة، كما جعلته يحتل المركز الثاني عام 2009 في قائمة مؤلفي الكتب الأكثر مبيعاً في فرنسا، والمركز الثالث في قائمة مؤلفي الكتب الأكثر مبيعاً في فرنسا منذ عام 2008 مباشرة بعد ستيفان ماير وهارلين كوبين، كما نال جائزة رواية الحب من إيطاليا عام 2005، وجائزة أفضل رواية معروضة في السينما.

انتقل “غيوم ميسو” إلى الولايات المتحدة الأمريكية عندما كان في التاسعة عشرة من عمره حيث تنقل بين نيويورك ونيوجيرسي عدة شهور يكسب رزقه من خلال بيع البوظة، وكان يعيش مع عمال آخرين ذوي خلفيات ثقافية متعددة، فيروي أنه تعلم الكثير في تلك الفترة، وبعدها عاد إلى فرنسا وهو يحمل في جعبته الكثير من الأفكار لروايات قادمة، ثم حصل  على شهادة جامعية في الاقتصاد وشهادة  في الاقتصاد للتدريس في المدارس الثانوية.

كانت أولى رواياته رواية Skidamarink التي نشرها عام 2001، وهي رواية تشويقية تبدأ أحداثها بسرقة لوحة الموناليزا من متحف اللوفر، إلا أنه بعد حادث سير تعرض له بدأ “ميسو” بالالتفات إلى قصص الاقتراب من الموت، فكتب قصة عن تجربة طفل يوشك على الموت وهي قصة Afterwards التي نشرت في يناير/كانون الثاني عام 2004 هذه الرواية بيعت منها أكثر من ثلاثة ملايين نسخة وترجمت إلى أكثر من عشرين لغة كما تم تبنيها في عمل سينمائي يحمل عنوانها وأنتج عام 2009.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة