خاص : ترجمة – محمد بناية :
“أستراليا” و”نيوزيلندا” من الدول المعدودة التي تمكنت من الوصول إلى اتفاق ديني وتحقيق التناغم بين القوميات المختلفة. إلا أن أحداث، الجمعة الماضي، المثيرة للحزن، والتي تسببت في استشهاد 49 مسلمًا، هي نتاج عدة تيارات فكرية.
ويرتبط أولى هذه التيارات بفكر “اليمين المتطرف”، الذي استطاع أن يسيطر على جميع الدول الغربية وبعض أجزاء العالم، ونحن نشهد انتشار هذا الفكر على مستوى العالم. بحسب “علي بيگدلي”، الخبير الإيراني في الشأن الدولي، بمقاله التحليلي المنشور بصحيفة (إيران) الحكومية.
فشل الاشتراكية والقومية..
وعلى هامش الاحتفالات بالذكرى المئوية لإنتهاء الحرب العالمية الأولى بالعاصمة الفرنسية، “باريس”، هاجم الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، أفكار ومعتقدات الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، والتي كانت سببًا في نمو فكر “اليمين المتطرف” بالعالم، وقال محذرًا: “قد يغدو تيار اليمين المتطرف، المدعوم من بعض زعماء الدول، يومًا كارثة فجائية تطال عموم الدول الأوروبية والغرب، وسوف تظهر في شكل فاشية حديثة”.
وطلب إلى جميع الزعماء الترفع عن دعم مثل هذا النوع الفكري؛ حتى لا يستحيل العالم جحيمًا ثانيًا.
لكن للأسف؛ لم تستفد الدول الغربية، وبخاصة بعد الحرب العالمية الثانية، من “الاشتراكية” وعجز هذا النوع الفكري من تحقيق تطلعات وآمال الشعوب.
وفي الفترة (1980 – 1990)، وفي ظل تخلف “تيار القومية” عن الوفاء بوعده؛ إزداد تيار “اليمين المتطرف” قوة.
“ترامب” يفتح الباب لليمين المتطرف..
وبفوز “دونالد ترامب” في الانتخابات الرئاسية الأميركية، عام 2016، وتشكيل حلقة المقربين داخل “البيت الأبيض” من ساسة متشددين مثل؛ “جون بولتون”، نمت الميول لـ”اليمين المتطرق” بسرعة غير مسبوقة، وتمكن تيار “اليمين المتطرف”، المدعوم، من تحقيق تبعات ثقيلة، حيث نشهد انتشار هذا النوع الفكري في العالم. وتدخلات “دونالد ترامب”، ومستشاره للأمن القومي، “جون بولتون”، في الشأن الفنزويلي، ودعم تيار اليمين داخل هذا البلد؛ قد يمتد إلى الدول الاشتراكية الأخرى، الأمر الذي ينطوي على تداعيات خطيرة مثل نمو “اليمين المتطرف” بشكل لا يمكن إحتواءه.
وفي هذا الصدد؛ يمكن تقييم زيادة الإقبال على فكر “اليمين المتطرف” في الغرب بما، في ذلك “أستراليا” و”نيوزيلندا” بالسنوات الأخيرة. وهنا لا يجب تجاهل تنامي الحديث عن “الإسلاموفوبيا” في وسائل الإعلام الغربية.
وقد تستحيل هذه المسألة عامل تهديد للغرب، لأن “اليمين المتطرف” يسعى في إثر عدة أهداف رئيسة مثل؛ الأنانية والعنصرية، والإستعلاء، ومعادة الأجنبي وأخيرًا “الإسلاموفوبيا”. وهذه الأهداف تزداد تنظيمًا وانتشارًا في الغرب.
مكافحة “الإسلاموفوبيا” و”داعش” معًا..
وما حدث في “نيوزيلندا”؛ يعكس تحقيق عنصرين من جملة هذه الأهداف هما العداء للأجانب، و”الإسلاموفوبيا”. كذلك في “أستراليا” تنمو أعداد القادمين من دول شرق آسيا، ولكن بسبب عدم تركيز الأجهزة الإعلامية عليهم لم ينفذ تيار “اليمين المتطرف” أي إعتداءت ضدهم.
علاوة على ذلك نشهد يوميًا عمليات تفتيش واسعة للمؤسسات الإسلامية في هذه الدول، ولم نرى مطلقًا ملاحقة أي مؤسسة قانونية، أو إعلامية أو المنظمات التي تروج لـ”الإسلاموفوبيا” في الغرب.
ما حدث، يوم الجمعة الماضي، في “نيوزيلندا” هو نتاج هذا التقصير. وتكشف المعلومات والتقارير الإخبارية عن إبراز مرتكبي الحادث، قبل عامين، عن رغبتهم للقيام بمثل هذه العمليات وميولهم الإرهابية عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي. الأمر الذي يعكس وجود هذا الفكر المنهجي في اثنتين من أكثر دول العالم هدوءً. وعليه لو لم يستقبح العالم الإرهاب بكل صوره وأشكاله، ويؤمن بعدم إمكانية تحقيق أي شخص لأهدافه بالإرهاب والاغتيال، فلابد من البحث في الأنظمة الدولية والتعرف على جذورها.
في غضون ذلك يتعين على بعض الدول الإسلامية فرض الرقابة الدقيقة على الميول الإرهابية للسلفية وسائر التنظيمات الإرهابية، التي قد تستحيل (داعش) أو (القاعدة)، لأن نمو مثل هذه التنظيمات الإرهابية وعملياتها بالغرب؛ يبعث عن نمو مشاعر الجماعات الإرهابية الغربية مثل تيار “اليمين المتطرف” على الانتقام.