ما أن علت بشائر النصر على ارهابيوا داعش ، وتحرير الأرض العراقية من دنسهم ، وعبور رصاصات بنادق جنود الحشد الحدود وهي تطارد إذنابهم وبقايا جرذانهم ، حتى لجأت القوى الغربية إلى الخطة البديلة لداعش ،وهي ضرب هذه القوات التي لاتسير وفق خطط وأهواء واشنطن ،عبر ملاحقة قياداتها والتهمة جاهزة وهي إفشال قانون الحشد الشعبي التابع رسمياً لرئاسة الوزراء العراقية ،وإعداد قائمة بالمطلوبين من الحشد الشعبي وسحب السلاح منهم وإنهائهم عسكرياً الأمر الذي قوبل بالرفض من المكونات السياسية في البلاد ، والتي رأت في هذا القرار استهداف مباشر للأمن في العراق ، ومحاولة لضرب عناصر القوى الأمنية فيه .
هذه المحاولات في ضرب قوة الدولة ، جاءت بالتزامن مع الزيارة التي يقوم بها وزير الخارجية الأمريكي إلى المنطقة وتسليمه قائمة بأسماء المطلوبين إلى الولايات المتحدة من قادة الحشد الشعبي مما يعني أن واشنطن عازمة على إحداث تغيير مفاجأ في البلاد وتعزيز نفوذ داعش فيه ، وفتح المجال واسعاً أمام الخلايا النائمة للتنظيمات الإرهابية للتحرك وبصورة سريعة ، وإعادة صورة الإرهاب إبان سقوط الموصل وما لحقها من سقوط مروع لمدن أخرى ، وهذا لما لمسناه فعلاً من سيطرة القوات الأمريكية على الحزام الحدودي مع سوريا ، وسيطرة الدواعش على نفس الحزام غي الجانب السوري ، مما يعطي صورة حقيقية لسيطرة الإرهاب على الحركة في الجانبين ، وهذا كله يأتي في أطار التحرك الأمريكي بعد الانسحاب من سوريا والاتفاق مع الجانب الروسي للخروج نهائياً من سوريا وإعادة نشر قواتها في العراق ، وهذا ما عبرت عنه أغلب التقارير التي تسير إلى نية الولايات المتحدة إبقاء قواعد لها في العراق ، وإعادة انتشار مدروس فيه ، وأن الأخيرة تعد العدة لتغيير خارطة نفوذها في المنطقة بذريعة محاربة الإرهاب في الشرق الأوسط .
التسارع في وتيرة التصريحات الأمريكية يعكس حجم المأزق الذي تعانيه واشنطن خصوصاً بعد انسحابها من سوريا ، والذي وضع ترامب تحت الضغط والانتقاد سواءً من الداخل الأمريكي أو من الحلفاء الأوربيين والعرب في الشرق الأوسط ، ويأتي هذا الانتقاد في ظل زيارة وزير الخارجية الأمريكي بومبيو للشرق الأوسط في محاولة لمعالجة الموقف الأمريكي في سوريا ، ومحاولة حفظ ماء الوجه بالعمل على تأسيس حلف أو ناتو عربي يُعد في وارسو ، ليعود إلى نفس المنطقة عبر آلية جديدة ويكون فيها العراق رأس الحربة بمساعدة الحلفاء للعمل على عزل ومحاصرة إيران سياسياً وأقتصادياً ، ومراهناً في نفس الوقت على تجويع الشعب الإيراني وإركاعه كما حصل مع الشعب العراقي في تسعينيات القرن الماضي أبان حكم النظام الصدامي .
المعركة ستكون أرضها العراق هذا أن حصلت ويتوقع الكثير من المحللين أن الصراع سيحتدم بين الولايات المتحدة وإيران وصولاً إلى “كسر عظم” ، لذلك لن تكون هناك مواجهة مسلحة بين الطرفين ، وسيقتصر الأمر على حرب إعلامية بينهما ، لذلك ربما ستتصاعد حدة التصريحات بين الطرفين ، وسيعلو الخطاب التصعيدي بينهما ، وهنا لابد للعراق أن يكون له موقف من هذا الصراع ،وطرد أي نفوذ سواءً من هذا الجانب أو ذاك .