وأنا أتابع شبكات التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية،لاح بناظري شريط السنين وعاد بي إلى قصص والدتي (رحمها الله )في ليالي الشتاء،حيث لا أنيس لنا سوى وجهها السومري وشفتاها التي تنطق حكم وأمثال ،لست ادري أنى لها حفظها وهي التي لا تجيد الكتابة ولا القراءة!.
تذكرت قصة “البعير” الذي كان يحمل مدافع الحرب في “الجيش العثماني”،وحسب القوانين بعد تقاعده يكرم البعير على جهوده،بأن يسير في الأسواق والمزارع،ويأكل ما يشاء دون أن يعترضه احد خشية من المسائلة القانونية.
ذات يوم مر البعير على رجل عجوز وأمرته يبيعان “بطيخ “،فاخذ يأكل من بضاعتهما،حار الرجل بأمره وأراد أن يزيح البعير عن بضاعته دون أن يضربه دفعاً للعقوبة،فجلب صفيحة معدنية،وقُرب من أذن البعير واخذ يطرق على الصفيحة لعل البعير يهرب من الصوت،فما كان من المرأة ألا أن تجذب العجوز من قميصه وتصرخ به 🙁 أتريده يهرب من صوت صفيحتك،وهو لم يفزع من صوت المدافع سنين)!.
“ثورة الأشباح” التي لا يعرف من يقف خلفها،ولا من يدير مقودها،ليست سوى قصة أشبه بقصة صوت صفيحة العجوز السالفة يحاول إفزاعنا كمجتمع من خلالها.وهي ليست سوى جهد انتهازي للحظة مفصلية يحاول عبرها إيقاع اكبر أذى بالشعب العراقي،مستغلاً فشل الحكومات المتعاقبة في تعزيز النظام الديمقراطي المدني الذي نزف من اجله العراقيين دماء وتضحيات غالية،ولأسباب أهمها أن من يطلب التغيير عليه أن يُعرف نفسه،وتاليه أن يوضح هل التغيير في الحكومة أم شكل النظام،وعليه أن يعرض برنامجه.
ما نقوله للذين يقفون خلف ذلك الحراك،ان التغيير الذي ننشده جميعاً هو بشكل الحكومة،وليس بشكل النظام ،وان التغيير لا يصح ألا عن طريق صناديق الاقتراع،وهذا خيار أبناء الشعب العراقي بمختلف مشاربهم،وان اختلفنا على نقطة هنا أو هناك، وأن الدستور الدائم الأول بتأريخ العراق الحديث الذي كتبه الشعب العراقي،بعد سقوط نظام صدام،ودفع فاتورته دماء خيرة شبابه،لن يغيره التهديد والوعيد،وعلى الحالمين بعودة الدكتاتورية، أن يقلعوا القطن من آذانهم، وما “داعش” عنهم ببعيد،فأن من رفعوا شعار “الاستعانة بـ داعش ثم التفاوض”،شاهدوا كيف زحف العراقيين كتف بكتف للدفاع عن تجربتهم.
نحن نعتقد أن ما يروج له من ثورة (88)، ما هي ألا (عمليات حرب أعلام نفسي)، تشير إيحاءاتها إلى شعارات “البعث الصدامي” تحاول استقطاب بقايا البعث والناقمين على الفشل الحكومي، لم تجدي نفعاً او تحقق التغيير الذي ننشده جميعاً بشكل الحكومة، وليس بشكل النظام الديمقراطي برغم اتفاقنا على علله التي تحتاج الى تراكمية وسقف زمني للتصحيح أسوة بالتجارب الديمقراطية في العالم،وما تلك الدعوات، ألا مجس لقياس “ريختر الاحتقان” لدى الشعب العراقي، تقف خلفها مشاريع كبرى تعقبها حياكة مؤامرة لإحداث حرب أهلية،يستمتعون بمشاهدها عن بعد يدفع ثمنها الجميع دون ان تحدث تغيير منشود،فحروب الجيل الرابع بحسب مراكز بحوثهم ،يجب ان تتم بطريقة “التكلفة الصفرية “،التي ينفذها أبناء الجلدة الواحدة تجاه بعضهم ،فيما يبيع المنتجون “سكراب” أسلحتهم للمنفذين!!!.