الحديث عن السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قدس سره) لا يخلو من فوائد كثيرة ومنافع عظيمة …..
كيف لا يكون كذلك وقد أقترن أسمه الشريف بالفكر والجهاد والوعي والثورة والفناء في الوطن والايمان والتقوى…
وأيضا أقترن اسمه بالعلوم والمعارف الحوزوية واﻷكاديمية على حد سواء….
فقد إقترن أسمه بالفلسفة والكلام والمنطق والفقه واﻷصول والتفسير والحديث والرجال وعلوم اللغة والرياضيات وعلوم الطبيعة وغيرها…
حتى السياسة وحركاتها وأحزابها رغم إنحراف الكثير منها عن نهج الشهيد محمد باقر الصدر(قدس سره) إلا أنها تكابر وترفض أن تعترف بإنحرافها عن الشهيد محمد باقر الصدر (قدس سره)!
ﻷن أقتران أسم الشهيد محمد باقر الصدر (قدس سره) بشئ يعطي هذا الشئ أهمية وأحتراما وقدسية….
إن ولوج عالم السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قدس سره) يكون سببا للتكامل المعرفي واﻷخلاقي على حد سواء ،فالشهيد محمد باقر الصدر (قدس سره) بالرغم من قصر عمره الذي لم يتجاوز ثمانية وأربعين عاما إلا أن عطائه تجاوز عقودا من الزمن بل قرونا عديدة!
يكفينا شاهد على ذلك الثغرة في نظرية المعرفة التي عالجها من خلال كتابه الرائع (( اﻷسس المنطقية للأستقراء)) حيث أن هذه الثغرة أستمرت عشرين قرنا (الفين عاما) يعني منذ أن أكتمل الفهم ﻷساليب اﻹستدلال في زمن أرسطو طاليس الى زمن الشهيد محمد باقر الصدر ( قدس سره )…
هذا خير شاهد على أن عطائه قد تجاوز عمره الشريف…
إن الحديث عن السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قدس سره) بالرغم من ضرورته وأهميته ونفعه إلا أنه لا يخلو من مخاطر ومصاعب!،في السابق وتحديدا في زمن الطاغية المقبور صدام كانت المخاطر والمصاعب واضحة تؤدي بصاحبها الى السجن أو اﻹعدام…
ولكن لم تقتصر هذه المخاطر والمصاعب بحكم صدام القمعي!!
ولم تتخذ هذه المخاطر والمصاعب شكلا واحدا وأسلوبا محددا يقتصر على السجن والنفي والتصفية الجسدية…الخ
نعم هناك مخاطر ومصاعب من نوع اخر بل هناك أنواعا متعددة نشأت وترعرعت في أيام حياته الشريفة ثم أستمرت وتطورت بعد إستشهاده…
ولا يهمني اﻵن كشف النقاب عنها بل أتركه الى فرصة أخرى إذا بقيت الحياة…
مع أني وصلت الى قناعة تامة بأن اﻷحاطة التامة بكل أشكال وأنواع هذه المخاطر والمصاعب بمنزلة المستحيل..
ﻷنني في كل يوم أو مرحلة تأريخية اكتشف الكثير منها على مستوى الماضي(التأريخ) وعلى مستوى الحاضر بل وحتى في المستقبل القريب المنظور…
إلا أن هذه المخاطر والمصاعب لا تثنيني عن قول كلمة الحق….
إن إدراك وفهم هذه المخاطر والمصاعب نتيجة طبيعية للوعي الحقيقي وهذا ما أشرت إليه في بداية هذا الحديث حيث قلت أن الحديث عن السيد محمد باقر الصدر (قدس سره) لايخلو من منافع وفوائد…وبطبيعة الحال فأن الوعي هو من أعظم الفوائد بل هو من النعم العظيمة، فإن هذا الوعي الخلاق يمكن تحصيله من خلال الدخول الى (عالم آل الصدر الكرام) قدس الله سر الماضين منهم وحفظ الله الباقين منهم إنه سميع مجيب..
والطريف أن هذه الفكرة أقصد حسن الظن بآل الصدر المجاهدين كانت ومازالت محفوفة بالمخاطر والمصاعب….
وعلى ذلك شواهد كثيرة ،إليكم مثال بسيط :إن خطيب المنبر الحسيني يجد نفسه في تقية مكثفة إذا أراد أن يطرح رأيا علميا أو فتوى ﻷحد علماء آل الصدر فضلا أن يظهر حسن ظنه بهم فإن الخطيب يجد نفسه ملزما أن يعتذر ببعض المقدمات من قبيل أنه لا ينتمي إليهم أو أن هذا الخطيب يقول معتذرا أنه يحترم بائع الخضروات ﻷنه شيعي الى غير ذلك من الكلمات والشواهد…
إذن هذه المخاطر والمصاعب لم تقتصر على صدام الهدام وبعثه الظالم…
فهذا النوع من الصعوبات يعيش داخل اوساط الشيعة مع شديد اﻷسف…،
بل إن هناك حملات مسعورة تشن ضد السيد محمد باقر الصدر(قدس سره) وتحت شعار التشيع فبعضهم يقول أن السيد محمد باقر الصدر (قدس سره) متأثر كثيرا بفكر اﻷخوان المسلمين !!
وبعضهم من يكفر السيد محمد باقر الصدر(قدس)!وبعضهم من يقلل من أهمية عطائه الفكري بغضا وحسدا وعجزا …
وبعضهم من يريد أن يعتم على فكر الشهيد محمد باقر الصدر(قدس)…
وبعضهم قد قال بحرمة تدريس كتبه ومؤلفاته في بعض المدارس الدينية…
وبعضهم من يحاول الأفتراء على الشهيد محمد باقر الصدر من خلال دس الكذب والوهم داخل اروقة الصدق والحقيقة…
وبعضهم قال ما قال وفعل ما فعل بحق شهيدنا الصدر ظلما وجورا…
ولا يهمني أن أذكر هؤلاء وأفتراءاتهم بالرغم أن أغلبهم ممن أنتفع وأستفاد كثيرا من عطاء السيد محمد باقر الصدر على المستوى المعرفي وعلى المستوى المادي…
إن اﻷهم هو الحديث عن السيد الشهيد محمد باقر الصدر بتجرد وموضوعية ….
وهذه المحاولة تستحق عدم اﻹكتراث بهذه المخاطر والمصاعب ما دام الحديث لا يخالف أحكام الشريعة المقدسة ،ﻷن الشريعة تكفلت الخير والصلاح والكمال لكل فرد شريطة اﻷلتزام بها بأخلاص…
فالشريعة المقدسة جعلت التقية واجبة على كل مكلف فإن اﻷصل في التقية هو الوجوب…
والتقية هي من الحفظ والوقاية وهي بهذا المعنى تمثل سيرة إنسانية عقلائية ، ﻷن الضرر غير منحصر بفئة معينة أو نوع محدد….
نعم أحيانا قد تحرم التقية..فالشريعة السمحاء هي اﻷطار الذي ينبغي عدم تجاوزه في أي قول أو فعل وبطبيعة الحال فإن هذا الحديث لابد ان يكون ضمن إطار الشريعة المقدسة…
إن الذي يهون الخطب عن هذه المخاطر والمصاعب هو أن الله هو الذي يدافع عن عباده المؤمنين…
وهذا له شواهد عديدة :فمثلا قد يتصدى شخص ومن على المنابر او الفضائيات للنيل من شخصية السيد محمد باقر الصدر ولكن المشاهد يفهم عكس ما يريد ذلك المتحدث وتكون النتيجة هو زيادة في حسن الظن بالسيد الشهيد محمد باقر الصدر قدس الله نفسه الزكية، بل إن الكثير من الناس لو يتسنى لهم أن يفهموا ما يقصد هذا المتحدث فإن النتيجة لا تكون في صالح هذا المتحدث ﻷنها سوف تؤدي الى سقوطه في أعينهم…
ﻷن الله يدافع عن الذين آمنوا…وقد حصلت الكثير من هذه الحالات خلال عشرات السنين!
إن دفاع الله عن عباده المؤمنين متنوع ومتعدد يأبى العد واﻹحصاء ….
وفي حدود علمي أعتقد أن أعظم دفاع عن السيد الشهيد محمد باقر الصدر بعد إستشهاده قد حصل بفضل الله على يد شخصيتين :
الشخصية اﻷولى:شخصية السيد الشهيد محمد الصدر قدس الله سره وهو القائل ( أنا الوريث الشرعي للسيد محمد باقر الصدر )….
إن ما قام به السيد محمد الصدر من ثورة عظيمة فريدة شملت الملايين من الناس يعتبر إحياء لفكر وجهاد السيد محمد باقر الصدر بل إن هذه الثورة العظيمة المباركة هي ترجمة عملية إجتماعية للرسالة التي ضحى من أجلها السيد محمد باقر الصدر..
إن الوعي الواسع الذي حصل على يد الشهيد محمد الصدر قد كشف النقاب عن الكثير من الحقائق وقد عرف المجتمع وقتئذ الصالح من الطالح….
أضف الى ذلك أحياء الحوزة الشريفة بعد موتها على يد الطاغية صدام…
إن إحياء الحوزة من جديد وعلى يد زعيمها بحق الشهيد محمد الصدر أدى الى أحياء العلوم والمعارف وإنتشارها في المجتمع العراقي وبالتالي ازدياد وعي الفرد والمجتمع والتزامهم بالشريعة مما أدى الى زيادة معرفتهم بالشهيد المظلوم السيد محمد باقر الصدر…
الشخصية الثانية: شخصية السيد مقتدى الصدر، إن حركة السيد مقتدى الصدر هي تجسيد عملي لفكر الشهيدين الصدرين…..
إن القلم يبقى متحيرا وعاجزا أمام مواقف السيد مقتدى الصدر التي جسدت طموحات وآمال الشهيد محمد باقر الصدر…
فمنذ اﻷيام اﻷولى للأحتلال اﻷمريكي للعراق والى أيام اﻷعتصام في المنطقة الخضراء (الذي كان بحق بمثابة ملحمة تأريخية إنسانية حضارية سطرها السيد مقتدى الصدر) وخلال ثلاثة عشر عام كانت مواقف السيد مقتدى الصدر تبهر الجميع وهي تمثل مرحلة مهمة ومحطة عظيمة في التأريخ المعاصر للعراق والعالم فقد تجسد من خلالها الكثير من أفكار الشهيد محمد باقر الصدر وأخلاقه الرفيعة …
والطريف أن السيد مقتدى الصدر يشبه السيد محمد باقر الصدر فهو أشبه الناس بمحمد باقر الصدر خلقا وخلقا…
أن كل من له إطلاع على فكر الشهيد محمد باقر الصدر يستطيع أن يفهم بوضوح مواقف السيد مقتدى الصدر..
وأنا بدوري أنصح كل مشكك أن يقرأ فكر السيد محمد باقر الصدر وخصوصا ما يرتبط بالوعي والعمل الاجتماعي سوف يكتشف أن ما يقرأه عبارة عن المواقف التي أتخذها السيد مقتدى الصدر خلال ثلاثة عشر عام التي مضت….
إن هذين القائدين أقصد الوالد والولد (السيد محمد الصدر وولده السيد مقتدى الصدر ) هما التجلي الواضح لدفاع الله عن عبده المؤمن المظلوم الشهيد محمد باقر الصدر…
إن بزوغ هذين القائدين وألتفاف الملايين حول قيادتهما الفذة قد ساهم كثيرا في نشر وتجسيد وتطبيق وإحياء فكر الشهيد محمد باقر الصدر …ولا يفوتني الحديث عن شخصية اخرى تفانت وجسدت عمليا فكر وعطاء الشهيد محمد باقر الصدر إلا أن القدر شاء أن يغيب في حياة السيد محمد باقر الصدر…
وهذه الشخصية هي شخصية السيد موسى الصدر فإن العالم كله بصورة عامة ولبنان بصورة خاصة يعلم ماذا صنع هذا القائد العظيم من مواقف إنسانية خالدة …
إن تغييب شخصيات آل الصدر أو قتلهم لن يؤدي الى إطفاء نورهم ﻷن نورهم نور الله ، وهيهات أن يطفأ نور الله هيهات…
وللحديث بقية إذا بقيت الحياة…