22 يوليو، 2025 12:37 ص

الصراع الديني العلماني .. صداع في رأس المجتمع الإسرائيلي !

الصراع الديني العلماني .. صداع في رأس المجتمع الإسرائيلي !

خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :

في وقت تشهد فيه بعض الدول العربية والإسلامية جهوداً لنشر ثقافة الإختلاط بين الجنسين، تحاول المؤسسات الحكومية الإسرائيلية نشر ثقافة الفصل بينهما، وذلك لأسباب دينية يهودية، الأمر الذي أثار حفيظة الكثير من العلمانيين.

وفي حين تشهد بعض المدن الإسرائيلية مظاهرات ضد فصل الرجال عن النساء في بعض خطوط الحافلات التي تنطلق من أحياء يهودية متشدد، نجد الآن ظاهرة أخرى من الفصل بين البنين والبنات حتى في مدارس التعليم الأساسي، وذلك بعد رضوخ “وزارة التعليم” لضغوط المتدينيين.

وزارة التعليم ترضخ للمتدينين..

بحسب المقال الافتتاحي لصحيفة (هاأرتس) العبرية، قررت “وزارة التعليم” فصل البنين عن البنات – في حدث رياضي مخصص لأطفال مدارس التعليم الأساسي في مدينة تل أبيب. وكان مبرر الوزارة هو ضرورة مراعاة مشاعر المدارس الدينية المشاركة في الحدث.

وترى الصحيفة الإسرائيلية أنه ينبغي أن تكون هناك وقفة ضد قرار “وزارة التعليم” بفصل البنين عن البنات، لا سيما أن مبرر الوزارة لإتخاذ ذلك القرار كان مستفزًا ويعكس هيمنة المعايير الدينية على المجال الحكومي. ولقد تصدى لهذا التوجه قرابة نصف مديري مدارس “تل أبيب”، الذين أعلنوا عن رفضهم المشاركة  في الحدث الرياضي.

يُذكر أن الفصل بين البنين والبنات في أي حدث رياضي كان يتم دون اعتراض خلال السنوات السابقة، وذلك على ما يبدو بسبب مفاهيم جنسية عفا عليها الزمن. أما اعتراض مديري المدارس هذا العام فقد دفع وزارة التعليم للإعلان عن مبررها في إتخاذ قرار الفصل، فكان أول زعم لتبرير ذلك هو مراعاة قيم التعليم الديني، الذي  يفصل بين البنين والبنات.

إشكالية الفصل بين الجنسين..

يؤكد مقال (هاأرتس) على أن احتجاج رجال التعليم على قرار الفصل بين الجنسين هو أمر جيد ويستحق الثناء، لأنه يُعيد النظر بل وينتقد إجراءات كانت متبعة في السابق. ولقد كشف ذلك الاحتجاج عن مدى الخلل الذي يعتري “وزارة التعليم” – ليس فقط فيما يخص تفضيل المحاذير الدينية الصارمة، ولكن أيضًا فيما يخص “المفاهيم الجسدية للبنين والبنات”، كما أوضح مسؤول التربية البدنية والرياضية في الوزارة، مؤكدًا أن تلك المفاهيم تمنع، على حد زعمه، إقامة مباراة مشتركة بين الجنسين. ولقد غاب عن أذهان مسؤولي “وزارة التعليم” أن فكرة الفصل بين الجنسين هي تحديدًا التي تخلق إشكاليات في المفاهيم الجسدية وإشكاليات أخرى بنفس القدر في المفاهيم الذهنية، وهي تكرس تلك الإشكاليات بين جيل جديد من الطلاب والطالبات.

الهدف هو إقصاء المرأة !

يؤكد المقال الافتتاحي لـ”هاأرتس” على أن لفظ “المراعاة”؛ في الخطاب الجديد الذي تروج له “وزارة التعليم”، لا يعني سوى إكراه الأغلبية العلمانية على تقبل عادات وتقاليد الأقلية الدينية. لذا ينبغي رفض محاولات غرس القيم غير الليبرالية بحجج مستقاة من القاموس المُصطلحات الليبرالية، مثل الحاجة إلى التعددية الثقافية أو التنوع أو احترام “الآخر”.

فنحن لسنا بصدد مجرد “مراعاة” مشاعر الأطفال المتدينين، ولكننا أمام محاولة لإعادة تشكيل المجتمع العام وفقًا للقيم والتعاليم الدينية. إن الفصل بين الجنسين هو خطوة على الطريق لتأهييل الرأي العام في إسرائيل لإقصاء المرأة.

يُضيف المقال أن مديري مدارس التعليم الأساسي في تل أبيب أكدوا في مذكرتهم إلى “وزارة التعليم” رفضهم للفصل بين الجنسين، لأنه يناقض قيم جميع الطوائف السكانية. كما حذروا من محاولة جعل الفصل بين الجنسين أمرًا عاديًا.

واعتبر المقال أن رفض مديري المدارس تأييد وزارة التعليم في مثل هذا السلوك المرفوض؛ هو أمر يستحق الثناء والدعم من جانب أولياء الأمور والطلاب.

يُذكر أن “مجلس التعليم العالي” في إسرائيلي كان قد قرر وضع خطة لفتح فصول دراسية داخل الجامعات والمعاهد خاصة بالفتيات وأخرى بالشباب، إضافة لفصول دراسية تفصل بين المتدينين عن غيرهم من الطلبة؛ وذلك لإستيعاب اليهود المتدينين أكاديميًا.

نزاع منذ قيام الدولة..

يعود تاريخ النزاع بين العلمانيين والمتدينين في إسرائيل الى يوم الاعلإن عن قيام الدولة العبرية. فبينما أرادها المؤسسون والرواد الأوائل “دولة صهيونية علمانية اشتراكية” تقوم على الفصل بين الدين والدولة، طالب المتدينون بأن تحترم الدولة مباديء الشريعة اليهودية، لا سيما قدسية يوم السبت وأن يكون الطعام طبقًا للشريعة اليهودية. وقد حاول “ديفيد بن غوريون” تنظيم العلاقة بين الدين والدولة عبر اتفاق ما يُسمى بـ”الوضع الراهن”، الذي حقق مطالب المتدينين ومنحهم الكثير من الإمتيازات.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة