الأكراد يواجهون الغزو التركي .. وأكثر المستفيدين هو تنظيم “داعش” !

الأكراد يواجهون الغزو التركي .. وأكثر المستفيدين هو تنظيم “داعش” !

خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :

يمثل انسحاب القوات الأميركية من شمال “سوريا” وترك الأكراد فريسة للرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”؛ نهاية التدخل الأميركي في الحرب السورية. وهو بالطبع كان تدخلًا فاشلًا لأنه إفتقر إلى الغاية والهدف.

وسيخلِّف الانسحاب الأميركي تداعيات كارثية لأصدقاء “الولايات المتحدة” وحلفائها في المنطقة. بحسب المحلل الإسرائيلي، “إيال زيسر”.

تدخُّل بلا هدف !

لقد كان الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، صادقًا عندما قال إن “الولايات المتحدة” لم تكن لها أية مصلحة في “سوريا” الممزقة، والتي تعاني من الصراعات والانقسامات الطائفية والعشائرية، التي حولتها إلى ساحة للصراعات بين كل من “روسيا وتركيا وايران والسعودية”؛ بل وحتى “إسرائيل”.

مهمة محددة..

أشار “زيسر” إلى أن القوات الأميركية لم تأت في بداية الأمر إلى “سوريا” لإنهاء الحرب الطاحنة هناك، ولا حتى لمنح الحرية والعدالة لأبناء الشعب السوري. كما لم تأت القوات الأميركية إلى “سوريا” لتحقيق أُمنية “إسرائيل” في وقف الأطماع التوسعية لـ”إيران”.

وإنما كان الهدف الحقيقي من مجييء القوات الأميركية إلى “سوريا”؛ هو محاربة تنظيم (داعش)؛ الذي تمكن من الإستيلاء على ما يقرب من نصف مساحة “سوريا”، ثم أخذ يشن موجات من العمليات الإرهابية في أرجاء العالم؛ بما في ذلك “الولايات المتحدة”.

ومن المعروف أن الأميركان هم آخر من يتوانى عن التصدي للإرهاب. خاصة أن الهجوم الوحيد الذي وقع على الأراضي الأميركية، بعد الحرب العالمية الثانية، هو هجوم الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001؛ الذي خلف آلاف القتلى الأبرياء في “واشنطن” و”نيويورك”. ولم يكن ذلك هجومًا روسيًا أو صينيًا بل كان على يد تنظيم (القاعدة) – الذي أفرز فيما بعد تنظيم (داعش).

الفضل يعود للأكراد..

لقد تمكن الجنود الأميركيون، الذين تم إرسالهم إلى “سوريا”، من إسقاط دولة الخلافة التي أقامها تنظيم (داعش). ورغم ما بذله الجنود الأميركيون في “سوريا”، والدور الحاسم للغارات الجوية الأميركية؛ إلا أن الفضل في نجاح الأميركيين يعود في الأساس للمقاتلين الأكراد في شمال “سوريا”، ومعهم الشيعة في “العراق”، الذين خاضوا المعارك الميدانية ضد مقاتلي (داعش). فالمحاربون الأكراد في “سوريا” هم الذين خاضوا المعارك الشرسة والدموية، وهم الذين حرَّروا القرى والمدن في شمال “سوريا”، إلى أن تحقق الانتصار النهائي على تنظيم (داعش).

التنظيم لا يزال موجودًا !

يرى “زيسر” أنه رغم سقوط دولة الخلافة التي أقامها (داعش)؛ إلا أن التنظيم لم ينتهي تمامًا من الوجود؛ فهو يخوض حرب عصابات ولا يزال موجودًا بين السكان السُنة في “سوريا” و”العراق”. كما أن ذلك التنظيم لم ينتهي فكريًا وإيديولوجيًا؛ والدليل على ذلك هو استمرار العمليات الإرهابية التي وقعت مؤخرًا حتى داخل “أوروبا” وتحمل الطابع الإسلامي.

وهناك من يرى أن تنظيم (داعش) بدأ يطل برأسه من جديد، وربما عاد إلى نقطة البداية التي إنطلق منها، في صيف عام 2014، لشن حملاته التوسعية في “سوريا” و”العراق”: إنه يشن حرب عصابات وينفذ عمليات إرهابية ضد قوات الجيش السوري والعراقي وضد باقي خصومه ومعارضيه؛ وهو الآن في انتظار  للعودة إلى الظهور العلني من جديد.

أهل السُنة يعانون الإضطهاد..

أوضح المحلل الإسرائيلي أن المشهد (السوري-العراقي) لم يتغير كثيرًا، خلال العقد الأخير. فأتباع المذهب السُني في البلدين يعيشون حالة من الإنهاك والتعب جراء الحرب الطائفية؛ لكنهم لا يزالون يشعرون بالغُبن والإضطهاد على يد الحكام الشيعة في “بغداد” والنظام العلوي في “دمشق”. ولقد إزداد الشعور بالغبن والظلم، حتى في ظل الوجود الأميركي، الذي أثار غضب الكثيرين من أتباع المذهب السُني.

وعندما تواجدت القوات الأميركية في المنطقة؛ وقدمت المساندة اللازمة للأكراد، كان من الصعب على تنظيم (داعش) أن يُطل برأسه من جديد. أما الآن بعد انسحاب القوات الأميركية واستمرار إضطهاد أهل السُنة؛ فقد سنحت الفرصة من جديد لعودة ظهور ذلك التنظيم الإرهابي.

“داعش” ليس عدوًا..

أشار “زيسر” إلى أن “تركيا” لم يسبق لها يومًا أن حاربت تنظيم (داعش)؛ بل إنها لا تعتبره تنظيمًا معاديًا، لكن غاية ما هنالك أنها تتخذه مجرد وسيلة في حربها ضد الأكراد؛ وكذلك ضد قوات “بشار الأسد”.

وحتى الزعيم السوري، “بشار الأسد”، قليلًا ما حارب تنظيم (داعش)، ومعظم المعارك التي شنها كانت ضد خصومه المعتدلين؛ الذين اعتبرهم يمثلون خطرًا على بقاء نظامه. إذاً فإن الجهة الوحيدة التي حاربت “تنظيم الدولة” بكل بسالة هم الأكراد في شمال “سوريا”.

“داعش” سيلاحق الأميركيين !

ختامًا يقول “زيسر”: ربما تكتشف “الولايات المتحدة” – كما اكتشفت “إسرائيل” من قبل عندما انسحبت من جنوب “لبنان” ومن “قطاع غزة” – أنه من السهل جدًا مغادرة “سوريا” وإخراج القوات الأميركية منها؛ لكن المشكلة الكبرى هي أن تنظيم (داعش) لن يترك “واشنطن” وشأنها، بل سيظل يلاحق “الولايات المتحدة” حتى في عقر دارها.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة