9 أبريل، 2024 2:37 م
Search
Close this search box.

“قيس سعيد” .. حاكم “قرطاج” الجديد صاحب اللغة “الخشبية” الذي كتب شهادة وفاة الأحزاب التقليدية !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

حاكم “قرطاج” الجديد الذي ضرب فوزه عرض الحائط بكل المقاييس التي كانت متوقعة، وهو الأمر الذي قلب كل الموازين السياسية التي ستشهدها “تونس” خلال الفترة القادمة من حكمه، حيث وقع حكمه شهادة وفاة الأحزاب التقليدية، كما كتب نهاية مسيرة شخصيات سياسية بارزة، كانت إلى وقت قريب على رأس السلطة في البلاد

إنه الأكاديمي، “قيس سعيد”، خليفة الرئيس الراحل، “الباجي قائد السبسي”، الذي لم يكن متوقعًا يومًا فوزه بالرئاسة التونسية؛ إلا بعد دخوله السباق للجولة الثانية.

أعلن التليفزيون الرسمي في “تونس”، فوز “قيس سعيد” فوزًا كاسحًا بنسبة 76.9% في الانتخابات الرئاسية بعد جولة الإعادة التي خاضها، أمس الأول، مع “نبيل القروي”، الذي حصل على 23.1%.

بعد إعلان فوزه، تعهد بأن يكون رئيس كل التونسيين، ويكون على قدر المسؤولية التي أسندت له، من أجل ضمان استمرارية الدولة، مؤكدًا: “إنتهاء عهد الوصاية”، كما شدد على أن: “مشروعه يقوم على الحرية”.

وقال إن: “الشعب التونسي يدخل اليوم مرحلة تاريخية جديدة يستلهم الآخرون العبر منها”.

وتقدم “سعيد” بشكره لكل الناخبين الذين منحوه ثقتهم، لافتًا إلى أنه سيعمل على بناء “تونس” بقدرات جديدة وعلى تحقيق ما يريده الشعب وتطبيق القانون على الجميع دون استثاء.

وقال “سعيد”، في مؤتمر صحافي أمس الأول: “أشكركم من أعماق الأعماق، وسأحمل الرسالة والأمانة بكل صدق وإخلاص، لأننا اليوم نحاول أن نبني بقدراتنا تونس جديدة، تونس التي صاح الشعب في كانون أول/ديسمبر “الشعب يريد”؛ واليوم أرى أنكم تحققون ما تريدون. هذه الجملة العابرة للتاريخ العابرة للقارات حتى الدول التي لا تنطق اللغة العربية رددوها بالعربية”.

بداياته للظهور..

صعد نجمه في السياسة التونسية، منذ إعلانه إعتزام الترشح للانتخابات الرئاسية بصفته مرشحًا مستقلاً، فظهرت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي باسمه تدعو إلى الإلتفاف حوله ودعمه للفوز في هذا الاستحقاق الانتخابي، يقودها خاصة طلبة جامعيون. وتزايد الاهتمام به وبترشحه ونجح في الإستئثار بنصيب واسع من المساندة، حتى برز اسمه في استطلاعات الرأي وتصدر نوايا تصويت التونسيين.

لم يظهر في تجمّعات شعبية كبيرة خلال الحملة الانتخابية، ولم تعلق له لافتات كبرى تحمل صورته في الشوارع، وأكتفى فقط بالتجول على سيارته الخاصة في عدد من المدن للقاء المواطنين في المقاهي والأسواق الشعبية، بعد أن رفض التمويل العمومي للمرشحين الرئاسيين، بحجة أنه مال عام وهو حق للشعب التونسي فقط.

الطريقة المتواضعة التي استخدمها “سعيد”، أثناء فترة الإعلان عن نفسه، نجحت في لم شمل العديد من الجماهير المساندة له، خاصة من فئة الشباب والطلبة، وجعلته يقفز فوق جميع المرشحين البارزين والأسماء الثقيلة المدعومة من الأحزاب ووسائل الإعلام ورجال المال والأعمال، والحصول على ثقة الأغلبية الساحقة من الناخبين التونسيين.

إيديولوجيته الفكرية والسياسية..

إيديولوجية “سعيد” الفكرية وبرنامجه الانتخابي لخصه في الجملة الآتية: “أنا لا أبيع الوهم للشعب التونسي.. وبرنامجي الذي أعلنته واضحًا، الشعب هو مصدر السلطات، والدستور يجب أن يكون قاعديًا ولا توجد ما تسمى دولة مدنية ولا دينية”.

وبهذا قام برنامجه السياسي على إعطاء دور محوري للجهات وتوزيع السلطة على السلطات المحلية عبر تعديل الدستور، ويعتقد أن الوضع الحالي يقتضي إعادة بناء سياسي وإداري جديد، ينطلق من المحلّي نحو المركزي عبر تأسيس مجالس محلية، وجعلها تشارك في السلطة.

كذلك يرى “سعيد” أن الشعب نفسه هو من يجب أن يضع الخطط والإستراتيجيات الفكرية والاقتصادية التي تحرك الوطن بعد الثورة، وليس العكس.

أبرز مواقفه..

عقب إعلانه ترشحه لرئاسيات “تونس”؛ شدد “سعيد” على أنه لن يتحالف مع أي حزب أو جهة سياسية، موضحًا أنه سيحافظ على استقلاليته.

وشدد على أن هدفه يكمن بتعبيد الطريق أمام الشباب لتسلم السلطة، ورأى أن الاستعمار لا يتسلل للدول العربية عبر الحدود؛ بل “عبر عملائه بالداخل”، مؤكدًا أن قضايا الدين والهوية التي زرعت داخل الدول الثائرة “هي لتشتيت أبناء الوطن الواحد”.

“قيس سعيد” يُعد من أبرز المؤيدين للمصالحة “مع الشعب”، وليس بين الأطراف السياسية، على حد قوله، معتبرًا أن المصالحة بشكلها الأخير تُعتبر “بحثًا عن دعم مالي مشبوه”.

وفي موقف متقدم على “حركة النهضة”، ذي التوجه الإسلامي، فيما يتعلق بقانون “المساواة في الميراث” قال “سعيد” إن الأمر بالنسبة له “محسوم بالنص القرآني”، وذلك خلافًا لموقف الرئيس الراحل، “السبسي”، الذي كان أبرز المؤيدين لإقرار القانون المثير للجدل في بلد أغلبيته الساحقة من المسلمين.

أما فيما يتعلق بسياسته الخارجية فيرى أستاذ القانون الدستوري أنها ترتكز على إمتداد “تونس” في محيطها الطبيعي مع الدول العربية وأوروبا؛ أي دول شمال البحر المتوسط، مشيرًا إلى ضرورة بناء علاقات جديدة قائمة على “الاحترام المتبادل وتعايش بين الشعوب”.

وفي المناظرة التليفزيونية “التاريخية”، التي سبقت الانتخابات الرئاسية بيومين، رفض “سعيد” كلمة التطبيع مع “إسرائيل”، ووصف ذلك بأنه “خيانة عُظمى”.

وحول إتقانه اللغة العربية الفصحى؛ قال إن بينه وبينها “قصة عشق طويلة، بدأت منذ السنوات الدراسية الابتدائية، رغم أنه درس باللغة الفرنسية ويدرس بها في الجامعة”، مشيرًا إلى أنه: “يعتز كثيرًا بلغة الضاد؛ فلها سحر ووقع في الأذن لا تجده في اللغات الأخرى”، وهو الأمر الذي جعل التونسيين يصفونه بالرجل ذا “اللغة الخشبية”، نظرًا لأنه يعشق التحدث باللغة العربية، وبلهجة رصينة، فلا تسمعه أو تراه يتكلم في حواراته الإعلامية إلا العربية الفصحى ولا تراه يبتسم البتة.

سيرته الذاتية..

و”سعيد”؛ هو أستاذ قانون دستوري متقاعد، وبرز نجمه بشكل خاص بعد ثورة 2011، في المنابر الإعلامية لفصاحته في اللغة العربية.

بدأ حياته المهنية كمدرس بكلية الحقوق والعلوم الاقتصادية والسياسية، بـ”سوسة”، عام 1986، ثم انتقل للتدريس بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بـ”تونس” العاصمة، عام 1999، كما شغل منصب مدير قسم القانون العام بكلية الحقوق والعلوم الاقتصادية والسياسية بـ”سوسة”؛ في الفترة ما بين عامي 1994 و1999.

أضطلع “قيس سعيد” بخطط مقرر اللجنتين الخاصتين لدى “الأمانة العامة لجامعة الدول العربية” لإعداد مشروع تعديل “ميثاق الجامعة”، ولإعداد مشروع النظام الأساسي لـ”محكمة العدل العربية”، عامي 1989 و1990، وخبير متعاون مع “المعهد العربي لحقوق الإنسان”، بين عامي 1993 و1995.

وشغل “سعيد” منصب كاتب عام، ثم نائب رئيس الجمعية التونسية للقانون الدستوري، في الفترة الممتدة ما بين عامي 1990 و1995.

كما أنه عضو بالمجلس العلمي ومجلس إدارة الأكاديمية الدولية للقانون الدستوري، منذ عام 1997، وكذلك رئيس مركز تونس للقانون الدستوري من أجل الديمقراطية.

وله عدد من الأعمال العلمية في مجالات القانون والقانون الدستوري خاصة، وهو متزوج وأب لثلاثة أبناء.

نظام الحكم في تونس..

سياسة “تونس” تندرج ضمن النظام الجمهوري للبلاد. بعد الاستقلال سنة 1956 وحتى 2011، كان النظام في “تونس” ديكتاتوري وشهد رئيسين هما، “الحبيب بورقيبة”؛ لمدة 30 سنة، ثم “زين العابدين بن علي”؛ لـ 23 سنة. وبعد الثورة التونسية في 2011، بدأت “تونس” انتقالها الديمقراطي.

السلطة التشريعية القائمة في “تونس” الآن هي “مجلس نواب الشعب”. يوجد الآن حوالي 218 حزبًا في البلاد.

وينتخب رئيس الجمهورية لمدة خمس سنوات؛ ويقوم بتسمية الوزير الأول، (رئيس الوزراء)، الذي يسهم في تنفيذ سياسات الدولة. الحكام المحليون للولايات والممثلون المحليون يتم تعيينهم أيضًا من قِبل الحكومة المركزية، في حين يتم انتخاب مجالس بلدية.

يتكون “البرلمان التونسي” الآن من غرفة واحدة وهي: “مجلس نواب الشعب”، (217 مقعدًا).

وكان يتكون سابقًا من غرفتين وهما: “مجلس النواب” و”مجلس المستشارين”، (217 مقعدًا).

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب