مازال “حمام الدم” مفتوحًا .. البطش بالمتظاهرين يتزايد والحكومة في وادٍ آخر .. لمن الغلبة في النهاية ؟

مازال “حمام الدم” مفتوحًا .. البطش بالمتظاهرين يتزايد والحكومة في وادٍ آخر .. لمن الغلبة في النهاية ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

بدأت الدعوات، خاصة الدولية، تنطلق تجاه إنقاذ المحتجين العراقيين من العنف المتزايد الذين يواجهونه، خاصة خلال اليومين الماضيين؛ وهو ما بدأ يطلق عليه “حمام الدم” بسبب سقوط الكثير من القتلى في محاولة لقمع تلك الاحتجاجات وإيقافها.

وبسبب ذلك الوضع، طالبت “الولايات المتحدة”، اليوم، بإجراء انتخابات مبكرة في “العراق” ووقف العنف ضد المحتجين في أنحاء البلاد، وفقًا لبيان صادر عن “البيت الأبيض”.

وأوضح البيان أن: “العراقيين لن يبقوا مكتوفي الأيدي إزاء استنزاف النظام الإيراني لمواردهم واستخدامه للمجموعات المسلحة لمنعهم من التعبير عن آرائهم بسلمية”.

وأشار البيان إلى أن: “الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء الهجمات المستمرة ضد المتظاهرين والناشطين المدنيين والإعلام في العراق، فضلاً عن القيود المفروضة على الإنترنت في العراق”.

وأضاف: “على الرغم من استهدافهم بالعنف وحرمانهم من الوصول إلى الإنترنت، فإن الشعب العراقي قد سمع صوته الذي يدعوا إلى إجراء انتخابات وإصلاحات انتخابية”.

وقف العنف وإطلاق سراح المعتقلين..

وتنضم “الولايات المتحدة” إلى بعثة المساعدة من “الأمم المتحدة”، في “العراق”، في دعوة الحكومة العراقية إلى وقف العنف ضد المتظاهرين والوفاء بوعد الرئيس بتمرير الإصلاح الانتخابي وإجراء انتخابات مبكرة.

وفي السياق؛ شددت بعثة “الأمم المتحدة” في “العراق” على ضرورة إطلاق السلطات سراح جميع المعتقلين من المتظاهرين السلميين، مؤكدة على وجوب تحديد هوية المسؤولين عن استهداف المتظاهرين.

كما دعت البعثة الدولية، في بيانها، إلى الإسراع في وضع إطار قانوني للانتخابات وإصلاح الأمن وحصر السلاح بيد الدولة.

كبح جماح قوات الأمن..

والسبت؛ طالبت “منظمة العفو الدولية”، (أمنستي)، السلطات العراقية، بكبح جماح قوات الأمن “على الفور”، بعد مقتل 6 محتجين على الأقل وسط “بغداد” أثناء محاولة الشرطة إزالة الحواجز والخيام من عدة جسور وشوارع بالقرب من “ميدان التحرير”.

بالإضافة إلى القتلى الستة في “بغداد”، قُتل نحو 12 متظاهرًا في “البصرة”، جنوبي “العراق”، خلال الأيام الأخيرة، بحسب البيان الصادر عن “منظمة العفو الدولية”.

واعتبرت المنظمة، في بيانها، أن “بغداد” و”البصرة” شهدتا “أيامًا أكثر دموية من جراء القوة المفرطة التي استخدمتها قوات الأمن العراقية مع المتظاهرين”.

وقالت مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، “هبة مورايف”: “يجب على السلطات العراقية أن تأمر فورًا بوضع حد لهذا الاستخدام غير القانوني المفرط للقوة”.

سرعة التحقيق في حوادث الإعتداء..

داخليًا، دعا “مجلس القضاء الأعلى” بـ”العراق”، أمس، القوات الأمنية، لضرورة القيام بواجبها في حفظ الأمن والنظام وسلامة المتظاهرين وعدم استخدام العنف في التعامل معهم.

وقال المجلس، في بيان صحافي أصدره بختام اجتماع له، إن المجلس يحث “اللجان القضائية التحقيقية التي شكلت في المحافظات بخصوص حوادث الإعتداء ضد المتظاهرين بسرعة إنجاز التحقيق مع المتهمين الذين تم توقيفهم والذين صدرت بحقهم مذكرات قبض بخصوص ذلك وتقديم المذنبين منهم للمحاكمة ومحاسبة من أعتدى على الممتلكات العامة والخاصة وفقًا للقانون”.

تزايد العنف بعد إنطلاق قوات مكافحة الشغب..

تأتي هذه المطالب، بعد أقل من 24 ساعة على مقتل وإصابة العشرات قرب ساحتي “التحرير” و”الخلاني”، وسط العاصمة العراقية، “بغداد”، مع إنطلاق قوات مكافحة الشغب من “ساحة الخلاني” بإتجاه “نفق التحرير” وسط إطلاق كثيف للغاز المسيل للدموع.

وأغلقت قوات الأمن العراقية “ساحة الخلاني” بالحواجز الإسمنتية لمنع وصول المتظاهرين إليها قادمين من “ساحة التحرير”، وسط العاصمة، “بغداد”.

وجاءت عملية الإغلاق عقب يوم من المواجهات بين المتظاهرين وقوات مكافحة الشغب لاستعادة السيطرة على الساحة الواقعة في قلب العاصمة العراقية، “بغداد”، نجم عنها سقوط 6 قتلى ونحو 100 جريح، وتعدى بذلك عدد القتلى منذ بداية أكثر من 300 شهيد.

وقال “المرصد العراقي لحقوق الإنسان”، على حسابه في (تويتر)، إن المتظاهرين قُتلوا خلال مواجهات مع قوات الأمن في ساحتي “التحرير” و”الخلاني”، مضيفًا أن المتظاهرين أطلقوا نداءات إستغاثة من أجل وقف ما وصفها بـ”عمليات العنف المرتكبة بحقهم”.

ونقلت تقارير عن المفوضية الحكومية، التي ينتشر ممثلوها في أنحاء “العراق”، قولها إن عدد المصابين خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة بلغ قرابة 15 ألف مصاب.

وبعد أسبوعين على إغلاقها بسبب الإضراب العام، أعادت مدارس وجامعات “بغداد”، أمس الأحد، فتح أبوابها أمام الطلبة.

ويأتي هذا العنف على الرغم مما أعلنه المتحدث باسم القوات المسلحة العراقية، “عبدالكريم خلف”، الأربعاء الماضي، بشأن صدور أوامر بعدم استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين الذين يحتجون، منذ الأول من تشرين أول/أكتوبر الماضي، في مختلف مدن البلاد ضد الفساد وتردي الأوضاع الاجتماعية.

حركة إصلاحية مشروعة لابد منها..

ومع كل هذه المطالب؛ ورغم استخدام العنف من قِبل النظام الحاكم، وصفت رئاسات الجمهورية والوزراء والنواب في “العراق” الاحتجاجات الشعبية الحالية بأنها “هي حركة إصلاحية مشروعة لا بد منها”، وهو ما يدلل على التناقض ما بين القول والفعل.

وقالت إنها بدأت بالفعل في “التمهيد لحوار وطني بهدف مراجعة نظام الحكم في البلاد”.

وقالت الرئاسات الثلاث في “العراق”، في بيان رسمي، إن الاحتجاجات “استجابة للرأي العام الوطني ولمتطلبات الحياة السياسية والخدمية التي يستحقها العراقيون الغيارى بعد عقود من الطغيان والحروب والعنف والفساد”.

وتعهد البيان: “بالإمتناع ورفض أي حل أمني للتظاهر السلمي”.

وأكد على الإلتزام بـ”المحاسبة الشديدة لأية مجابهة تعتمد العنف المفرط”. وأشار المشاركون في الاجتماع إلى أوامر القائد العام للقوات المسلحة بمنع استخدام الرصاص الحي وجميع أشكال العنف التي تعتمد القسوة والمبالغة فيها، في ومواجهة المتظاهرين.

وحسب البيان؛ فإن الرئاسات الثلاث “باشرت فعلاً بالتمهيد للحوار الوطني لمراجعة منظومة الحكم والدستور وفق السياقات الدستورية والقانونية”.

كما عبرت عن إعتقادها بأن المظاهرات “ساعدت وتساعد في الضغط المشروع على القوى والأحزاب السياسية وعلى الحكومة والسلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية من أجل القبول بتصحيح المسارات وقبول التغييرات الإيجابية؛ خصوصًا في مجالات التعديل الوزاري على أساس الكفاءة والحدّ من الآثار الضارة للمحاصصة بمختلف صورها”.

وسلطت صحف عربية الضوء على تزايد حدة العنف وعدد القتلى بين صفوف المحتجين العراقيين.

وربط عدد من الكُتاب تزايد وتيرة العنف بما تردد من أن رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، التقى يوم السبت 9 تشرين ثان/نوفمبر؛ اللواء “قاسم سليماني”، قائد (فيلق القدس) في “الحرس الثوري” الإيراني، وعددًا من القوى السياسية العراقية.

ونتج عن الاجتماع تعهد “عبدالمهدي” بتعديل وزاري مهم يأتي “استجابةً لمطالب المتظاهرين” بدلًا من استقالته التي أصبحت مطلبًا شعبيًا.

مؤشرات خطيرة لتزايد العنف..

فتقول “موناليزا فريحة”؛ في جريدة (النهار) اللبنانية، إن: “بعد ستة أسابيع على اندلاع الاحتجاجات الشعبية العارمة في كبرى المدن العراقية احتجاجًا على الفساد السياسي، والوضع الاقتصادي المتدهور، برزت مؤشرات خطيرة لتصعيد العنف ضد المحتجين، بعد اتفاق بين الكتل السياسية الكبيرة أشرف عليه قائد (فيلق القدس)، قاسم سليماني، يقضي بإبقاء رئيس الوزراء، عادل عبدالمهدي، في منصبه، على رغم المطالب الشعبية برحيله”.

ويؤيدها في الرأي “إبراهيم شعبان”، في موقع (صدى البلد) المصري، فيقول: “يدخل البلد في متاهات مزعجة ودموية تكاد تعصف بالعراق، وتحشره في أتون حرب أهلية مريرة تستعيد الأيام السوداء قبل أكثر من 10 سنوات”.

مضيفًا أن: “الحاصل أن التطورات في المشهد العراقي، وخصوصًا خلال الساعات الأخيرة، تكاد تكون مزعجة للغاية، فسقوط مزيد من القتلى والمصابين في العراق، وتحرك جهات مجهولة داخله في الميادين لقتل المتظاهرين، وإطلاق الرصاص الحي عليهم، قد دفع بالأمور إلى منعطف خطير”.

خيارات الانتفاضة الشعبية..

وفي السياق ذاته؛ تقول جريدة (رأي اليوم) الإلكترونية اللندنية؛ في افتتاحيتها، إن: “الاجتماع الذي إنعقد بالأمس في بغداد وحضره، الجنرال قاسم سليماني، رئيس (فيلق القدس) في (الحرس الثوري) الإيراني، وحُضور جميع قادة الأحزاب والكُتل البرلمانيّة … هذا الاجتماع غير المسبوق، أدى إلى توحيد (البيت الشيعي) وحشده خلف حكومة، عادل عبدالمهدي، وتقديم كل الدعم لها، وإنهاء الانتفاضة الشعبية بالقوة مهما كلف الأمر تجنبًا للفوضى”.

وتتابع الجريدة: “الانتفاضة الشعبية العراقية باتت تقف أمام خيارين رئيسيين: الاستمرار ومواجهة القوى الأمنية العراقية؛ التي أصبحت تشدد الخناق عليها وتستخدم القوة لتحقيق هذا الغرض، أو التوقف تجنبًا لحدوث خسائر بشرية كبيرة، والإكتفاء بما حققته حاليًّا من بعض الإنجازات وأهمها إحداث صدمة للنظام السياسي الطائفي القائم على المُحاصصة، والقبول بتعديل وزاري شامل وعد به السيد، عادل عبدالمهدي”.

حروب قمع الشعوب..

ويقول “ماجد السامرائي”، في جريدة (العرب) اللندنية؛ إنه: “في محاولة لإخراج حكومة عادل عبدالمهدي؛ والأحزاب القائدة للعملية السياسية، من أزمتها الحالية تحاول إيران عن طريق ممثلها الجنرال قاسم سليماني تقديم خبراتها الطويلة في حروب قمع الشعوب رغم تعقيدات وخصوصيات الأزمة العراقية”.

ويضيف الكاتب: “ثمة لعبة جديدة يتم الإشتغال عليها حاليًا لتوظيف شعار (السلمية)، الذي رفعه المتظاهرون في انتفاضتهم من الأول من تشرين أول/أكتوبر الماضي؛ وتصوير المشهد على النحو التالي: قطاع كبير من المتظاهرين يمارس الأسلوب السلمي للمطالبة بحقوق مشروعة من قِبل الحكومة التي تؤيد تلك المطالب المحدودة، بينما يوجد قطاع آخر مدسوس يستخدم العنف المسلح ضد القوات الأمنية”.

ويتابع: أن “خرق السلمية قد حصل من قِبل القوات العسكرية والأمنية والنتائج هي مقتل ما لا يقل عن 269 متظاهرًا وجرح أكثر من خمسة عشر ألفًا … في المواجهة الحاصلة حاليًا هناك طرفان، الأول جمهور الانتفاضة السلمية المتمركز حاليًا في العاصمة، بغداد والبصرة وكربلاء والناصرية، والطرف الثاني الأجهزة الأمنية والعسكرية الحكومية وقوات متخفية من الميليشيات”.

ويرى “السامرائي” أن: “الطرف الحكومي الذي يمارس قمع المتظاهرين يمتلك إمكانيات لوجيستية هائلة هي إمكانيات دولة من أسلحة فتاكة وقنابل مسيلة للدموع قاتلة للبشر لمواصفاتها الخطرة … وهناك إمكانيات وتقنيات إعلامية كبيرة مسخرة لتوصيل خطاب شيطنة الانتفاضة الشعبية وتقزيمها إلى مجرد تظاهرات مطالبة ببعض الحقوق”.

حرب إبادة المتهم الأول فيها إيران..

وفي الإتجاه ذاته، يقول “عبدالمنعم إبراهيم”، في جريدة (أخبار الخليج) البحرينية إن: “الثورة الشعبية العراقية تتعرض لحرب إبادة؛ المتهم الأول فيها إيران، التي هزها المشهد العراقي العنيف ضد وجودها في العراق، فهي لا تريد أن تخسر العراق كحديقة خلفية لجوارها الجغرافي، وسوف تتمسك بنفوذها هناك بكل السبل، التي من بينها قتل أبناء الشعب العراقي بالرصاص والقنابل المحظورة دوليًا”.

ويتابع: “المتهم الثاني في قمع وقتل المتظاهرين، هي (الطبقة السياسية)، التي تحكم العراق منذ عام 2003 حتى الآن، وهي مجموعة أحزاب معظمها مصنوعة في إيران وموالية للمرشد الأعلى الإيراني، خامنئي، وطوال الـ 16 عامًا الماضية نهبت ثروة الشعب العراقي بمليارات الدولارات”.

الجيش لم يستخدم الرصاص الحي ضد المتظاهرين..

فيما يقول “فاتح عبدالسلام”، في جريدة (الزمان) العراقية اللندنية؛ إن: “شهادات من ساحات الانتفاضة في العراق ضد الفساد والظلم تؤكد أن الجيش العراقي، منذ الخامس والعشرين من تشرين أول/أكتوبر 2019، لا يستخدم الرصاص الحي ضد المحتجين؛ وطالما ظهر في مواقع مختلفة من دون حمل السلاح”.

ويضيف أن: “يقوم الجيش في سبعة مداخل لساحة التحرير، ببغداد، بتفتيش الداخلين إليها منعًا لتسلل أي سلاح قد يخرب المشهد السلمي العظيم هناك، ذلك هو موقف مضيء يعزز حقيقة أن أبناء القوات المسلحة يتمسكون بعراقيتهم … لكن ذلك كله يتلاشى في نظر الملايين من العراقيين كلما سقطت قطرة دم من شهيد لم يكن أكثر من متظاهر سلمي لا سلاح له سوى الهتاف المزلزل”.

وتابع: “لم يعد مقنعًا أي خطاب سياسي أو أمني يتحدث عن مسلحين ملثمين أو مندسين أو سيارات مجهولة تطلق الرصاص وتوقع الشهيد تلو الشهيد، من دون أن تكون السلطات قادرة على مواجهة هؤلاء المارقين المسلحين، وعلاماتهم معروفة ولون ملابسهم لا تخطئه العين وأصواتهم تصل إلى أسماع المتظاهرين أحيانًا”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة