27 ديسمبر، 2024 3:58 ص

لايمكن ان تكون هذه التصرفات المشينة تليق بفصائل المليشيات العراقية الشريفة

لايمكن ان تكون هذه التصرفات المشينة تليق بفصائل المليشيات العراقية الشريفة

ازداد عدد عناصر الميليشيات الموالية لإيران في العراق – باستثناء “منظمة بدر” – بشكل كبير من 4 آلاف عنصر في عام 2010 إلى أكثر من 60 ألف في عام 2014 حين أصبح التمويل الحكومي متاحاً لها عن طريق “قوات الحشد الشعبي” التي تشكّلت من أجل محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”. وتستحق الميليشيات الكبيرة والجديدة الموالية لإيران مثل “كتائب الإمام علي” مزيداً من الاهتمام من جانب المحللين، وكذلك الأمر بالنسبة لقادة “كتائب حزب الله” الجدد أمثال أبو زينب اللامي، الذين يبرزون كمنافسين لزعيم الحركة أبو مهدي المهندس. ويُقال أن مجموعة من الميليشيات الأصغر حجماً والأحدث نشأة الموالية لإيران هي أقرب إلى “الحرس الثوري الإسلامي” الإيراني من الميليشيات الأقدم والأكبر حجماً المؤيدة لإيران مثل “منظمة بدر” و”عصائب أهل الحق”. وتشمل السلوكيات الأساسية التي يتعين على المحللين مراقبتها، الكسب المالي الفاسد، والسيطرة على الحدود العراقية -السورية وانتهاكات حقوق الإنسان وإقامة قواعد حصرية خارج سيطرة الدولة العراقية.
لابد من الاشارة ان بعض تصرفات المليشيات تهدد سلام العراق-في 12 آب/أغسطس، شبّ حريقٌ في مستودع كبير للذخيرة تابع لإحدى الميليشيات في جنوب بغداد، مما أدى إلى إطلاق القذائف في الأجواء فوق العاصمة. وهذا الحادث هو واحد من عدة انفجارات كبرى وقعت في مثل هذه المنشآت في أرجاء المدينة في السنوات الأخيرة؛ كما أنه يأتي في أعقاب التعرض مؤخّراً لمخاطر أخرى مرتبطة مباشرةً بالجماعات المدعومة من إيران، بدءاً من اعتداءات الميليشيات على المستثمرين الغربيين وإلى الغارات الإسرائيلية المشتبَهة ضد قواعد الميليشيات. وحيث أثبتت الحكومة عدم قدرتها حتى الآن على ضبط حتى أصغر الميليشيات، فإن التأثير السلبي للجماعات المسلحة غير الخاضعة للرقابة والمدعومة من الخارج يتزايد على المدنيين العراقيين، وهذه نتيجة ينبغي على المجتمع الدولي أن يولي لها المزيد من الاهتمام عند التعاطي مع بغداد.

الانفجارات في مستودعات الذخيرة وقد تكون أكثر قضايا السلامة العامة إلحاحاً هي النمط المتنامي للانفجارات الكبرى في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان، بسبب تخزين الميليشيات للمتفجّرات والقذائف في ظلّ ظروفٍ غير آمنة أثناء فتراتٍ الحرّ الشديد.

· -في 12 آب/أغسطس وقع انفجار في منشأةٍ لتخزين الذخيرة في “معسكر الصقر”، مما أسفر عن مقتل مدنيٍّ وجرح تسعةٍ وعشرين آخرين. وتساقطت الشظايا على مسافة ثلاثة أميال (خمسة كيلومترات تقريباً). وكانت القاعدة تَستخدم ميليشيتان من «قوات الحشد الشعبي» – هما «كتائب جند الإمام» (اللواء 6 من «قوات الحشد الشعبي») و«كتائب سيّد الشهداء» (اللواء 4 من «قوات الحشد الشعبي») – بالإضافة إلى جماعات مسلّحة مختلفة تابعة لـ «منظمة بدر» الحليفة لإيران.

· -في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، وقع انفجارٌ للذخائر في قاعدةٍ في طوزخورماتو تستخدمها «كتائب حزب الله» (الألوية 45 و46 و47 من «قوات الحشد الشعبي»)، مما أسفر عن إصابة ستة وثلاثين مدنيّاً.

· -في 6 آب/أغسطس 2018، وقع انفجارٌ في مستودعٍ لتخزين الذخيرة تملكه «فرقة العبّاس القتالية» (اللواء 26 من «قوات الحشد الشعبي») على الطريق السريع بين بغداد وكربلاء، مما أدى إلى مقتل شخصٍ وجرح تسعة عشر آخرين.

· -في 6 حزيران/يونيو 2018، انفجر مخبأ للذخيرة داخل مسجد شيعي في “مدينة الصدر” ببغداد، مما أسفر عن مقتل ثمانية عشر مدنيّاً وإصابة تسعين شخصاً، وتحوّل مبنى كامل في المدينة إلى أنقاض. ومن المرجح أن المخبأ كان يعود إما إلى «عصائب أهل الحق» (الألوية 41 و42 و43 من «قوات الحشد الشعبي») أو إلى «سرايا السلام» (اللواء 313 من «قوات الحشد الشعبي»).

· -في 2 أيلول/ سبتمبر 2016، انفجر مخبأ آخر للأسلحة تابع لـ «عصائب أهل الحق» في مدينة العبيدي شرق بغداد، مما أدى إلى مقتل خمسة عشر مدنيّاً وإصابة العشرات بجراح، وإشعال ثماني قذائف سقطت داخل المدينة.

الانفجارات في مواقع مرتبطة بالصواريخ

وقعت على الأقل حادثتان من هذا النوع في قاعدتين للميليشيات تُخزَّن فيهما قذائف إيرانية طويلة المدى وغيرها من المتفجرات وفقاً لبعض التقارير. وفي حالة واحدة على الأقل، تشير الأدلة إلى غارات عسكرية دقيقة التوجيه، ربما من قبل إسرائيل.

· -في 19 تموز/يوليو، هزّ انفجارٌ قاعدة للميليشيات في آمرلي تشغلها «قوات التركمان» (اللواء 16 من «قوات الحشد الشعبي») مع «فوج آمرلي» (اللواء 52 من «قوات الحشد الشعبي»). ووفقاً لإعلانات الجنازة ذات الصلة، قُتل أحد أعضاء «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني. وتشير العديد من الدلائل إلى توجيه ضربة عسكرية دقيقة للغاية ضد نظام صواريخ زوّدته إيران، بهدف التقليل إلى أدنى حد من الأذى الذي يلحق بالمدنيين.

· -في 28 تموز/يوليو، أفادت تقارير عن وقوع ثلاثة انفجارات في “معسكر أشرف”، وهو المنشأة الميليشياوية الرئيسية التابعة لـ «منظمة بدر» في العراق، الواقعة شمال شرق بغداد. وتُستبعَد الأسباب العرضيّة بسبب طبيعة الحادثة – إذ وقعت الانفجارات بالتزامن في ثلاثة مواقع منفصلة تماماً في معسكرٍ يمتد مسافة عشرة كيلومترات طولاً وعشرة كيلومترات عرضاً. ويعتبر المحللون العراقيون والأمريكيون أن المعسكر يحتوي على الأرجح على أنظمة صواريخ مزوّدة من قبل إيران.

الاعتداءات على المجتمع المدني والمدنيين

وُجّهت أيضاً اتهامات موثوقة إلى الميليشيات المرتبطة بإيران بممارسة العنف ضد مجموعاتٍ من المجتمع المدني والأفراد المدنيين.

· -الاحتجاز غير القانوني الواسع النطاق. أصدرت “منظمة العفو الدولية” ومنظمة “هيومن رايتس ووتش” تقارير مهمة جدّاً توثّق اختفاء 643 مسلماً من الذكور السُنّة من الفلوجة والصقلاوية، والمزيد من حوادث الاختفاء الجماعي للذكور السُنّة في الرزازة. وتُعزى هذه الاختفاءات إلى حدٍ كبير إلى «كتائب حزب الله»، التي تحتفظ بمنشأة احتجاز غير قانونية تضم ما لا يقل عن 1700 سجين في جرف الصخر جنوب بغداد مباشرة. ولم تتخذ الحكومة العراقية أي إجراء لتحرير هؤلاء المعتقلين أو التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان المتعلقة بأسرهم.

· -قمع المجتمع المدني. في البصرة، حيث يتزايد السخط العام بسبب سوء الخدمات والبطالة، سُمح لبعض الميليشيات بعرقلة التظاهرات ضد الحكومة. وأسفر هذا الأسلوب – الذي يذكّر باستخدام إيران لعناصر جماعة «أنصار حزب الله» لتفريق الاحتجاجات في المدن الإيرانية – عن وقوع عشرات الاغتيالات وعمليات الاختطاف العنيفة بحق ناشطين من المجتمع المدني في جنوب العراق هذا الصيف.

· -الاعتداءات على رجال الدين. في بغداد، لا يسلم حتى أفراد المجتمع الذين يتمتعون بأهم العلاقات السياسية إذا اختارت الميليشيات استهدافهم. فقد تعرّض منزل علاء الموسوي – الذي عُيّن رئيساً للوقف الشيعي من قِبل رجل الدين الأقدم في العراق، علي السيستاني – إلى اقتحام نفّذته قوات «عصائب أهل الحق» في 10 تموز/يوليو، فاضطرّ بعدها إلى الاحتماء في منزل حكومي آمن. وعلى الرغم من أن هوية المعتدين معروفة على نطاق واسع في المجتمع العراقي، إلّا أنه لم يتم القيام بأي خطوة لمعاقبة رجال الميليشيا المتورطين من «عصائب أهل الحق».

الهجمات على الشركاء والمستثمرين الأجانب

في الأشهر الأخيرة، عانى أهم المستثمرين في العراق – أي شركات النفط – من العنف المتصاعد:هجمات على القنصلية في البصرة. في 7 و 8 و 28 أيلول/سبتمبر 2018، شنّت ميليشيات سلسلة من الغارات بالقذائف على القنصلية الأمريكية في البصرة. كما هددت الجماعات المسلّحة الموظفين المحليين في القنصلية، وتوعّدت باستهداف حركة المركبات من المنشأة وإليها، وأصدرت تحذيرات من قيام عمليات اختطاف. وتم إغلاق القنصلية بعد هذه الأحداث بفترة وجيزة، مما ألحق ضرراً بثقة المستثمرين في العراق.

على واشنطن التراجع عن انسحابها من البصرة

· -هجمات بالقذائف على مواقع شركات النفط. في 18 و 19 حزيران/يونيو 2019، أُطلِقت قذائف على ثلاثة معسكرات للمهندسين الأجانب في حقل الرميلة النفطي في البصرة وبالقرب من موقع برجيسيا. وأصيب ثلاثة عراقيين بجراح عندما استهدفت الغارات “شركة الحفر العراقية” التابعة للدولة، مما ألحق ضرراً بالجهود التي تبذلها الحكومة لتحقيق قدر أكبر من الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة.

· -هجوم بالقذائف على مقاولي الدفاع. في 18 حزيران/يونيو، أُطلقت قذيفة على مقاولين أمريكيين في بَلَد حيث كانوا يقدّمون خدماتٍ تقنية لمساعدة الأسطول العراقي من طائرات “أف-16” اعلى مواصلة ضرب قوات تنظيم «الدولة الإسلامية».

· -الهجوم على مركبات الإمداد التابعة للسفارة الأمريكية. في 6 تموز/يوليو، انفجرت ثلاث قنابل مزروعة على جانب الطريق عند مرور موكب شاحنات لوجستية تابعة للسفارة الأمريكية في صفوان. واستُخدمت ذخائر من النوع المتشظّي ومعبأة بمحملات الكريّات، مما أدى إلى إصابة أحد السوّاق.

· -الهجوم على مركبات المستثمرين. في 6 آب/أغسطس، استُهدف موظفو صناعة النفط الغربيون بقنبلة زُرعت على جانب الطريق في البصرة، فألحقت أضراراً بالغة بمركبتهم. وشملت هذه الحادثة نفس ذلك النوع من الجهاز المتشظّي الذي شوهِد في هجوم صفوان، والذي كان يشبه كذلك أربعة أجهزة عُثر عليها في الرميلة وأرطاوي وحلفايا في غضون أسبوع في أوائل كانون الأول/ديسمبر 2018. ووُضعت كافة الأجهزة السابقة قرب مداخل طرق سريعة لحقول النفط يستخدمها مهندسون أجانب.

الحاجة إلى رقابة دولية أكبر

تقوم الميليشيات المدعومة من إيران بتنفيذ سياسة خارجية مستقلة في العراق، فتسخر من حكومة البلاد ودستورها. ولا تهدد هذه الميليشيات الغربيين فحسب – فالعراقيون هم الضحايا الرئيسيون لأنشطتها، ولطالما كانوا كذلك. يجب تركيز المزيد من الاهتمام على هذه التأثيرات التي تشمل مخاطر أمنية أكبر بالنسبة للعراقيين، وتعطيل نضالهم المستمر ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، وخسارة الاستثمارات الأجنبية الضرورية جداً والهيبة الدولية.

ويشكّل تحكَّم الميليشيات بالأسلحة الثقيلة مسألة ملحّة بشكلٍ خاص. فعلى الأغلب، لم تعد الهجمات المنتظمة لتنظيم «الدولة الإسلامية» تهدد المدن العراقية؛ وبدلاً من ذلك، يخشى العراقيون بصورة أكثر من انفجار مستودع للذخيرة تابع لإحدى الميليشيات في جوارهم. فقد تطورت الميليشيات من مصدر حماية إلى أحد مصادر التهديد الأخيرة المتبقية التي يواجهها سكّان المدن. وعلى وجه الخصوص، تُعرّض هذه الميليشيات كافة المواطنين المحليين للخطر عندما تخبئ صواريخ إيرانية كبيرة في بلداتٍ صغيرة مثل آمرلي.

يجب على الولايات المتحدة والجهات الفاعلة الدولية الأخرى أن تثير بحزم مخاطر الأسلحة الثقيلة في جميع الاجتماعات مع كبار قادة الحكومة العراقية. فألوية «الحشد الشعبي» لا تحتاج إلى مدفعية صاروخية لمهامها في مكافحة التمرد ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، ناهيك عن احتياجاتها لصواريخ باليستية إيرانية قصيرة المدى. يجب الإعلان عن جميع هذه الأسلحة، وتفسير وجودها، وتوثيقها، ونقلها لتأمين مرافق التخزين الحكومية خارج المدن.

كما ينبغي للجهات الفاعلة الدولية أن تسترعي انتباه بغداد إلى الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان التي ترتكبها بعض الميليشيات، وفي كثير من الحالات، الجهات الفاعلة التي تدعمها إيران مثل «كتائب حزب الله»، و «عصائب أهل الحق»، ووحدات أقل شهرة. ويعتبر مركز «كتائب حزب الله» للاعتقال الجماعي الموثق جيداً خارج بغداد مجرد مركز زائف، ينبغي لمراقبي حقوق الإنسان الاستمرار في التركيز عليه. وهذه المنشأة نفسها – جرف الصخر – كانت نقطة انطلاق لهجمات الطائرات بدون طيار على منشآت النفط السعودية في 14 أيار/مايو، مما يؤكد بشكل أكبر على عواقب فشل الحكومة العراقية في هذه القضية المهمة.
بعض الميليشيات العراقيةانتهكت حقوق الانسان ووجوب عقوبتها -رداً على التظاهرات التي عمّت بغداد ومختلف المدن الجنوبية بين 1 و 6 تشرين الأول/أكتوبر، اتخذت الحكومة العراقية إجراءات قمعية شديدة لم يسبق لها مثيل ضد المحتجين. وقد تعاونت مجموعة من الميليشيات المدعومة من إيران ومسؤولي الأمن مع مستشارين إيرانيين لتصميم هذه المقاربة الأكثر صرامة، والتي تضمنت اغتيالات ونيران قناصة وهجمات بطائرات بدون طيار وترهيب واعتقالات غير قانونية وانقطاع الإنترنت. وعندما نشرت بغداد نتائج التحقيقات التي توصلت إليها فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان في 22 تشرين الأول/أكتوبر، حددت فقط صغار الضباط، وتجنبت الانتهاكات الرئيسية مثل هجمات القناصة والاعتداءات على محطات التلفزيون، وامتنعت عن تسمية أي من القادة المتورطين من الميليشيات المدعومة من إيران. وفي ظل غياب تحقيق شفاف وصادق من قبل الحكومة العراقية، على الولايات المتحدة فضح أولئك المسؤولين ووضعهم على لائحات العقوبات – لمهاجمتهم المدنيين – ليس فقط لمعاقبتهم على جرائم الماضي، ولكن أيضاً لمنع حدوث المزيد من الانتهاكات في الوقت الذي تلوح في الأفق احتجاجات جديدة بعد الفعاليات الدينية لإحياء الأربعين.

انتهاكات الميليشيات ضد المدنيين-خلال احتجاجات مختلفة في وقت سابق من هذا الشهر، نفذت السلطات العراقية عمليات إطلاق نار جماعية ضد مدنيين مسلمين شيعة. ووفقاً للروايات الرسمية، قُتل 165 مدنياً وجُرح 6100 آخرون، رغم أن التقديرات المسربة من الحكومة تشير إلى مقتل ما يصل إلى 400 شخص، و “اختفاء” 257، وجرح 6200 آخرون. ونظراً إلى موقع الأحداث، كانت نسبة عالية للغاية من تلك الإصابات دون شك من الشيعة. وقد شملت عملية القمع الإجراءات التالية:

· -انقطاع الانترنت. بعد قطع كافة خدمات الإنترنت بالكامل في الفترة بين 2 و 6 تشرين الأول/أكتوبر، قامت الحكومة بتعليق تلك الخدمات لفترات مختلفة منذ ذلك الحين، مع وجود قيود مستمرة على الـ “فيسبوك” و “تويتر” و “واتسآب” و “انستقرام” وتطبيقات مماثلة.

· -الاعتقالات غير القانونية. تمّ اعتقال 923 شخصاً على الأقل، بمن فيهم 35 على الأقل نُقلوا من المستشفيات؛ وقد أُرغم الكثيرون على توقيع تعهدات بعدم المشاركة في احتجاجات مستقبلية تحت طائلة الملاحقة القضائية. وفي 10 تشرين الأول/أكتوبر ذكرت “المفوضية العراقية العليا لحقوق الإنسان” أن 257 شخصاً ما زالوا في عداد المفقودين بعد أن أطلقت الحكومة سراح المحتجزين. ويُعتقد أن العديد من المفقودين في جرف الصخر وغيرها من السجون السرية التي تديرها ميليشيات تدعمها إيران تعمل ضمن «قوات الحشد الشعبي».

· -الترهيب. تحدّث المراسلون الصحفيون ونشطاء المجتمع المدني عن جمع معلومات لتشكيل ملفات عن المنشقين وإدراج أسمائهم في لوائح وترهيبهم جسدياً، مما تسبب في فرار الكثيرين إلى «إقليم كردستان» شمالاً أو مغادرة البلاد تماماً. وقد تمّ وصف المحتجين على نحو غير دقيق بأنهم محرِّضون مدعومون من الخارج، حيث اتُهم البعض إما بأنهم “الجيش الرقمي للسفارة الأمريكية” أو يسعون لإقامة علاقات دبلوماسية طبيعية مع إسرائيل.

· -هجمات القناصة. استخدمت قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية وعناصر ميليشيات مقنّعين النار الحي ضد المحتجين. ومنذ 4 تشرين الأول/أكتوبر، استُهدف زعماء الاحتجاج بشكل فردي بنيران القناصة. ووفقاً لتقارير وسائل الإعلام العراقية، تم نشر هؤلاء القناصة من قبل ميليشيات «قوات الحشد الشعبي» المدعومة من إيران. وجرى اعتقال أحد قناصة «كتائب سيد الشهداء» (اللواء 14 في «قوات الحشد الشعبي»). وفي 17 تشرين الأول/أكتوبر، أفادت وكالة “رويترز” أن عمليات القناصة كانت بالتنسيق مع أبو زينب اللامي، رئيس “مديرية الأمن المركزي” في «قوات الحشد الشعبي» وعضو في جماعة «كتائب حزب الله» التي صنفتها الولايات المتحدة جماعة إرهابية (الألوية 45 و 46 و 47 في «قوات الحشد الشعبي»).

· -هجمات على محطات التلفزيون. تعرّضت ست محطات هي – “العربية” و”دجلة” و”الغد” و”أن أر تي” و”الحدث” و”تي أر تي” – للنهب وقُطع بثها من قبل رجال ميليشيا من «سرايا طليعة الخراساني» (اللواء 18 في «قوات الحشد الشعبي») و «حركة حزب الله النجباء» («قوات الحشد الشعبي» اللواء 12) بسبب استمرارها في نقل مشاهد من الاحتجاجات. وذكرت “هيومن رايتس ووتش” أن الهجمات وقعت بعد فترة قصيرة على قيام “هيئة الإعلام والاتصالات” التابعة للحكومة المركزية بتوجيه تحذير للمحطات بوقف بثها. وجرى اقتحام محطة “أن أر تي” بعد أن بثت مقابلة مع أحد المتظاهرين الذي اتهم ميليشيات «قوات الحشد الشعبي» بتنفيذ هجمات القناصة. وعندما بدا أن محطة سابعة هي “الفرات” محصّنة جيداً بحيث يصعب اقتحامها، قامت «عصائب أهل الحق» (الألوية 41 و 42 و 43 من «قوات الحشد الشعبي») بقصف المبنى في 6 تشرين الأول/أكتوبر إما بواسطة متفجرات وُضعت يدوياً أو بطائرة بدون طيار، مما أدى إلى إتلاف سيارات ومباني آخرى في المنطقة.

قادة الميليشيات الخاضعين للعقوبات

وفقاً لوكالة “رويترز” ووكالات إعلامية أخرى، انضمت مجموعة من الميليشيات العراقية وقادة الأمن العراقيين إلى ضباط في «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني لتشكيل خلية أزمة في بغداد في 3 تشرين الأول/أكتوبر. وانطلاقاً من غرفتي عمليات – منزل آمن سري في الجادرية ومبنى لهيئة تابعة لـ «قوات الحشد الشعبي» بالقرب من مستشفى إبن سينا – قدم ضباط اتصال إيرانيون المشورة بناءً على خبرتهم في محاربة النشطاء في إيران، بالإضافة إلى توفيرهم مواد استخبارية عن النشطاء والاتصالات الآمنة للقناصة. وأبرزت “رويترز” أدلة على أن القناصة تلقوا الأوامر مباشرة من قادة ميلشياتهم “وليس من القائد الأعلى للقوات المسلحة… إنهم ينتمون إلى فصيل مقرب جداً من إيران”.

ومن بين الأفراد الذين تمّ تحديدهم على أنهم يعملون في خلية الأزمة، نأتي على ذكر:

· -قاسم سليماني. قائد «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري الإسلامي» المصنف إرهابي من قبل الولايات المتحدة، وصل إلى بغداد في 4 تشرين الأول/أكتوبر لضبط أنشطة الحكومة المناهضة للاحتجاجات.

· -أبو مهدي المهندس (اسمه الحقيقي جمال جعفر ابراهيم). قائد عمليات «قوات الحشد الشعبي»، صنفته الحكومة الأمريكية إرهابياً في عام 2009.

· -فالح الفياض. مستشار الأمن القومي العراقي ورئيس «هيئة الحشد الشعبي»، عاد الفياض إلى بلاده في 4 تشرين الأول/أكتوبر بعد اجتماعه مع مسؤولين أمريكيين في واشنطن. وبعدها، عمل مباشرة مع الخلية الإيرانية في وقت وفر فيه مساعده الإداري حميد الشطري الدعم.

· -أبو جهاد (اسمه الحقيقي محمد الهاشمي). مدير مكتب رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، بدأ العمل مع الخلية بعد عودته من زيارة لبريطانيا في 5 تشرين الأول/أكتوبر.

· -قيس الخزعلي. الأمين العام لـ «عصائب أهل الحق»، كان قد دعم بشكل كامل حملة القمع والتشهير بالمتظاهرين بمساعدة «الحرس الثوري الإسلامي» بوصفهم محرِّضين مدعومين من الخارج.

· -أبو زينب اللامي (اسمه الحقيقي حسين فالح اللامي). كما ذُكر سابقاً، قام بتنسيق عمليات القناصة ضد المتظاهرين، في وقت ساهم فيه اثنان من مساعديه، هما أبو باقر (مدير “مديرية الأمن المركزي” لمنطقة الرصافة ببغداد) وحجي غالب (رئيس قسم التحقيقات في “مديرية الأمن المركزي”) في إدارة عمليات القمع.

· -أبو منتظر الحسيني (اسمه الحقيقي تحسين عبد مطر العبودي). رئيس العمليات السابق في «قوات الحشد الشعبي» والمستشار الحالي لرئيس الوزراء عبد المهدي لشؤون «الحشد الشعبي». وكان أبو منتظر شخصية رئيسية في جمع كافة الجهات الفاعلة معاً في خلية الأزمة.

· -أبو تراب (اسمه الحقيقي ثامر محمد اسماعيل). يرأس حالياً اللواء الحقوقي اسماعيل، الذي هو عضو منذ وقت طويل في «منظمة بدر» المدعومة من إيران، “فرقة الرد السريع” التابعة لوزارة الداخلية (التي تعرف أيضاً باسم “قسم الاستجابة لحالات الطوارئ”). وخلال المظاهرات، نشر قناصين لاستهداف المدنيين.

· -حامد الجزائري. قائد «سرايا طليعة الخراساني» (اللواء 18 في «قوات الحشد الشعبي»، ساعد في تنسيق الهجمات على محطات التلفزيون.

· -أبو آلاء الولائي (اسمه الحقيقي هاشم بنيان السراجي). قائد ميليشيا «كتائب سيد الشهداء» المدعومة من إيران (اللواء 14 في «قوات الحشد الشعبي»)، عمل مع خلية الأزمة وقدّم قناصين لعملية القمع.

· -أبو إيمان الباهلي. رئيس مديرية الاستخبارات في «قوات الحشد الشعبي»، الذي هو مسؤول الارتباط مع مسؤولي الاستخبارات السيبرانية في «الحرس الثوري الإسلامي»؛ وقد أعدّ قوائم أهداف من نشطاء المجتمع المدني والصحفيين.

توصيات في مجال السياسة العامة

لمنع إيران من الإمعان في تعريض الحكومة العراقية للخطر أو إثارة العنف في جميع أنحاء البلاد، على واشنطن أن تُظهر أنها تقف إلى جانب الجيل القادم من العراقيين وتدعمهم، وخاصةٍ الإصلاحيين ومؤيدي حرية التعبير الذين خرجوا إلى الشوارع على الرغم من مواجهتهم تهديد حقيقي بالموت. وفي 18 تموز/يوليو، ساهمت الجولة الأولى من العقوبات المفروضة بموجب “قانون ماغنيتسكي الدولي” الأمريكي ضد النخب العراقية في بث الخوف ضمن قيادة البلاد إلى حد كبير، مما أدّى إلى قيام الكثير من أفرادها بإرسال أموالهم ومحافظهم العقارية وعائلاتهم إلى سلطات قانونية أجنبية يمكن أن تطالها العقوبات الأمريكية. يجب تكرار هذه التجربة من خلال جولات متعددة من العقوبات الجديدة وكشف الجرائم المرتكبة بحق الشعب العراقي:

· -فرض عقوبات على مسؤولين بارزين بجرائم انتهاك حقوق الإنسان. توفر القائمة أعلاه عدداً من الأهداف للعقوبات المفروضة بموجب “قانون ماغنيتسكي الدولي”. وحتى في الحالات التي يخضع فيها الأفراد أساساً لعقوبات من جراء ارتكابهم جرائم إرهابية، سيكون من المفيد إدراجهم أيضاً بسبب انتهاكهم حقوق الإنسان، وهي تهمة قد يكون لها صدى أكبر مع الشعب العراقي. ويجب كذلك إدراج أسماء كبار القادة ومن ذوي المستويات المتوسطة في القائمة، مع توجيه رسالة واضحة مفادها أنه يمكن رفع العقوبات بسرعة إذا غيّر هؤلاء المسؤولون سلوكهم خلال الاحتجاجات المستقبلية. وفي غضون ذلك، ينبغي تشجيع بريطانيا على فرض عقوبات موازية لانتهاك حقوق الإنسان نظراً إلى الانكشاف الكبير لمسؤولين مثل أبو جهاد في ذلك الاختصاص القضائي.

· -مراقبة انتهاكات حقوق الإنسان عن كثب بعد إحياء الأربعين. من المحتمل أن تندلع احتجاجات جديدة في 25 تشرين الأول/أكتوبر، وهو يوم الجمعة الأول بعد الفعاليات الدينية المهمة للشيعة. ومن المرجح بشكل بارز تنظيم تظاهرات كبيرة الآن خاصة أن الحكومة قد سلكت المسار المتوقّع المتمثل بتغطية تواطئها ومشاركتها في عمليات القمع بمساعدة «الحرس الثوري الإسلامي». يتعين على الولايات المتحدة التركيز باهتمام على تصرفات المسؤولين العراقيين وأقوالهم واتصالاتهم خلال الموجة التالية من الاحتجاجات، وتوليدها أدلة إضافية على حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان في حالة حدوثها.

· -تسليط الضوء على دور القوات الإيرانية. يجب الكشف عن تفاصيل الإجراءات الإيرانية المناهضة للاحتجاجات في العراق، حتى لو كان ذلك على حساب الكشف عن بعض فرص جمع المعلومات. يجب تسليط الضوء أيضاً على أوجه الشبه بين تكتيكات مناهضة الاحتجاجات السابقة في إيران والتكتيكات الحالية للميليشيات في العراق، خاصة في مجالات الإنترنت والساحات الإلكترونية.

· -إعادة التركيز على عمليات الاعتقال التي تنفذها «كتائب حزب الله». على واشنطن أن تحث منظمات حقوق الإنسان والجهات الفاعلة الدولية الأخرى على إيلاء المزيد من الاهتمام لعمليات الاعتقال غير القانوني التي تنفذها هذه الجماعة بحق مئات المدنيين في سجونها السرية وأهمها جرف الصخر.