قبل حوالي اربعة عشر عام (سنة 2004)كتبت بحثا تحت عنوان معطيات العبادة تبلور شخصية القائد والان احاول اعادة نشره على شكل اقسام وهذا هو القسم الاول وتتبعه الاقسام الاخرى:
(( لا شك أن فكر الشهيدين الصدرين ( قدس سره) يتميّز عن غيره بمميزات جعلته أكثر اقتراباً من مقاصد القرآن والسنة الشريفة…
فقد كان فكرهما فكر الهوية الإسلامية، فهو فكر إسلامي خالص من الشوائب نجد فيه التجرد والموضوعية بصورة جلية وواضحة بحيث يصلح أنموذجا يحتذى به….
وقد أشار السيد الشهيد محمد الصدر(قدس سره) في لقاء الحنانة الجزء الثالث إلى هذا المعنى بقوله:
(( الدين لا كما يفهمه أهل الدنيا و غيرهم…))
وهذه إشارة منه قدس سره إلى وجود فهم خاطئ للدين وتحريف لفهم الدين…..
فالطاغية يحاول أن يحرف فهم الدين بما يناسب طغيانه وظلمه وكذلك الحال بالنسبة لأهل الدنيا وأهل الفسق وحتى الكفار إلا أنهم جميعاً لا يفهمون الدين حق فهمه!
ولا يمكن أن يعتمد على فهمهم للدين!!
ومع ذلك نجد الكثير من الناس قد اعتمدوا على هذا الفهم الخاطئ للدين الذي صنعه الطغاة وساسة أهل الدنيا وأهل الفجور والكفر والفسوق…..
وقد ذكر السيد الشهيد محمد الصدر(قدس سره) في لقاء الحنانة بحسب المضمون :-
(( أن المعارف التي يهتم بها الدين ثلاثة :
الاول : الشريعة بما فيها الفقه والأصول.
الثاني : الوعي وهو إصلاح المجتمع وتوعية الفرد والمجتمع على أساس العقيدة وتطبيق الشريعة ويندرج إقامة الدولة الإسلامية تحت عنوان الوعي الاجتماعي بل هو أحد أهم أهداف الوعي الذي يبدأ بأسلمة المجتمع كي يكون طريقاً لدولة العدل .
الثالث : العرفان. وهذا النوع من المعرفة بحسب ما ذكر السيد محمد الصدر(قدس سره) في الجزء العاشر من كتاب (ماوراء الفقه) هي المعرفة الأعمق في الأيمان بالعقائد الإسلامية إلا انه غير صالح لعامة الناس أي أن الوعي الاجتماعي لا يمكن أن يكون في نشر العرفان بين العوام بل هذا يكون من الإفساد ولو كان يصح نشره لنشره الرسول والأئمة ( ع ) بل أن أهل المعرفة يقولون أن عدد الواصلين بنجاح في هذا الطريق لا يتجاوز أصابع اليد .))
وتكتسب الشريعة أهمية بالغة لأن أحكامها هي مصداق للعدل الإلهي ، فالعدل كما يعرفه الفلاسفة (( أنه وضع الشيء في موضعه المناسب له ))
ان الله سبحانه وتعالى هو خالق الأشياء وهو عالم بها وعالم بمواضعها الواقعية المناسبة لها ، فجاءت أحكام الشرعية مجعولة من الله سبحانه وتعالى طبقاً للمصالح والمفاسد الواقعية،، فكل حكم شرعي يمثل مصداقاً للعدل الإلهي…
فالشريعة هي العدل الإلهي الكامل والعدالة الاجتماعية هي تلك الأحكام الشرعية التي تتعلق بالجانب الاجتماعي من حياة الإنسان .
والعدالة الاجتماعية لايمكن أن تتحقق بأسس غير شرعية كالأسس الأرضية التي يضعها البشر ….
بل إنها ستكون مصداقاً للظلم الاجتماعي الذي هو أحد أعظم أنواع الظلم البشري كما لا يخفى….
والشواهد على ذلك كثيرة فالنظام الاجتماعي الذي يحكم البشرية هو مصداق ونموذج للظلم الاجتماعي لأنه استغنى عن الشريعة الإسلامية يعني أنه قد استغنى عن العدل الإلهي وزهد به.))
وللحديث بقية انتهى القسم الاول ويليه القسم الثاني اذا بقيت الحياة….