خاص : ترجمة – سعد عبد العزيز :
من الواضح أن ما تقوم به المملكة العربية السعودية من التصدي لإيران ومعادة “حزب الله”, يُثلج صدر المسؤولين الإسرائيليين, لأن المملكة من وجهة نظرهم تقدم لإسرائيل خدمات جليلة، وهي في نفس الوقت لا تمارس ضغوطاً على الدولة العبرية لحل القضية الفلسطينية. وفي هذا السياق نشرت صحيفة (هاأرتس) العبرية مقالاً للكاتب “تسفي برئيل” يرى فيه أن إسرائيل يجب أن تستغل الفرصة الحالية من خلال قبول المبادرة السعودية والتعاون مع باقي الدول السنية المعتدلة.
أفضل حليف لإسرائيل..
يبدأ الكاتب الإسرائيلي تحليله مؤكداً على أنه: “ليس هناك حليف أفضل لإسرائيل في الوقت الحالي من المملكة العربية السعودية, فهي تتصدى لتنظيم حزب الله، بل وسعت لإقالة رئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري, الذي ظل طيلة عام يعيش في سلام مع ذلك التنظيم الشيعي. ولا توجد دولة أخرى في العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، تتحرك بمثل هذا الإصرار السعودي ضد إيران. بل إن السعودية خاضت الحرب في اليمن، وليس ذلك حُباً في اليمنيين الذين لا يضرها أن يموتوا جوعاً، بل إنها خاضت تلك الحرب بهدف الحد من النفوذ الإيراني. كما تحذر السعودية حركة حماس من مغبة استئناف علاقاتها مع طهران, وهي تمارس الضغط على واشنطن كي تستفيق من سُباتها وتتصدى للتهديد الإيراني. ويبدو أن الرياض سوف يسُرها أن تضم إسرائيل إلى دول (المحور السني). وما أروع ولي العهد، محمد بن سلمان، الذي بشجاعته أطاح ببعض الوزراء من مناصبهم في إطار محاربته للفساد ولم يخشى من مواجهة القيادة الدينية السعودية”.
السعودية تنسف العقيدة الأمنية لإسرائيل..
يرى “برئيل” أن المملكة العربية السعودية, بسياساتها الحالية, تحقق حُلم الدولة اليهودية, فتحركات المملكة تجاه إيران تنسف تلك البديهية التي قامت عليها الاستراتيجية الأمنية لإسرائيل، والتي تقول إن الهدف الأوحد لمساعي الدول العربية هو تدمير الدولة العبرية، ولكن السعودية في المقابل تجعل إيران هي العدو الأول.
وكان من المُفترض, بحسب الكاتب, أن تحالفاً مع دولة عربية قوية بحجم السعودية يستلزم على الأقل تعاطياً جاداً مع المصالح السعودية فيما يتعلق بالمسار الإسرائيلي الفلسطيني. وكان يجب على إسرائيل أن تتذكر للمملكة العربية السعودية مبادرتها السلمية التي عرضت تطبيعاً للعلاقات العربية مع إسرائيل مقابل الانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة. وما كانت إسرائيل ستُضار لو أنها ردت بالإيجاب على المبادرة السعودية واقترحت بدء المفاوضات مع الفلسطينيين وفق بنودها، بل ودعت حتى إلى الوساطة السعودية. ولا غضاضة أيضاً في السعي لتشكيل تحالف عربي يضم مصر والأردن والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية, خاصة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” لا يكف عن التفاخر بمستوى العلاقات المتميز مع الدول العربية، وحتى مع تلك التي لم توقع على اتفاق سلام مع إسرائيل. فالتحالف مع مصر قد أثبت جدواه على حدود إسرائيل الجنوبية، والهدوء والتعاون الاستراتيجي يتم أيضاً بشكل رائع مع الأردن، كما أن دولة الإمارات العربية المتحدة أصبحت بالفعل شريكاً هادئاً للدولة العبرية. وبالنسبة لإسرائيل، ليس هناك أفضل من هذا التعاون والتكاتف الذي تشهده المنطقة حالياً.
إسرائيل لا يعنيها السلام..
تكمن المشكلة في أن هناك عقبة أساسية تعوق قيام تحالف المصالح حتى مع السعودية, لأن الرياض تطالب إسرائيل بدفع ثمن سياسي باهظ للغاية. وإسرائيل من جانبها ترى إمكانية التعاون مع الدول العربية ضد أعداء مشتركين ولكن ليس مقابل إحراز سلام حقيقي. فالفائدة الأمنية والاقتصادية الهائلة التي قد تنجم عن العملية السياسية التي تشارك فيها الدول العربية المناهضة لإيران لا قيمة لها في نظر إسرائيل, التي ستظل تتحمل العبء الاقتصادي والأمني لرعاية نصف مليون مستوطن، ناهيك عن سحق الديمقراطية الإسرائيلية. والتحالف مع السعودية أو مع الدول العربية الأخرى هو أمر ممكن لكن دون أي مقابل. وهكذا, ففي حين تهلل إسرائيل عندما يُطلق صاروخ “باليستي” من اليمن باستهداف العاصمة السعودية، وتحتفل بإقالة أو استقالة رئيس الوزراء اللبناني “سعد الحريري”، لأنها ترى في تلك التطورات مُحفزات لتعزيز الصراع ضد إيران، إذا بها ترتد على أدبارها عندما يُذكرها أحد بالمبادرة السعودية. وتعتقد إسرائيل أن وجود عدو مشترك سيُنسي المملكة السعودية والدول العربية الأخرى ذلك الأمر المقيت المسمى بـ”عملية السلام”.
وختاماً يؤكد الكاتب الإسرائيلي على أنه في السنوات السبع التي انقضت منذ اندلاع ثورات الربيع العربي، وخلال السنوات الثلاث الأخيرة، بعدما سيطر تنظيم “داعش” على أجزاء شاسعة من الأراضي السورية والعراقية، طرأت على التحالفات والائتلافات في الشرق الأوسط تقلبات شديدة. والذين عرفوا كيف يستغلون الفرص، مثل روسيا وإيران وتركيا، حققوا الكثير من رأس المال السياسي. ومثل هذه الفُرص مُتاحة الآن أمام إسرائيل, لكنها للاسف تسير على نفس نهج الفلسطينيين: “فهي تفعل كل ما في وسعها لإهدار أي فرصة”.