1 فبراير، 2025 2:40 م

لعله يفوز بما يريده .. “الحريري” يلوح بمغادرة منصبه ليضغط على الأحزاب والقوى السياسية !

لعله يفوز بما يريده .. “الحريري” يلوح بمغادرة منصبه ليضغط على الأحزاب والقوى السياسية !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في مقابلة متلفزة، الإثنين 27 تشرين ثان/نوفمبر 2017، أعلن رئيس الوزراء اللبناني “سعد الحريري” عن رغبته بالبقاء في منصبه؛ ولكن هذا الأمر مرهون بالمشاورات الجارية بشأن إنخراط “حزب الله” اللبناني المدعوم من إيران في حروب ونزاعات إقليمية.

يرغب بالبقاء في المنصب .. بشروط..

قائلاً “الحريري” لقناة (سي. نيوز) الإخبارية الفرنسية: “أنا أرغب بالبقاء” رئيساً للوزراء، وهو المنصب الذي كان قد أعلن استقالته منه بشكل مفاجئ في الرابع من تشرين ثان/نوفمبر الجاري، غداة وصوله إلى الرياض.

مضيفاً: “لبنان بحاجة إلى شخصية جامعة. خلال هذه السنة التي كنت فيها رئيساً للوزراء جمعت اللبنانيين (…) أنا أمثّل ربما رمزاً للإستقرار”.

يجب أن يتوقف عن التدخل في شؤون الدول العربية..

مشدداً “الحريري” على أن “حزب الله”، المدعوم من إيران، والذي لديه وزراء في الحكومة اللبنانية، “يتعين عليه أن يوقف تدخله” في شؤون دول عربية أخرى في المنطقة.

موضحاً: “أنا أريد النأي بلبنان عن كل الصراعات (…) حزب الله موجود في سورية وفي العراق وفي كل مكان وهذا بسبب إيران”.

في حال الرفض .. سأترك المنصب..

مؤكداً “الحريري” على أنه إذا وافق “حزب الله”، ومن خلفه إيران، على المعادلة التي يطرحها، فعندها “سأبقى حتماً” رئيساً للوزراء. أما إذا رفضا فعندها “نعم سأغادر” المنصب، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن الحوار مع حزب الله “إيجابي للغاية”.

صدمة إيجابية..

بالعودة إلى ظروف استقالته، التي أعلنها في بيان تلاه من “الرياض” عبر التليفزيون وشكّل صدمة للجميع في لبنان وخارجه، قائلاً إنه أراد من هذه الخطوة “إحداث صدمة إيجابية” لدى اللبنانيين، مشدداً على أن قراره هذا أخذه بملء إرادته، ولم يكن كما أشيع بضغط من الرياض.

وأشار قائلاً: “أردت إحداث صدمة إيجابية، شيء إيجابي للبلد (…) كانت هذه طريقة لأقول للناس إن هناك مشكلة كبيرة جداً، وأن ما من أحد يريد رؤيتها”.

وعن فترة إقامته في الرياض، والتي اكتنفها غموض شديد وسرت حولها شائعات كثيرة، قال “الحريري”: “كل ما جرى هناك (…) أحتفظ به لنفسي”.

مازال الخطر ماثلاً..

بشأن ما أعلنه في بيان استقالته عن وجود مخطط لإغتياله، قال “الحريري” إن الخطر “ما زال ماثلاً”.

وقال: “لقد انتهجت سياسة متشددة للغاية ضد المتطرفين وأعتمدت موقفاً صلباً للغاية ضد النظام في سوريا. أنا لست محبوباً لدى أي من هؤلاء الناس”، مضيفاً: “لكن لدي جهاز أمني جيد ويقوم بعمله”.

يصب في مصلحة السلم..

من جانبه، أشار عضو حزب “القوات اللبنانية” النائب “​خضر حبيب​”، إلى أنّ “ما يقوم به رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ لا سيما لجهة التريّث في الاستقالة، يصبّ في مصلحة السلم الأهلي في لبنان، والأمن القومي للدول العربية وحماية العلاقات اللبنانية العربية، وكلّ ذلك يصبّ في مصلحة ​الاقتصاد اللبناني​”.

مشدداً على أنّ “ما قام به رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ بالتنسيق مع رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​، يهدف أيضاً إلى حماية البلد، لا سيما بعد الطلب من (​حزب الله​) التعاون من أجل حماية البلد”، لافتاً إلى أنّ “عون وبري يلعبان دوراً كبيراً في إطار حماية البلد، وعدم وصول الحريري إلى الاستقالة، وبالتالي دفع البلد نحو المجهول”.

علاقات متينة..

مؤكداً على أنّ “العلاقة بين (القوات) و(تيار المستقبل) متينة، وإن كان هناك بعض التباينات والملاحظات، ولكن هذا لا يُفسد في الودّ قضية”، موضحاً أنّ “العلاقة ما بين الحريري ورئيس (القوالت اللبنانية) ​سمير جعجع​ متينة ووطيدة”، منوّهاً إلى أنّ “رئيس الجمهورية سيقوم بزيارة إلى إيطاليا تستمر 3 أيام، وبعد عودته إذا دعا إلى اجتماع يعقد في بعبدا للموافقة على الشروط الّتي كان طرحها الرئيس الحريري، وإذا كانت النتائج ايجابية، عندها ستوجّه الدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء في أسرع وقت ممكن. فلننتظر عودة الرئيس عون من روما، ووقتذاك لكلّ حادث حديث”.

عدد من المراقبين والخبراء في الشأن السياسي والدبلوماسي، قالوا إن الهدف من هذه التصريحات هو الضغط على “حزب الله” لتحييده عن التدخل في الصراعات الإقليمية، والتأكيد على أن استقالته كانت جدية، مؤكدين على أن الأزمة اللبنانية لن تُحل إلا بالتوافق السياسي.

تجميد الاستقالة..

مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير “حسين هريدي”، قال إن تراجع “الحريري”، عن استقالته الأربعاء الماضي، لم يكن نهائيًا، ولكنه فقط جمدها بناء على اتفاق بينه وبين الرئيس اللبناني، “ميشال عون”، من أجل المشاورات مع كافة الأحزاب ومختلف القوى السياسية.

وسيلة ضغط على الأحزاب والقوى السياسية..

معتبراً أن حديث “الحريري”، يعد بمثابة وسيلة من وسائل الضغط على الأحزاب والقوى السياسية، لكي تتخذ مواقف أكثر مرونة، لضبط الأوضاع في لبنان والاستمرار في سياسة النأي بالضرر عن النفس، كما أنه أراد أن يبعث برسالة تفيد بأن تجميد استقالته ليس تراجعًا نهائيًا عن الكلمة التي أذاعها من الرياض في 4 تشرين ثان/نوفمبر الجاري.

“حزب الله” رقم صعب في السياسة اللبنانية..

ذكر المحلل السياسي، “جمال أسعد”، أن المشكلة في لبنان معقدة للغاية، وأن “حزب الله” أيًا كانت توجهاته وتحالفه مع إيران إلا أنه رقمًا صعبًا في الحياة السياسية اللبنانية، ولا أحد يستطيع أن يعزل منها، لأنه في النهاية له مُريدين ومقاعد في البرلمان، وبالتالي فإن حل الأزمة بها يحتاج إلى توافق سياسي.

أمر مستبعد مرحلياً..

مبيناً “أسعد” أنه الآن، وبعد تدخل القاهرة وفرنسا وتلاحم لبنان لعدم الوصول إلى مرحلة التنافر كي لا يعيدوا فكرة الحرب الأهلية، فإن استقالة “الحريري” مجددًا أمر مستبعد مرحليًا في الوقت الراهن، إن فعلها “الحريري” ستكون لحفظ ماء وجهه ولأسباب خاصة به؛ لأن استقالته في هذا التوقيت لا يتطابق مع قراءة الوضع في لبنان، ولا تعني حل المشكلات به.

يجب على الإئتلافات أن تتحاور..

مشيراً “أسعد”، إلى أن إعلان “الحريري” استقالته من السعودية جعله في موقف لا يُحسد عليه، ولكن الرئيس “السيسي” لعب دورًا فاعلًا في إنقاذ ما يمكن إنقاذه، من خلال التواصل مع الرئيس اللبناني والفرنسي، وحسب رؤية القاهرة بأنه من الضروري ألا يتدخل أحد في الشأن اللبناني، فلابد من كل الإئتلافات اللبنانية أن تتحاور مع بعضها.

أمل في مفاوضات جدية .. وتحييد “حزب الله”..

قال نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور “مختار غباشي”، إن أساس رجوع “الحريري” عن استقالته هو الأمل في مفاوضات جدية بين القوى السياسية في لبنان، وإن الغرض النهائي هو تحييد “حزب الله” عن القضايا الإقليمية في سوريا والعراق واليمن، حيث إنه متورط في الحرب في سوريا وله يد في الحزب الشيعي في العراق والحوثيين في اليمن.

يتوقف على مفاوضات بيروت..

مؤكداً “غباشي” على أن “الحريري” يريد التأكيد لـ”حزب الله” بأنه جاد في موضوع استقالته، معتبرًا أنه لا يمكن التوقع عما إذا كان رئيس الوزراء اللبناني سيقبل على تقديم استقالته بشكل نهائي من عدمه؛ لأن ذلك يتوقف على المفاوضات في بيروت وما ستؤل إليه، لذا من الأفضل عدم التوقع ومراقبة الموقف وما سيسفر عنه.

وكان “سعد الحريري” قد تقدم باستقالته من منصبه، في 4 تشرين ثان/نوفمبر الجاري في كلمة متلفزة من العاصمة السعودية “الرياض”، موجهًا في خطابه آنذاك الاتهامات واللوم لكل من إيران و”حزب الله” اللبناني، قبل أن يتراجع عنها بعد عودته إلى لبنان، الأربعاء الماضي، قائلًا آنذاك: “عرضت استقالتي على الرئيس وتمنى علي التريث في تقديمها لمزيد من التشاور في خلفياتها السياسية فأبديت تجاوبًا”.

نتائج عكسية..

حتى الآن مازالت وسائل الإعلام تتحدث عن استقالة “الحريري”، فاعتبر الكاتب الأميركي، “مارك بيري”، أن إعلان استقالته من السعودية جاء بنتائج عكسية.

قائلاً “بيري”، في مقال له نشرته مجلة (ذا أميركان كونزرفاتيف)، الإثنين 27 تشرين ثاني/ نوفمبر 2017، إن ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان” أنجز مهمة مستحيلة، مشيراً إلى أنه صاحب الفضل في توحيد اللبنانيين، ولو لوقت قصير.

كواليس ما حدث بالسعودية..

مضيفاً الكاتب الأميركي: “إنها قصة معقدة، لكنها تستحق أن نسردها، ففي 2 تشرين ثان/نوفمبر الجاري تلقى الحريري مكالمة من مسؤول بارز طلب منه أن يتوجه إلى الرياض فوراً لمقابلة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وكان من الصعب على الحريري، الذي يمتلك الجنسيتين السعودية واللبنانية، أن يرفض هذا الطلب، فقام بتلبيته وتوجه إلى الرياض”.

وفي اليوم التالي أنتظر “الحريري” 4 ساعات قبل أن يلتقي الأمير “محمد بن سلمان”، يقول الكاتب الأميركي، الذي أوضح أن “الحريري” أعلن استقالته أمام الكاميرا في اليوم التالي ملقياً اللوم على إيران و”حزب الله” اللبناني، وأن هناك مؤامرة لزعزعة استقرار لبنان ومحاولة لإغتياله.

مضيفاً “بيري”: “لكن نظرات الحريري كانت غير مريحة أثناء إعلان استقالته في ذلك الخطاب”.

وتحدث الكاتب الأميركي عن زيارة “الحريري” إلى أبو ظبي، ثم عودته إلى الرياض، وتأكيده على أنه لم يكن مجبراً على تقديم استقالته، وأنه سيعود قريباً إلى بيروت، لكن “تيار المستقبل” الذي يتزعمه قال إنه رهن الإقامة الجبرية في السعودية، حسب الكاتب.

“تيلرسون” غاضب..

ذكر “مارك بيري” أن وزير الخارجية الأميركي “ريكس تيلرسون”، الذي كان يرافق الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” في جولته الآسيوية، لم يكن يعلم أي شيء عن هذا الأمر، وفقاً لدبلوماسيين في الشرق الأوسط.

لكن، رغم ذلك، فإن العديد من الساسة الأميركيين السابقين والحاليين أكدوا على أن “تيلرسون” ناقش هذا الأمر مع وزير الخارجية السعودي “عادل الجبير” في 7 تشرين ثان/نوفمبر 2017.

لافتاً الكاتب الأميركي إلى قول دبلوماسي من الشرق الأوسط أن “تيلرسون” لم يكن الشخص الوحيد الذي شعر بالغضب من عدم إخبار السعودية لواشنطن بما تم مع “الحريري”، مشيراً إلى أن “تيلرسون” شك في أن يكون البيت الأبيض قد علم بما جرى مع “الحريري” لكنه لم يتم إخباره بهذا الأمر.

مشيراً “بيري” إلى أن “غاريد كوشنير”، مستشار “ترامب” وصهره، يتمتع بعلاقات قريبة مع ولي العهد السعودي، مضيفاً: “تلك العلاقات أقرب ما يكون”، مشيراً إلى أنه من المستبعد ألا يكون “كوشنير” قد علم بما حدث مع “الحريري” مسبقاً وأن “بن سلمان” حصل على ضوء أخضر منه في وقت سابق، مضيفاً: “لكن السعوديين لا يحتاجون إلى ضوء أخضر، وإنما يحتاجون مجرد دعم من كوشنير، الذي يعتقدون أن له تأثير أكبر على ترامب من غيره”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة