17 نوفمبر، 2024 1:49 م
Search
Close this search box.

الحروب ضروب!!

الأرض ميدان حروب متنوعة ومتجددة ومبتكرة , وفيها من أدواتها وآلياتها ودوافعها ما لا يمكن حصره بمقال , فالحرب التي تعارفت عليها البشرية ما عادت موجودة , وإنما الذي يدور هو قائمة لا تنتهي من الحروب , ومنها النفسية والإعلامية والفكرية والثقافية والتجارية والعلمية والبحثية والإبتكارية والصناعية , فالدنيا في سباق محموم في هذه الميادين وغيرها.
فالحرب التقليدية التي عهدناها ما عاد لها أثر , والسبب هو ما أنجزه العقل البشري من إبتكارات ذات قدرات تدميرية لا يمكن تصورها , فالأسلحة المعاصرة تتطور بسرعة مذهلة , وما يُصنع اليوم يبدو قديما بعد ستة أشهر أو سنة واحدة , ولهذا فأن مصانع الأسلحة المجنونة لكي تتخلص من منتوجاتها بسرعة , فأنها تفتح أسواقا وتطورها لإستيعاب الموديلات القادمة من إنتاجها , وهذا يعني أن الحروب لن ولن تضع أوزارها , لأن الطلب يجب أن يتفوق على العرض , وهذا هو القانون الذي سيتحكم بسلوك القرن الحادي والعشرين.
والحروب التدميرية التي تستخدم فيها الأسلحة المتطورة هي التي تطغى على وسائل الإعلام وإهتمام البشر , لكن الحروب الأخرى , كحرب المياه والغذاء والحروب الجرثومية والبايولوجية المتنوعة والقتل بالأشعة والصوت والرجات والإهتزازات التي لا يشعر بها البشر , فتمضي في دخان الحروب الدموية التخريبية الفاحشة المتنامية في المجتمعات المستهدفة لثرواتها ومصادر الطاقة التي فيها , ولا يوجد مصدر للطاقة في الأرض إلا وحوله قوافل حروب.
والواقع العربي يتعرض لحروب شرسة بكل الأنواع والقدرات , ولم تعد الحرب الفتاكة بالأسلحة المتطورة إلا واحدة منها , فالهجمات الفكرية والنفسية والثقافية والأخلاقية والعقائدية والإعلامية والغذائية والتجارية والمواصلات والحصارات والصولات الإحباطية على أشدها , لقتل العربي نفسيا وفكريا وعقائديا وتحويله إلى موجود متحطب قابل للإشتعال والتحول إلى رماد ودخان.
وهذا جوهرالذي يجري , ولهذا تجد الواقع العربي مصاب بمعضلات متفاقمة لا تعرف حلا , ولا يمكنه أن يفكر بمخرج من المأزق , لأن وابلا من المعضلات المتأهبة للإنقصاص تتربص فرصها وبوابات نفوذها لكي تحقق رسالتها التدميرية القاسية.
وهكذا فما أن يتم إطفاء نار هنا حتى تتأجج نار هناك , وما أن يخمد صراع هنا حتى يبدأ صراع آخر هناك , وخلاصة هذه المتواليات الخسرانية هو إستنزاف طاقات الوجود العربي , وتجفيف عروقه الحضارية والإنقضاض عليه بعد أن أصبح كالعصف المأكول , بلا قدرات تؤهله للتحدي والمقاومة والبقاء.
وأخطر ما يجري في الواقع العربي أن العديد من العرب قد تم تأهيلهم لكي يكونوا ضد الوجود العربي , ومن المساهمين في إنهاكه وتفريغة من قدرات الحياة.
وتلك حروب ما بعدها حروب , وفيها يموت الأبرياء والآخرون يخونون فيملأون الجيوب , ولكن خوّان أهله ووطنه سيكون ذات يومٍ تحت أقدام الخطوب!!
و”…إن الله لا يحب كل خوّانٍ كفور” 22:38

أحدث المقالات