هل يصدق مسعود هذه الأحلام الوهمية وهذه الكذبة الوردية من خلال اللعبة الاستفتائية في اعلان الدولة المسعودية ، علما إن الأكراد أنفسهم يعانون من دكتاتوريته ويشعرون بارتباطهم المصيري مع الدولة العراقية وإخوتهم العرب وليس مع الدولة العشوائية لأن حلم الجغرافية والتاريخ لا يسمح بإقامة هذه الدولة الوهمية ولا يمكن لها إن تتعايش مع محيطها لأن ملايين الأكراد ونخبهم المثقفة يعتقدون بأن حياتهم ستكون أفضل ألف مرة مع دولة عراقية ديمقراطية لا يمكن إن تقارن بدولة كردية تبنى على أتربه متحركة تحكمها العشيرة البرزانية بالحديد والنار وسط أمواج متلاطمة من الحدود التركية الايرانية والسورية الملتهبة ، وإن الأيام ستؤكد هذه الحقيقة وإن أيام الربيع الكردي قادمة وستقول لبرزاني كلا للانفصال ونعم مع الدولة العراقية الاتحادية .
الفدرالية من حيث الشكل استحقاق كفله الدستور في مادته ( الأولى ) واشترط في ذلك آليات معينة يجب إن تتخذ بإعلان هذا الإقليم رغم إن البعض يعتقد بأن هذا الحق الذي منحه الدستور يمثل استحقاقا لا يتمتع بالشرعية أو الوطنية وإنما يقضي إلى تدمير العراق وتقسيمه ويعتقدون في وضع هذه المادة كان يهدف بالأصل لتمزيق العراق ولضمان أرجحية لقومية معينة على حساب وطن بكامله وبعبارة صريحة فأن الزعماء الأكراد هم الذين وضعوا هذا اللغم ألتدميري لغرض تفجير العراق وجعله شظايا تتناثر هنا وهناك في اللحظة التي يتمسكون فيها في مشروع إقامة كردستان كبرى بعد إن يتمكنوا في جني أكبر قدر من المكاسب في الوطن العراقي والإمعان في إضعاف المركز ليكون ذليلا أمام عنجهية البرزاني وبرودة أعصاب الرئيس السابق الطالباني ، وقد وظف مسعود الدهاء الكردي والغربي لغرض إستثمار منصبه في الدولة العراقية لتمزيق العراق وبناء كردستان على حساب الوطن الأم .
وهذا ما يفسر الأزمات والمؤامرات المتلاحقة التي تنفذ ضد حكومة بغداد بل إنهم سيطروا على بعض الوزارات السيادية كي يهيئوا الرأي العام العالمي لظهور كردستان الكبرى وترسيخ الإعتقاد بأن دولة العراق فاشلة ولا تصمد أمام الإرهاب والفساد وعلى العالم إن يساند النظام الفدرالي وهو نظام لا يشابه الفدراليات في العالم لأنه في حقيقته لما موجود في كردستان ويسمى بالمفهوم السياسي كونفدرالية وليس فدرالية لأن الثانية تعنى إتحاد والأولى تعنى دولة شبه منفصلة لها كامل الصلاحيات بل إن ما موجود الآن في كردستان أبعد من الكونفدرالية نفسها وهو دولة داخل دولة لأن حكومة الأكراد ومن خلال استيلائها على رئاسة الجمهورية في بغداد ووزارة الخارجية سابقا ومناصب سيادية أخرى جعلتهم يحكمون الجزء والكل في ذات الوقت وأصبحوا محط أنظار الآخرين وتحريضهم على إقامة أنظمة مشابهة لكردستان في المنطقة الغربية أو في جنوب العراق لأنهم على ضوء الحرمان الكبير والتخلف الذي تعيشه المحافظات يعتقدون إن أمام نظام مثل كردستان سيجعلهم يأخذون حصتهم من المركز ويستأثرون بسلطتهم بكل موارد المحافظة أو الإقليم وعلينا إن نتصور ظهور هكذا أقاليم عراقية على شاكلة كردستان فما هو الحال التي ستكون عليه حكومة بغداد .
ففي الوقت الذي يستنكر البعض فدرالية شمال العراق ويعتقد إنها مستعمرة إاسرائيلية وملاذ آمن للمجرمين و المطلوبين للعدالة وكذلك ملجأ أمين لداعش والقاعدة والقتلة واللصوص والمتطرفين ، أما التحليل الذي جاء في مذكرات شوارسكوف ( يوميات حرب الخليج ) الذي فسر عدم دعم أمريكا للانتفاضة العراقية عام 1991، معللا ذلك لإعتراضات دول الخليج من مخافة تشكيل إقليم شيعي جنوب العراق سيكون سندا لإيران ووسيلة للضغط على دول الخليج ولعل هذا التصور يتخذ بعدا دوليا عندما يتصور سقوط نظام بشار الأسد وظهور نظام إسلامي سلمي أو أمريكاني فالنتيجة واحدة هو الضغط لمحاصرة حزب الله في لبنان وهنا ستتضح المعادلة بضرورة المبادرة الفورية للضغط على الخليج لخلق موازنة تخفف من وطأة الحصار على إيران وحزب الله في ذات الوقت .
خلاصة القول إن هذه المشاريع كان مخطط لها منذ اللحظة الأولى لوضع الدستور في العراق بعد عام 2003 ، وكان يفترض الإشارة لفدرالية واحدة مقيدة بسيادة العراق في كردستان لقطع الطريق على تقسيم البلاد ، ولهذا فأن الحل الوحيد أمام القوى الوطنية العراقية هو دعوة الشعب العراقي لاستفتاء عاجل لتعديل الدستور ورفع كل الألغام الفدرالية والإكتفاء بفدرالية كردية تخضع لسيادة العراق دستوريا وواقعيا ، ولا تفتح الأبواب لشلة مغامرين لتدمير البلاد ، وحينها سيخسر الجميع وأولهم الأكراد قبل العرب والسنة قبل الشيعة لأن ضياع دولة العراق سيجعل هذا البلد مجرد محميات وأقاليم ضعيفة تعيش تحت رحمة إسرائيل وبعض الدول الحاقدة وأمراء الطائفية والقومية المتعصبة .