20 ديسمبر، 2024 9:43 ص

السلوك العقيم والعقل السقيم!!

السلوك العقيم والعقل السقيم!!

كتب أحد الأصدقاء معلقا على إستقالة مُستشار الأمن القومي الأمريكي بقوله , هكذا تتعامل الشعوب القوية وتغار على أمنها وكرامتها , ويتمنى أن يحصل ذلك في البلاد.

وإذا بالتعليقات تنهال وكأنه قال ما لا يجب أن يُقال , وتم تفنيد ما طرحه على أن النظام السابق قد فعل ما فعل فلماذا تعتب على ما يفعله الذين في الحكم , ومضى طرح الأسماء والأمثلة عن حالات حصلت في القرن العشرين , وعلينا أن نتفاخر بالفساد والجرائم والإستهتار بحق الوطن والمواطنين لأن مثله قد حصل في أنظمة سابقة , فما العيب في أن يحصل بهذا الزمن؟!!

هذا السلوك العقيم ناجم عن عقل سقيم مرهون بنمطية “مضى وما انقضى” , التي تهيمن على الرؤى والتصورات والتفاعلات الحاصلة في الواقع الذي دمر البلاد وسبى العباد , وفي واقع الأمر أن ما حصل منذ ألفين وثلاثة وحتى اليوم أقسى وأفدح وأعظم بلاءً من الويلات والتداعيات التي عصفت يالبلاد على مدى القرن العشرين.

فلو أحصينا عدد الضحايا والمهجرين وأهوال الخراب والدمار لتبين أن الذي يجري إنقضاض على وطن من أقصاه إلى أقصاه ومصادرة علنية لحقوقه الإنسانية والشخصية والتأريخية , وإفتراس مروع لقيمه وأخلاقه وهويته وحضارته وما يتصل به من المميزات والدلائل والسمات.

وهذا يشير إلى أن الهدف واحد وإن تغيرت الأنظمة والوجوه , ويؤكد بأن البلاد ليست ملكا لأهلها , وإنما هم أسرى فيها وعبيدا لكراسيها ولحاها وعمائمها المُسخرة لتحقيق الأهداف المطلوبة.

فما جرى في البلاد ويجري منذ تأسيس دولتها وحتى اليوم , أن الجميع لايعملون من أجلها , وإنما ينفذون مصالح الآخرين من القوى الإقليمة والعالمية , وبهذا إنتهكت حرمات الوطن والمواطنين , وما تمكن بكل ما يملكه من القدرات والثراء أن يساوي دولة أفريقية فقيرة منهكة بلا موارد أو قدرات , وصار البلد صنو الصومال وغيرها في مقاييس الأمن والفساد.

إن الذي يأخذ البلاد إلى منحدرات تدميرية لا يمكنه أن يقول بأنه يعمل من أجلها ويرعى مواطنيها , فالمقاساة التي مر بها الناس ما عرفتها مجتمعات الدنيا المعاصرة بهذا العنفوان والإزمان , وكأن البلاد في دائرة مفرغة من التصاراعات الخسرانية المتأججة.

ويبدو أن العقول السقيمة المبرمجة والمحقونة بالعواطف السلبية الملتهبة , هي التي تساهم بقوة في صناعة جهنم البلاد التي يصطلي فيها العباد.

فلماذا لا نتحلى بالصدق والحكمة والدراية المعرفية الكفيلة ببناء الأوطان , ولماذا نستلطف السقوط في ميادين الغليان والإمتهان , والتحول إلى أطعمة جاهزة على موائد المفترسين المحتفين تحت شعار “سعيد مَن إكتفى بغيره”؟!!

فلا تتعجب يا صديقي , ما دام السلوك عقيم والعقل سقيم , وكل عليم يهيم , واللعنة على جميع الأنظمة لأنها من صنع شيطان رجيم!!

 

أحدث المقالات

أحدث المقالات