خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بعد غياب طويل استمر لثلاثة أشهر متواصلة، انتشرت معها الشائعات حول تدهور صحته، خرج الأمين العام لتنظيم “حزب الله” اللبناني، “حسن نصرالله”، في مقابلة مع قناة (الميادين) اللبنانية، المؤيدة لـ”حزب الله”، مساء يوم السبت، ليتحدث للمرة الأولى عن “الأنفاق الهجومية” التي تم اكتشافها الشهر الماضي، والتي قال عنها أحد كبار المسؤولين في “الأمم المتحدة” إنها إنتهكت الهدنة بين “إسرائيل” و”لبنان”.
وقال ساخرًا إنه كان من المفاجيء أن الإسرائيليين تأخروا في اكتشاف الأنفاق على الحدود بين البلدين، وأن تنظيمه يملك القدرة على الدخول إلى شمال “إسرائيل” منذ سنوات.
مهددًا بالقول أنه: “في أي لحظة قد يرد محور المقاومة على غارات إسرائيل في سوريا بقصف تل أبيب”، مضيفًا أن “محور المقاومة”، الذي يضم “إيران وسوريا وحزب الله”، قد يرد على الضربات الإسرائيلية على “إيران” و”حزب الله” في “سوريا” بقصف “تل أبيب”.
وأضاف “نصرالله” إنهم يتداولون رد الفعل الذي يجب القيام به ردًا على تصعيد الهجمات الإسرائيلية.
وردًا على سؤال حول إمكانية أن يكون الرد هو قصف “تل أبيب”، قال “نصرالله”: “في لحظة من اللحظات؛ كل شيء ممكن، وفي أي لحظة من اللحظات قد يرد التنظيم على الغارات الإسرائيلية في سوريا بقصف تل أبيب”.
وأكد “نصرالله”، قائلاً: “برأيي كل الأهداف التي وضعها نتانياهو لعملية درع الشمال؛ فشلت”.
وفي لفتة أخرى؛ قال “نصرالله”: “أعتقد أن الضلع الأهم في صفقة القرن كان هو الأمير محمد بن سلمان، مقابل العرش لخمسين عامًا، ولكن الآن الأمير محمد بن سلمان في وضع صعب… وعليه سقط السند العربي لصفقة القرن”، على حد تعبيره.
وخلافًا للسنوات الماضية، التي كان يصغي فيها الإسرائيليون جيدًا إلى خطابات “نصرالله”، إلا أن خطابه حظي هذه المرة بالكثير من ردود الأفعال.
مُحرج بسبب نجاح “درع الشمال”..
فقال رئيس الحكومة الإسرائيلية، “بنيامين نتانياهو”، إن: “الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، بدا من خلال خطابه مُحرجًا للغاية، بسبب نجاح العملية العسكرية، (درع الشمال)، التي قام بها الجيش الإسرائيلي لتدمير الأنفاق على الحدود مع لبنان، لقد استثمر رجاله جهودًا كبيرة في حفر الأنفاق، وخلال ثلاثة أسابيع حرمناه تمامًا من السلاح”.
وأضاف أن: “نصرالله مربك بسبب الضيق المالي الذي يعيشه. السياسة التي إنتهجناها بهدف استئناف العقوبات على إيران تبناها الرئيس، ترامب، بشكل واضح وحاد، وهذا يلحق أضرارًا جسيمة بمصادر التمويل التابعة لإيران ولوكلائها وعلى رأسهم حزب الله. فنصرالله يعيش حالة من الإرتباك بسبب عزيمتنا، ويواجه حزب الله القوة القاتلة التي يمتلكها الجيش، ولديه أسباب جيدة كي يريد أن يتجنب الشعور بقوة ذراعنا”.
العقوبات على إيران أثرت على تمويل الحزب..
وعقب وزير الطاقة، “يوفال شطاينتس”، على خطاب “نصرالله”؛ بالقول: “لقد سمعنا بالأمس نصرالله متلعثم وضعيف، فهو مُحرج لغاية بسبب الكشف عن الأنفاق ومنعنا هذا السلاح الإستراتيجي عنه، كما إننا منعنا من إيران نقل منظومات صواريخ دقيقة إلى حزب الله”.
مضيفًا أن: “العقوبات التي فُرضت على إيران ساهمت بشكل غير مباشر في تقليص ميزانية حزب الله، وبالأمس رأينا أن نصرالله ضعيف؛ لأن إسرائيل نجحت في حرمانه من الأنفاق، ومنظومة الصواريخ الدقيقة، وكذلك الميزانيات من إيران التي منعت عنه بعد العقوبات”.
وفي مقابلة مع موقع صحيفة (يديعوت أحرونوت)، قال الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية للجيش، “عاموس يادلين”: “أعتقد أنه أقل ذكاء بكثير مما كان عليه في الماضي، الشخص لديه حالة من الحرج، فهو لم يعرف تقديم التفسيرات كيف تم اختراق حزب الله استخباراتيًا، وكيف تمكنت إسرائيل الكشف عن الأنفاق”.
صمته يعكس صعوبة الوضع..
كما قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست الإسرائيلي، “آفي ديختر”، في حديث إلى هيئة البث (مكان) الإسرائيلية، إن مقابلة “نصرالله” تؤكد نجاح العملية العسكرية التي أعلنت “إسرائيل” أنها توجت باكتشاف وتدمير ستة أنفاق هجومية عابرة للحدود مع “لبنان” حفرها “حزب الله”.
وأوضح: “بإعتقادي، لا يجب علينا التساؤل بشأن سبب خروجه من الصمت، بل عن سبب صمته طيلة هذه الفترة. الصمت المستمر لأشهر أمر غير معتاد عليه سواء من قِبل لبنان أو العالم العربي أو إيران، وبالتأكيد لا بشأن الحديث عن مسائل تتعلق بإسرائيل. ويبدو أن صمته يعكس صعوبة الوضع الذي وجد نفسه فيه”.
تلميح لوجود المزيد من الأنفاق..
وذكر المسؤول أن “حزب الله” كان ينشيء تلك الأنفاق الهجومية خلال سنوات؛ “ولم يكن نصرالله ولا أنصاره، الذين أحتفظوا بهذا السر خلال سنوات، مستعدين للضربة التي وجهتها إليهم عملية (درع الشمال)”.
وقرأ “ديختر”، في تصريحات “نصرالله”، تلميحًا إلى وجود مزيد من الأنفاق الهجومية عند الحدود، قائلاً: “تملك إسرائيل وسائل لإكتشاف الأنفاق الأخرى.. إذا كان ذلك جزءًا من خطة حزب الله لعملية ضدنا، فإن ذلك يعني وجود جزء آخر وينبغي أن يقلقنا ذلك لا أقل”.
وشدد المسؤول الإسرائيلي على أن “حزب الله” يعرف أن انتقاله من وضع خطط لمهاجمة “إسرائيل” إلى تطبيقها سيستدعي “ردًا غير مسبوق لا يمكنه أن يتخيله”، مضيفًا أن “تل أبيب” لن تسمح لـ”حزب الله” بإمتلاك صواريخ عالية الدقة.
من جانبه؛ أعتبر المتحدث الناطق باللغة العربية باسم الجيش الإسرائيلي، “أفيخاي أدرعي”، عبر حسابه على (تويتر)، أن تصريحات “نصرالله” كانت “مجرد ترديد لنفس الكلام”، قائلاً إن الأمين العام لحزب الله “يحاول أن يجعل من الضعف قوة”، لأنه “معزول من جميع الجهات”.
تحول لوسيلة للدعاية وردع إسرائيل..
وفي تعليق صحافي على خطاب “نصرالله”، أشارت جريدة (تايمز أوف إسرائيل) الإلكترونية إلى أن “نصرالله”، على الرغم من إعترافه بوجود أنفاق عابرة للحدود سبق أن أعلنت عنها “إسرائيل”، “سرعان ما حوّل الحادث الذي كان من المفترض أن يُحرج حزب الله؛ إلى وسيلة للدعاية وردع إسرائيل، من خلال مخاطبة وتهديد الجمهور المتيقظ في الدولة العبرية”.
وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن “نصرالله” استغل، بكل ما في وسعه، مقابلته تلك لإخافة المواطن الإسرائيلي، وتابعت: “لو هبط كائن فضائي في المنطقة واستمع إلى مقابلة نصرالله، دون علم شيء عن توازن القوى الحقيقي بين إسرائيل وحزب الله، لخلص إلى استنتاج أن حربًا مستقبلية محتملة ستعرض للخطر وجود إسرائيل وليس بالعكس.. فحزب الله لا يزال تنظيمًا خطيرًا قادرًا على إلحاق أضرار هائلة، لكنه لا يشكل خطرًا حقيقيًا على إسرائيل”.
وأضافت أنه: “في المقابل، سيكون مستقبل حزب الله والدولة اللبنانية عمومًا على المحك في الحرب المحتملة. لكن من الواضح أن نصرالله ينسى ذلك أحيانًا. ربما يعود سبب ذلك إلى الحرب في سوريا، حيث تسببت إنجازات حزب الله هناك – والتي تم إحرازها بدعم هائل من روسيا – بالارتفاع الحاد في مستوى إعتداد أمينه العام بنفسه”.
يحاول صرف الأنظار عن ضعفه..
وذكرت الصحيفة الإسرائيلية أن نصرالله “يشعر بنفسه وكأنه شخص لا يقهر، لكن نسى نتائج الحرب اللبنانية الثانية، ويبدو أن الثمن الذي قد يدفعه لبنان ليس على رأس أولوياته”.
وقالت الصحيفة إن “نصرالله” كان يتصرف في السنوات الأخيرة كمبعوث إيراني، ولذلك لا يهتم في الواقع بمصالح اللبنانيين، متهمة “حزب الله” بإعاقة تشكيل حكومة جديدة في “بيروت”.
ولفتت الصحيفة إلى أن حزب الله “فشل داخل وخارج لبنان”، في السنوات الأخيرة، وتابعت: “إذا حاول مواجهة الجيش الإسرائيلي؛ فإن هزيمته ستصبح أكثر وضوحًا”.
وخلصت الصحيفة إلى أن “حزب الله”، بشعاراته الموجهة ضد “إسرائيل” يحاول صرف الأنظار عن نقاط ضعفة، وعن حقيقة أنه “أستولى على لبنان وجعل منه رهينة بيد إيران”.
إسرائيل في مأزق خطير..
وتوالت تعليقات المحللين على الخطاب، فتعقيبًا على هذه التصريحات، قال الدكتور “فيصل عبدالساتر”، مدير مركز (دال) للإعلام، إن “إسرائيل” أصبحت في مأزق خطير بعد إعلان “حسن نصرالله”، في مقابلة تليفزيونية، عن الخطوط العريضة للصراع مع العدو الاسرائيلي، وبالتالي فإن تصريحات “إسرائيل” تنم عن عجز متواصل لآليتهم السياسية والعسكرية، وتُعد مجرد محاولة لرفع معنويات الشارع الإسرائيلي.
وحول احتمال تحول التصعيد الإعلامي إلى مواجهة عسكرية، قال “عبدالساتر” إن مواجهة كبرى يمكن أن تحدث، لكن لا أحد يستطيع تحديد زمانها، على حد قوله.
خطاب دعائي..
وفي قراءة لخطاب “حسن نصرالله”؛ كتب “ناصر اليافاوي”، في موقع (دنيا الوطن)؛ أن ثمة اختلاف بين الخطاب الإسلامي والعروبي الوطني الجمعي، وبين خطاب يرتكز على تنظير نابع من فكرة طائفية ضيقة، هذا المنطق في القول ينسحب على خطاب السيد “نصرالله” وتمحوره حول “إيران”، وما ينسجم معها هو الأفضل وما عداها باطل.
وذكر أن من أهم مخرجات الخطاب أن “نصرالله” يُحبذ بقاء “سوريا” في الحضن الشيعي الإيراني، ويبدو أنه غير مُرحب بعودة العلاقات العربية مع “سوريا”، بالإضافة إلى أنه يتصرف وكأنه مدير مدرسة يوجه تلاميذه العرب ويذكرهم بسلبياتهم ويضع أمامهم إستراتيجية الثواب والعقاب، وهذا يصنف جزء من مُركب العظمة.
وأوضح أن هناك تناغم خفي مع دويلة “قطر” ولم يذكرها بسوء، وسهامه كانت موجهة إلى “السعودية” وباقي أنظمة العرب غير المتماهية مع “إيران”، ورغم الموقف والدور التركي في الحرب على “سوريا” إلا أنه لاطفها وكاد يُقبل حروف اسمها، إرضاءًا لمصالحها مع “إيران”.
وأشار إلى أن الخطاب كان خاليًا من العقل الجمعي العربي؛ وتم تجيير الأمور حسب الموقف والمصلحة الإيرانية، بمعنى أدق قزم القضايا العربية ووضعها ضمن “النعل الإيراني”. ومما يؤكد صحة زعمنا قوله أن النفوذ الإيراني مثستقر في “العراق” و”سوريا”.
ويرى أنه تأسيسًا لما سبق؛ فإن خطابه يعتمد على “البروبوغاندا”، بعيدًا عن الموضوعية في قراءة الأشياء، وتحامله على بعض الدول، وخاصة “السعودية”، إنطلق من رؤية طائفية مصالحية فقط، والخطاب يبدو أنه عرض على (السافاك) الإيراني المُستغل للكارزما الماضوية لـ”نصرالله”، متناسين أن تورطه بدماء السوريين لن يغفر له.