9 أبريل، 2024 2:43 م
Search
Close this search box.

لبنى عبد العزيز.. هربت من الشهرة وناصرت حقوق المرأة

Facebook
Twitter
LinkedIn

 

خاص: إعداد- سماح عادل

“لبنى عبد العزيز” ممثلة مصرية، اتصفت بجرأتها وأداء أدوار تنتصر فيها لحقوق المرأة.

حياتها..

ولدت “لبنى عبد العزيز” في القاهرة، وتلقت تعليمها في مدرسة “سانت ماري” للبنات، ثم أكملت تعليمها بعد ذلك في الجامعة الأمريكية بالقاهرة. وأكملت دراستها الماجستير في التمثيل في جامعة كاليفورنيا في “لوس انجلوس”.

جاءت بدايتها الفنية الأولى في الإذاعة عندما كان عمرها لا يتجاوز العاشرة، حين قام بزيارتهم في منزل الأسرة “عبد الحميد يونس” مدير البرامج الأوروبية بالإذاعة وصديق والدها، وعندما رآها أدهشته طريقة إلقائها للأشعار وذكائها وتلقائيتها في الحديث، فرشحها للاشتراك في برنامج “ركن الأطفال” الذي كان يذاع على موجات البرنامج الأوروبي. ونجحت “لبنى” وتوطدت علاقتها بالإذاعة حتى أسند لها تقديم البرنامج وهي بعد لم تتعد الرابعة عشرة من العمر، وذلك لإجادتها التحدث باللغتين الفرنسية والإنجليزية إلى جانب العربية. وظلت لبنى تعمل كمقدمة لركن الأطفال بدون أجر حتى صار عمرها 16 عاما، وهي ذات الفترة التي التحقت فيها بالدراسة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة.

على مسرح الجامعة..

كان عشق “لبنى” للثقافة والفنون سببا في اشتراكها في فريق التمثيل أثناء دراساتها بالجامعة الأمريكية، حيث قدمت عروضاً مسرحية على مسرح الجامعة لفتت أنظار النقاد المسرحيين إلى موهبتها التمثيلية. كما حدث عندما قدمت مسرحية “الشقيقات الثلاث” لتشيكوف. والتي جسدت فيها شخصية “ماشا” مما دفع الدكتور “رشاد رشدي” لكتابة أربع صفحات كاملة عنها وعن موهبتها في مجلة “آخر ساعة”. هذا غير ما كتبه الدكتور “يوسف إدريس” و”فتحي غانم” عنها. وتقول “لبنى” عن تلك المرحلة: “أعشق التمثيل وتجسيد الأدوار بالفطرة ولم أكن أتوقع وقت انضمامي لفريق الجامعة أن ألفت نظر هؤلاء العظماء”. ووسط هذا الزخم من الإعجاب انهالت العروض السينمائية على “لبنى” ولكنها رفضتها جميعاً. وهو ما بررته بقولها: “لم يكن سبب رفضي ضعف النصوص المعروضة علي أو عدم مناسبتها لي، ولكن كان السبب صفعة على وجهي من يد خالي حين عبرت له ذات مرة عن حبي للتمثيل في السينما، وخشيت وقتها معارضته فآثرت التريث لحين الانتهاء من الدراسة”.

بعد انتهائها من دراستها في الجامعة، حصلت “لبنى” على منحة للدراسة في جامعة كاليفورنيا بأمريكا وهو ما أبعدها بعض الشيء عن هوايتها في عالم التمثيل. وبعد حصولها على الماجستير في الفن المسرحي والسينوغرافي من جامعة كاليفورنيا في “لوس أنجلوس” بأمريكا، راسلت “لبنى” جريدة الأهرام بعدد من التحقيقات التي كانت تكتبها عن استوديوهات هوليوود التي كانت تنقل أخبارها أيضاً، ثم ما لبثت أن عادت للقاهرة مرة أخرى لتعمل كمحررة بجريدة الأهرام. ولتلعب الأقدار دورها في اقتحام لبنى عالم التمثيل مرة أخرى.

السينما..

حدث ذلك في عام 1957 عندما كانت تعد لتحقيق صحفي تضمن المقارنة بين السينما الأمريكية والمصرية، وتطلب ذلك منها الذهاب إلى أستوديو الأهرام لتلتقي هناك بالمنتج “رمسيس نجيب” والمخرج “صلاح أبو سيف”، الذين أدركا منذ اللحظة الأولى أنهما أمام موهبة فنية تنبض بالتلقائية. فعرضا عليها العمل في السينما لكنها رفضت كعادتها. وهو ما دفع “رمسيس نجيب” إلى الذهاب لوالدها ليقنعه بأن يترك ابنته تدخل عالم الفن، فترك لها والدها الأمر برمته لتتخذ فيه ما تراه. فطلبت مهلة للتفكير إلا أن القدر لم يمنحها إياها، حيث فوجئت “لبنى” ب “عبد الحليم حافظ” يطلبها في اليوم التالي للقائه، فذهبت إليه ووجدت عنده “إحسان عبد القدوس” الذي كتب قصة الفيلم وكان جاراً وصديقاً لوالدها والمخرج “صلاح أبو سيف”، حيث اشترك الجميع في إقناعها ببطولة فيلم “الوسادة الخالية”. كان العرض مغرياً بشكل لم تستطع رفضه، فخرجت من ذلك اللقاء وهي تحمل سيناريو الفيلم بين يديها. وخرجت من الفيلم وهي تحمل تقدير الجمهور وإعجابه بها، فقد حقق الفيلم نجاحاً هائلاً عند عرضه وأصبحت قصة الحب التي جمعت بين “سميحة” و”صلاح”، حديث محبي السينما. وحتى الآن لا تزال تلك القصة واحدة من أشهر قصص الحب على الشاشة الكبيرة.، وبعد ذلك قامت بالاشتراك في سبعة عشر فيلما آخر، وكان آخرها فيلم “إضراب الشحاتين” أمام “كرم مطاوع” وإخراج “حسن الإمام”.

بعد هذا الفيلم هاجرت مع زوجها الدكتور “إسماعيل برادة” إلى أمريكا ربما لأسباب سياسية وهروبا من سطوة مراكز القوى آنذاك.. حيث قضت ما يقرب من الثلاثين عاما قبل أن تعود مع زوجها وتستقر في القاهرة. وفي نفس الشهر الذي عادت فيه من عام 1998 قدمت لبنى مسلسلها الإذاعي الناجح “الوسادة لا تزال خالية” وذلك لإذاعة صوت العرب بمشاركة “صباح” و”عمر الحريري” و”إيهاب نافع” و”شريف منير” و”زهرة العلا” و”سمير صبري” ومن إخراج أحمد فتح الله، كما شاركت ببطولة مسلسل “عمارة يعقوبيان” وتلته في عام 2010 بالمشاركة في بطولة مسرحية “فتافيت السكر”.

رمسيس نجيب..

في حوار معها أجراه “محمد طاهر أبو الجود” تقول “لبنى عبد العزيز” عن زواجها من المنتج “رمسيس نجيب”: “تزوجنا بعد فيلم “أنا حرة”، وأتذكر أن بعض الأقلام كتبت أن زواجي منه كان بهدف إنتاجه لي عدة أفلام، وأقلام أخرى خمنت وزعمت بأنه تزوجني بهدف “أبيض له بيضة ذهب”، ولكن ما أريد تأكيده وحسمه بعد هذا العمر الطويل، أنه لا صحة لكل هذه الشائعات، والحقيقة أنه بعد نجاح فيلم “الوسادة الخالية” تلقيت 17 عرضًا سينمائيًا، بعيدًا عنه، لذلك لم يكن لي مطمع في الزواج منه.. وأود أن أؤكد أنني أدين لرمسيس نجيب بالشكر والعرفان، لأنه من علمني كيف أكون ممثلة سينمائية، والتعامل مع الجمهور، والنطق الصحيح للعربي واستفدت منه جدًا.. وبالرغم من أن رمسيس نجيب كان منتجًا كبيرًا، إلا أنه قبل فيلم “الوسادة الخالية” لم يقدم شيئًا، حيث كان يعمل كمدير إنتاج، وعندما نجح فيلمي الأول، أصبح مكتشف الوجوه الجديدة ومنتجا كبيرا ومنح العديد من الألقاب، لذلك أرى أن الاستفادة كانت مشتركة بيننا، وليست لطرف على حساب الآخر، حيث كنت أقدم له أفكارًا جديدة، وأوراقا أدبية جيدة، وبعد فترة من زواجنا لم يرد الله تعالى أن تستمر علاقتنا. جمعتنا قصة حب سريعة، وكنت أكرهه خلال تصوير “الوسادة الخالية”، بسبب شخصيته الصعبة الجامدة والشديدة، فعندما كان يدخل الأستوديو أُصاب بالرعب والهلع والخضة، وأقول لنفسي: “إيه يا رب اللي أنا عملته في نفسي ده.. نفسي الأرض تتشق وتبلعني”، حتى إنني كنت أناشده وأطلب منه: “سيبنا في حالنا وروح بيتكم من فضلك”، فإذا فجأة أحببته بعد نهاية “الوسادة الخالية”، عندما رافقته وصديقتي ابنة الدكتور إبراهيم ناجي، في رحلة سفر بلبنان وسوريا، وقتها حدث تفاعل كبير من الجمهور هناك معي، بشكل وصل من المحبة إلى جذبي من ملابسي، تقديرًا وحبًا لما قدمته في الفيلم، الأمر الذي جعل رمسيس ينظر لي نظرة مختلفة، وأصبح لطيفًا وحنونًا، وبادلته أيضًا نفس الأحاسيس والمشاعر، ومن هنا ولدت قصة الحب بيننا. قبل الانفصال دبت الخلافات بيننا، ففي البداية كان الحب جياشًا، ولم نكن ندرك مدلول فارق السن الكبير، والفارق الواسع في مدارك الفكر والثقافة بيننا، ولكن مع الارتباط بدأت الفوارق بيننا تظهر بشكل واضح، إلى أن حدث اتفاق على ضرورة الطلاق”.

وتواصل عن الأدوار الكوميدية: “حاولت عديد المرات لعب أدوار كوميدية، ولكن المنتجين الراحلين رمسيس نجيب، وجمال الليثي، رفضا الأمر، وقالوا لي: “دي حاجة بتاعة ماري منيب، وداد حمدي.. أنتِ لأ.. أنتِ جوليت جاردن سيتي”، حتى إن كمال الشناوي كان يشبهني بقطعة “المارون جلاسيه”، ولكن كانت لدي رغبة ملحة في لعب الكوميديا”.

أه من حواء..

وعن أكثر الأفلام التي تعتز بها تضيف: “أعتز بفيلم لا يعرفه الكثيرون “آه من حواء”- المأخوذ من قصة لشكسبير، وتم تمصيره بشكل جيد، وجميع الشخصيات أدت أدوارها بشكل ممتاز، ومنهم حسين رياض، وعبد المنعم إبراهيم، ولم يخل الفيلم من كوميديا المواقف، بعيدًا عن “النكتة البلدي” التي تحمل إسفافًا وقبحًا.. وأعتز أيضا بفيلم “هي والرجال” لإحسان عبد القدوس، حيث بذلت في هذا العمل مجهودًا كبيرًا، وأحببته لأنه يحمل هدفا اجتماعيا، وما حدث في قصة الفيلم بين “سنية” الخادمة، وحبيبها الطالب منعم، لا يزال يحدث في مصر، وكذلك في أمريكا، وهذه القصة تؤثر على جدًا حتى وقتنا هذا”.

وعن فيلم “عروس النيل” من كلاسيكيات السينما المصري تحكي: “أنا صاحبة فكرة الفيلم، ونالت إعجاب المخرج فطين عبد الوهاب.. هذا الفيلم بالذات كان فيه لعنة فراعنة 100%، قعدت مريضة 3 شهور، والأستوديو متأجر ومبنى الديكور، والمنتج بيدفع كل يوم، وأنا في المستشفى، وبعد ذلك بعتوا لي دكتور لكي يجدوا حلا معي، لأن الشركة كانت ستفلس، وأكملنا تصوير والسرير على البلاتوه من شدة مرضي، حيث كنت أصور مشهدا وأخلد للنوم. كنت أسير حافية القدمين معظم الوقت، وخلال تصوير أحد المشاهد تمكن مسمار طويل من النفاذ لقدمي، تضحك وتتذكر ما حدث: “جاء المسمار من آخر الأستوديو علشان يدخل في قدمى”، لذلك كان الفيلم متعبًا للغاية”.

وعن فيلم “أنا حرة” تقول: “كنت أتحدث مع نجل إحسان عبد القدوس، خلال زيارته لي منذ فترة قريبة، وأكد لي أن رواية “أنا حرة” الأكثر طباعة، وهذا لم يحدث إلا بعد الفيلم، وهذا أمر أفتخر به، ولا تزال بعض الفتيات تتواصل معي وتشكرني بسبب دعمي لقضية تحرر المرأة من القيود منذ أوائل الخمسينيات، وفي إحدى المرات قال لي الناقد الفني عصام بصيلة: “اشمعنى أنتِ اللي بنفكر فيكي ونقول، هاميس، جهاد، نور، سميحة، ولا نقول لبنى عبد العزيز أو شادية أو ماجدة”، فأجبته: “علشان بتنسي إنها لبنى عبد العزيز، وتفتكر سميحة، وكل شخصية تجسدها، ودي كانت تربيتي في التمثيل”.

وعن طبيعتها تقول : “بحكم شخصيتي أميل إلى الانطواء والوحدة، وأجد الكتاب خير جليس. أكون سعيدة عندما أقرأ كتابًا ينال إعجابي، أو أشاهد اكتشافًا جديدًا في العلم، ولا يمكنني إضاعة وقت ثمين في النميمة مع أناس لن أراهم مرة أخرى”.

و عن الدور الذي كانت تحلم بتجسيده توضح: “أتمنى تجسيد العديد من الأدوار التاريخية لسيدات مكافحات، مثل شجر الدر، كونها شخصية “تجنن”، وحتشبسوت، كونها شخصية عظيمة، ولا أحد يفكر في ذلك سوى أنا، حتى في فيلم “عروس النيل” تم وضع على الشاشة فكرة “لبنى عبد العزيز” ودائمًا أتساءل كيف لنا ترك تاريخ عريق لأمريكا وفرنسا وإنجلترا لإبرازه في أعمال فنية- بنبرة حزينة: “مبنعملش تاريخ مصري، بنعمل الحارة والقافية”.

أمريكا..

ذهبت “لبنى عبد العزيز” إلى أمريكا، في غضون حرب عام 1967، وصرحت في أحد اللقاءات الصحفية، قائلة :”لأنني تركت كل شيء من أجل زوجي إسماعيل برادة، الذي كان يدرس في منحة دراسية بأميركا، وتنازلت عن الشهرة والأضواء والمجد والمال من أجله، وقضيت معه هناك ثلاثين سنة بعيداً عن مصر، لم أشعر بطعم الحياة في أميركا، العلاقات الاجتماعية هناك محدودة، وعندما ذهبنا في أعقاب النكسة عشنا سنوات من القهر والاضطهاد بسبب هزيمتنا في حزيران 1967، وبعدها أعادت لنا انتصارات 1973 وجهنا العربي المشرف وطالت رؤوسنا وقهرنا الهزيمة والألم، الذي عشناه منذ 67 حتى 73″.

https://www.youtube.com/watch?v=FBuMBPkvwXU

https://www.youtube.com/watch?v=tOHldLrc4IU

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب