رغم عداوته لتركيا .. “العمال الكُردستاني” يضع نفسه في مأزق مع الجيش العراقي !

رغم عداوته لتركيا .. “العمال الكُردستاني” يضع نفسه في مأزق مع الجيش العراقي !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في أسبوع واحد نشب اشتباكين بين “قوات حماية سنجار”، التابعة لـ”حزب العمال الكُردستاني”، وقوات من “الجيش العراقي” وميليشيات “الحشد الشعبي”، قال عنها الجيش العراقي إن عناصر “حزب العمال الكُردستاني”، أعتدت على قوة أمنية ودهست أحد الجنود في قضاء “سنجار”، بعد محاولة عدد من مقاتلي “وحدات حماية سنجار” العبور من منطقة حدودية مع “سوريا”.

وقتل جنديين من “الجيش العراقي”، وأصيب خمسة آخرون في الاشتباكات التي اندلعت الأحد الماضي.

فيما أعلن مصدر أمني عراقي، لشبكة (روسيا اليوم)، تجدد الاشتباكات، أمس، بين “الجيش العراقي” و”وحدات حماية سنجار”، بعد أقل من يومين على الاشتباك الأول.

وقال العميد بقوات الجيش العراقي، “محمود البجاري”، إن جنديًا عراقيًا قُتل في اشتباكات أمس، وأصيب أربعة آخرون، وأن قوات “حزب العمال الكُردستاني” نشرت قناصتها على أطراف قضاء “سنجار”. وأضاف أن الاشتباكات أدت كذلك إلى حرق عجلة تابعة لـ”الجيش العراقي”.

مدينة “سنجار” تقع على الحدود الفاصلة بين كل من “سوريا” و”العراق”، وتحديدًا بين محافظتي “الحسكة” السورية، و”نينوى” العراقية.

بدء عملية “تركية-إيرانية”..

وكانت “تركيا” قد أعلنت، على لسان وزير الداخلية، “سليمان صويلو”، أمس الأول، عن بدء عملية “تركية-إيرانية” مشتركة ضد مواقع “حزب العمال الكُردستاني” على الحدود بين البلدين.

قائلًا، في كلمة خلال حشد جماهيري في ولاية “أنطاليا”: “بعد زيارات متكررة قمنا بها لإيران وزيارتهم لنا، بدأنا الاثنين عملية أمنية مشتركة ضد إرهابيي (العمال الكُردستاني)، وسنكشف عن النتائج لاحقًا”.

تحميل “الحشد الشعبي” المسؤولية..

في المقابل، حمل قائم مقام قضاء “سنجار” العراقي، “محمد خليل”، ميليشيات “الحشد الشعبي”، المسؤولية عن الاشتباكات التي اندلعت بين الجيش و”حزب العمال الكُردستاني”، قائلًا: “إن القضاء لن ينعم بالأمن والاستقرار بوجود الحشد الشعبي وحزب العمال الكُردستاني”.

وقال “خليل”، في تصريحات لـ (د. ب. أ): “كنا كإدارة المنطقة قد حذرنا سابقًا أن تواجد هذه القوات، (الحشد الشعبي)، ليست في مصلحة المنطقة وأهلها، وهو خرق للدستور أيضًا، والحكومة العراقية مسؤولة عما يحدث كونها هي من زودتهم بالسلاح والرواتب، لذا لزامًا عليها أن تعالج هذه المشكلة”.

نوع من أنواع الصراع..

فيما قال السياسي الكُردي، “كفاح محمود سنجاري”، إن ما حدث يعكس نوع وشكل الصراع الدائر في تلك المنطقة.

وفي حديثه لإذاعة (مونت كارلو الدولية)، قال “سنجاري”؛ إن سكان منطقة “سنجار” نزحوا من المدينة، ويتم التعامل معها ضمن المناطق المتنازع عليها في المادة (140) من الدستور، وبالتالي لا يوجد سبب واضح لمنع القوات العراقية مرور “حزب العمال الكُردستاني”، نظرًا لأنها سمحت مرارًا بمرور عناصر قادمة من “تركيا” و”سوريا”.

يذكر أن “العراق” و”تركيا” كانتا قد وقعتا على اتفاقية أمنية في “أنقرة”، أيلول/سبتمبر 2007، بين وزيري الداخلية التركي، “بشير أطالاي”، ونظيره العراقي، “جواد البولاني”، تتضمن السماح للجيش التركي بملاحقة عناصر “حزب العمال الكُردستاني” في شمال “العراق” بإذن من الحكومة العراقية، ودخول الحدود لمسافة 20 كلم دون إذن.

فرصة حكومية للمناورة..

تعليقًا على الأحداث؛ قال الخبير العسكري والإستراتيجي، الدكتور “أمير الساعدي”، أن: “هناك الكثير من التداعيات على قضية عدم وجود السلطة الاتحادية في بعض المناطق، فبعد إنهيار الدولة في المناطق الشمالية، وتحديدًا في نينوى وصلاح الدين والأنبار، عندما أستولت التنظيمات الإرهابية على السلطة في تلك المناطق، جرى استقطاع للأرض وفرض سلطة عناصر مسلحة خارجة عن الدولة العراقية، اضطرت الحكومة العراقية أن تتعاطى معها كأمر واقع مفروض عليها، حتى تستطيع تجنب فتح جبهات داخلية والوقوع في مصادمات، كذلك استخدمت تلك الجماعات المسلحة كورقة سياسية ضاغطة على الجانب التركي من جهة، وكذلك كطرف لمواجهة الجماعات الإرهابية من جهة أخرى، وبذلك أعطت الحكومة العراقية نفسها فرصة المناورة مع تلك الجماعات المسلحة، التي تعد جماعات إرهابية في تركيا، وبنفس الوقت تعتبر أطرافًا معارضة لتركيا بالنسبة للأكراد”.

وأضاف أنه: “يبدو أن هناك حالة من الزهو، التي باتت تشعر بها تلك الجماعات المسلحة بعد النصر على تنظيم (داعش) واستقطاعهم للسلطة في تلك المناطق البعيدة، والتي تشهد صراعات بين أطراف متعددة، وتحديدًا في منطقة سنجار، فهناك سكان محليون وحكومة اتحادية وسلطة إقليم كُردستان وكذلك أحزاب كُردية أخرى. والحكومة العراقية لم تدعو إلى إخراج تلك الجماعات من المنطقة بشكل صريح، فبعد تهديد تركيا باستخدام القوة العسكرية لإخراج حزب العمال الكُردستاني من سنجار، سعى العراق إلى ترطيب الأجواء باستخدام الدبلوماسية مع تركيا في زمن حكومة السيد العبادي السابقة، حيث تم إبقائهم على الأراضي العراقية وإخراجهم من منطقة سنجار”.

وأوضح “الساعدي”: “الآن تشعر هذه الجماعات أنها هي من يمتلك زمام إدارة هذه المناطق كسلطة محلية وأجهزة إدارية وأمنية، وسعي العراق الآن إلى إبعادهم من تلك المناطق، هو ما دفع بنائب رئيس هيئة الحشد الشعبي إلى الذهاب لمحافظة نينوى لتخفيف الأزمة، وهذا لا يعد بدأ المواجهة الحقيقية مع قوات حزب العمال الكُردستاني”.

مصالح مشتركة..

من جانبه؛ يرى “عبدالكريم الوزان”، المحلل السياسي العراقي، أن منع “الجيش العراقي” مرور القوات الكُردية، يأتي تطبيقًا للاتفاقات الأمنية مع “تركيا” وتصفية الحدود أمنيًا، لأن “بغداد” مقبلة على توحيد الجبهة الداخلية وتهيئة الأجواء، للقضاء على الإرهاب.

وأضاف “الوزان” أن قتال “الجيش العراقي” لـ”وحدات حماية سنجار”، التابعة لـ”حزب العمال الكُردستاني”، يأتي في إطار عملية ثنائية مع “تركيا”.

مؤكدًا على أن الدول تتعامل من خلال تغليب المصلحة، وبالتالي فإن مصالح “أنقرة” و”بغداد” واحدة في تحجيم دور “حزب العمال الكُردستاني”.

ولفت إلى أن المصلحة الاقتصادية وعملية التوازن الإستراتيجي تقتضي عملية حفظ الحدود بين “العراق” وحليفيه “تركيا” و”إيران”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة