في زيارته الأولى لموسكو .. “كيم” يتخذ سياسة المحاور وسيلة لإيصال رسائل إلى بكين وواشنطن !

في زيارته الأولى لموسكو .. “كيم” يتخذ سياسة المحاور وسيلة لإيصال رسائل إلى بكين وواشنطن !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في قطاره المصفح، وصل زعيم كوريا الشمالية، “كيم جونغ-أون”، إلى محطة مدينة “فلاديفوستوك” ليعقد أول قمة مع نظيره الروسي، “فلاديمير بوتين”، وصفت بأنها بناءة ومثمرة.

وتأتي هذه المحادثات بعد دعوات متكررة وجهها “بوتين”، منذ أن بدأ “كيم” حملته الدبلوماسية العام الماضي.

وثمثل قمة “فلاديفوستوك” فرصة لـ”بيونغ يانغ” للحصول على دعم روسي وتخفيف محتمل للعقوبات التي تضر اقتصادها بعد توقف المحادثات بين “كوريا الشمالية” و”الولايات المتحدة”.

وبالنسبة لـ”الكرملين”، شكلت القمة فرصة لإظهار أن “روسيا” لا تزال لاعبًا مهمًا على الساحة الدولية، رغم جهود “الولايات المتحدة”، ودول غربية أخرى، لعزلها. لكن نظرًا إلى إلتزام “موسكو” بالإبقاء على العقوبات المفروضة على “كوريا الشمالية” حتى تفكيك برنامجها النووي، يُستبعد أن تسفر القمة عن مساعدة ملموسة لـ”بيونغ يانغ” بخلاف إظهار الصداقة.

إعادة فرض قوة القانون..

بعد اللقاء أعلن الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، أن احترام “القانون الدولي” وليس “قانون الأقوى” سيسمح بتسوية أزمة برنامج “بيونغ يانغ” النووي، مشددًا على مصالح “روسيا” و”الولايات المتحدة” في “كوريا الشمالية” متشابهة.

وقال، للصحافيين في ختام أول قمته، أن: “الأهم هو إعادة فرض قوة القانون الدولي والعودة إلى وضع يكون فيه القانون الدولي وليس قانون الأقوى؛ المرجع الذي يحدد سير الأمور في العالم”.

وتفيد تقارير بأن “كيم” و”بوتين” ناقشا قضية نزع السلاح النووي.

وقال “بوتين”، أن “كيم جونغ-أون”: “شخص منفتح بما فيه الكفاية، ويقود مناقشة حرة حول جميع القضايا التي كانت على جدول الأعمال: عن العلاقات الثنائية والمسائل المتعلقة بالعقوبات، والأمم المتحدة، وعلاقاته مع الولايات المتحدة، وبالطبع، عن الموضوع الرئيس، حول إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية”.

وأشار “بوتين” إلى أن “مصالح روسيا والولايات المتحدة متشابهة في كوريا.. لا نريد انتشار النووي على الكوكب”.

تحتاج لضمانات لأمنها وسيادتها..

وأوضح أن: “كوريا الشمالية بحاجة لضمانات لأمنها وسيادتها”.

وأخيرًا كشف الرئيس الروسي أن “كيم طلب إطلاع الجانب الأميركي على نتائج المباحثات الجارية في روسيا”.

من جانبه؛ قال “كيم”: “أتمنى أن تزدهر روسيا كدولة قوية وكريمة وعظيمة”.

وتعهد الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، والزعيم الكوري الشمالي، “كيم جونغ-أون”، في أول قمة بينهما السعي لتعزيز العلاقات بين البلدين.

تساهم في حل الوضع في شبه الجزيرة الكورية..

وفي تصريحات مقتضبة قبيل بدء محادثات القمة، عبر الزعيمان عن الأمل في تعزيز العلاقات التاريخية.

قائلًا “كيم”: “أعتقد أنه سيكون لقاءً مفيدًا جدًا في تنمية الروابط التاريخية والصداقة بين البلدين، لتصبح أكثر استقرارًا وثباتًا”.

وأضاف: “فيما العالم يركز على شبه الجزيرة الكورية، أعتقد بأننا سنجري حوارًا مهمًا جدًا”.

وقال “بوتين” لـ”كيم”؛ إن الجهود الحالية ترمي لتهدئة التوترات بشأن شبه الجزيرة الكورية، وبأنه يريد تعزيز العلاقات الاقتصادية.

مضيفًا “بوتين”: “أنا على ثقة بأن زيارتكم اليوم إلى روسيا… ستساعدنا في فهم أفضل لكيفية حل الوضع في شبه الجزيرة الكورية، وما الذي يمكن لروسيا أن تفعله لدعم الخطوات الإيجابية التي تجري حاليًا”.

وأضاف: “فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية، أمامنا الكثير من العمل لتنمية العلاقات الاقتصادية”.

أول زيارة لـ”كيم” لروسيا..

وهذا هو اللقاء الأول لـ”كيم” مع رئيس دولة أخرى، منذ عودته من “هانوي”، حيث أجرى محادثات مع الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، في شباط/فبراير الماضي، لم يتوصّلا خلالها إلى اتفاق حول الترسانة النووية الكورية الشمالية.

وأيضًا هي أول زيارة يقوم بها “كيم” لـ”روسيا”، منذ وصوله إلى السلطة في عام 2011، وكذلك أول زيارة خارجية لرئيس مجلس الدولة الكوري الشمالي؛ بعد إعادة انتخابه لهذا المنصب، في نيسان/أبريل الجاري.

وبقيت تفاصيل زيارة “كيم جونغ-أون”، إلى “روسيا” سرية حتى آخر لحظة، لأسباب أمنية. وظهر الإعلان الرسمي عن موعد ومكان المحادثات قبل يومين فقط، حيث أكد مساعد الرئيس الروسي، “يوري أوشاكوف”، الثلاثاء الماضي، أن “بوتين” سيلتقي مع “كيم”، يوم 25 نيسان/أبريل 2019، في “فلاديفوستوك”.

علامة فارقة في الحراك السياسي العالمي..

تعليقًا على القمة؛ يقول رئيس تحرير موقع (الصين بعيون عربية)، “محمود ريا”، أنه: “لا شك أن القمة التي عقدت في الشرق الأقصى الروسي بين الرئيس، فلاديمير بوتين، وزعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ-أون، هي علامة فارقة في الحراك السياسي العالمي الهادف إلى إيجاد آلية جديدة لحل النزاعات تختلف عن آلية العقوبات والفرض التي تسود في العالم”.

ويشير “ريا” إلى أن هذه الزيارة التي قام بها زعيم “كوريا الشمالية”، هي زيارة مهمة جدًا، وتفتح آفاق كبيرة على أكثر من مستوى في العالم، وتؤشر إلى أن الخيارات في العالم ليست معدومة، وأن هناك إمكانية كبيرة تخلق آليات سياسية بعيدة عن الآلية التي تحاول “الولايات المتحدة” فرضها على العالم. وهذا الأمر ظهر تقريبًا في اللهجة الروسية، وكذلك في اللهجة التي تعتمدها “الصين” في هذا المجال.

محاولة لتعويض فشل المفاوضات مع “ترامب”..

ويرى معظم الخبراء أن المحادثات، بين “بوتين” و”كيم جونغ-أون”، محاولة من جانب الأخير لـ”التعويض” عن المفاوضات الفاشلة مع “ترامب”.

فرأت وكالة (أسوشيتد برس)، أن “كوريا الشمالية” تريد زيادة تجارتها مع “روسيا” عشر مرات بحلول عام 2020، (أي ما سيصل إلى مليار دولار). وفي الوقت نفسه لم تبد “روسيا” من قبل اهتمامًا كبيرًا بالمشاريع المشتركة واسعة النطاق مع “كوريا الشمالية”.

وأضافت الوكالة الأميركية أن الزعيم الكوري قد تأخر كثيرًا بلقائه مع الرئيس الروسي. وأن “كيم” أعلن، منذ عام ونصف العام، أنه سيخرج البلاد من العزلة الاقتصادية، وبدأ بالاتصالات مع “كوريا الجنوبية” و”الولايات المتحدة” و”الصين”. مشيرًة إلى أن قراره الاجتماع مع “بوتين”، كان جراء فشل المفاوضات مع الدول الأخرى. ومن ناحية أخرى، فقد يكون التعاون لـ”روسيا” مع “كوريا الشمالية” مفيدًا من أجل إضعاف نفوذ “الولايات المتحدة” في المنطقة، والتذكير بأن “روسيا” لاعب رئيس بالمنطقة.

فيما اعتبرت صحيفة (Deutsche Welle)؛ أن “روسيا” و”كوريا الشمالية” تريدان الوصول إلى موارد الطاقة في كلا البلدين، حيث “موسكو” مهتمة بالمعادن الأرضية النادرة من جهة، و”بيونغ يانغ” تحتاج إلى الكهرباء والاستثمار الروسي من جهة أخرى.

يريد أن يظهر للصين أنها ليست الشريك الوحيد..

ووفقًا لصحيفة (نيويورك تايمز)، نقلًا عن محلل من مركز “هنري ستيمسون” الأميركي، “ديفيد كيم”، فإنه يعتقد أن “كيم جونغ-أون” يريد أن يظهر لـ”الصين” أنها ليست الشريك الوحيد، وقال “كيم لا يريد أن يضع كل البيض في سلة واحدة”. مضيفًا أنه وفي الوقت نفسه، أن 93% من التجارة الخارجية لـ”كوريا الشمالية” مع “الصين”، والتي لا تستطيع الآن تزويد الجمهورية بالدعم الدبلوماسي الكامل؛ لأنها عالقة في الحروب التجارية مع “الولايات المتحدة”.

تصب في مصلحة “بوتين”..

وأعلنت صحيفة (بي. بي. سي)؛ أن البرنامج النووي الكوري الشمالي كان أحد القضايا الرئيسة، في الاجتماع بين “بوتين” و”كيم جونغ-أون”، مضيفة أن “الكرملين” لا يعتقد أن “بيونغ يانغ” ستتخلى تمامًا عن الأسلحة النووية، لذلك يريدون هناك “استقرار الوضع مع الحفاظ على الوضع الراهن”.

وفي الوقت نفسه، تشعر كلًا من “الولايات المتحدة الأميركية” و”الصين”، “بالقلق”، من حقيقة أن “كوريا الشمالية” هي قوة نووية.

من جانبها؛ كتبت صحيفة (واشنطن بوست)، أن المفاوضات الناجحة مع “كوريا الشمالية” ستصب في مصلحة “بوتين”. وأن الرئيس الروسي سوف يكون قادرًا على تقديم الاجتماع مع “كيم جونغ-أون” على عودة “روسيا” لوضع “القوة الدبلوماسية العالمية”.

تاريخ العلاقات بين البلدين..

وتعود العلاقات بين “بيونغ يانغ” و”موسكو” إلى العهد السوفياتي. فقد نصب “الاتحاد السوفياتي”، “كيم إيل سونغ”، جد “كيم جونغ-أون”، ومؤسس “جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية”، في السلطة وقدم له دعمًا حاسمًا خلال الحرب الباردة.

لكن العلاقات بين البلدين كانت متوترة في تلك الفترة؛ بسبب براعة “كيم” في اللعب على المنافسة “الصينية-الروسية” للحصول على تنازلات من البلدين الجارين القويين.

وفي ثمانينيات القرن الماضي، خفض “الاتحاد السوفياتي” مساعداته للشمال مع تقربها من “سيول”. وبعد ذلك شكل إنهيار “الاتحاد السوفياتي” ضربة قاسية لـ”كوريا الشمالية”.

وبعيد انتخابه للمرة الأولى رئيسًا، سعى “بوتين” إلى تطبيع العلاقات مع “بيونغ يانغ”، والتقى ثلاث مرات، “كيم جون إيل” والد “كيم جونغ-أون”، وسلفه، للمرة الأولى في “بيونغ يانغ”، في العام 2000. وكان “بوتين” بذلك أول رئيس روسي يزور “كوريا الشمالية”.

وإنتهزت “بكين” فرصة الإبتعاد الروسي عن “كوريا الشمالية” لتعزيز دورها، وأصبحت أقرب حليف لـ”بيونغ يانغ” وأول شريك تجاري لها متقدمة بفارق كبير على الدول الأخرى.

ويعتقد عدد من الخبراء أن “كيم” يمكن أن يسعى إلى إعادة التوازن في العلاقات مع “بكين” و”موسكو”.

“غيونغ يونغ-تاي”، من معهد الدراسات الكورية الشمالية في “سيول”، يقول إن: “عدم الاعتماد على حليف واحد يشكل جزءًا من مبدأ عقيدة الإكتفاء الذاتي للشمال”، مضيفًا أن: “لدى بيونغ يانغ دبلوماسيين، منذ عقود، ويعرفون كيف يستفيدون من تأليب حلفاء كوريا الشمالية على بعضهم”.

ويعود آخر لقاء على هذا المستوى إلى 2011، عندما أكد “كيم جونغ إيل” للرئيس الروسي السابق، “ديمتري مدفيديف”، أنه مستعد للتخلي عن التجارب النووية.

وتوفي الزعيم الكوري الشمالي السابق؛ بعد ثلاثة أشهر من هذا اللقاء. ومنذ ذلك الحين، أشرف “كيم جونغ-أون” على أربع تجارب نووية، قال خبراء إن واحدة منها قنبلة هيدروجينية، وعلى إطلاق صواريخ عابرة للقارات يمكن أن تصيب كل أراضي القارة الأميركية.

وتشارك “روسيا”، منذ سنوات، في الجهود الرامية إلى إقناع “كوريا الشمالية” بالتخلي عن برنامجها النووي. وشاركت “موسكو” فيما يسمى بالمحادثات السداسية إلى جانب الكوريتين و”اليابان” و”الولايات المتحدة” و”الصين”، والتي عقدت آخر مرة في 2009.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة