كتبت – نشوى الحفني :
في هجوم هو الأول من نوعه داخل إيران، قام تنظيم “داعش” الإرهابي بتنفيذ عمليتين قتل فيها 12 شخصاً وجرح 39 آخرون، استهدف خلالها مسلحون وانتحاريون “مجمع مجلس الشورى الإيراني” في طهران، و”مرقد زعيم الثورة الإسلامية آية الله وروح الله الخميني” الواقع على بعد 20 كيلو متراً من العاصمة في وقت متزامن تقريباً، فيما أبطلت قوات الأمن مفعول قنبلة أخرى تواجدت داخل الضريح.
وأعلن التليفزيون الحكومي ان قوات الامن استعادت السيطرة على الموقعين، اللذين يمثلان طابعاً رمزياً كبيراً، بعد الهجمات غير المسبوقة في العاصمة الايرانية، والتي نفذها سبعة أو ثمانية اشخاص، ونشرت قوات أمنية كبيرة في محيط المكانين وما بينهما وأغلقت محطات المترو.
وزير الداخلية الإيراني، “عبدالرحمن فضلي” أعلن فور وقوع الحادثين لوكالة الآنباء الطلابية “إيسنا” إنه دعا إلى اجتماع خاص لمجلس الأمن الإيراني.
“داعش” يعلن مسؤوليته..
أعلن تنظيم “داعش” الإرهابي، بحسب ما أذاعته وكالة “أعماق” التابعة له، إن مقاتلين “من الدولة الإسلامية هاجموا ضريح الخميني ومبنى البرلمان الإيراني وسط طهران، مستخدمين في ذلك استشهاديين بسترتين ناسفتين داخل ضريح الخميني، متوعدين بإعادة الهجمات مرة أخرى”.
ويعتبر هذا الهجوم هو المرة الاولى التي يستهدف فيها تنظيم الدولة الاسلامية “داعش”، طهران بهجمات إنتحارية.
والهجمات من هذا النوع نادرة في إيران، ويعود آخرها إلى مطلع العام 2000 ونفذت معظمها حركة “مجاهدي خلق”.
وتدعم إيران، ذات الغالبية الشيعية، العراق ونظام الرئيس السوري “بشار الاسد”. ويواجه تنظيم “داعش” خسائر في البلدين في مواجهة هجومين واسعين يستهدفان معقليه، الرقة في سوريا والموصل في العراق.
“داعش” يهدد إيران..
سبق لتنظيم “داعش” وأن نشر خلال آذار/مارس الماضي تسجيل فيديو نادر باللغة الفارسية, حذر فيه من انه سيقوم “بفتح” إيران ويعيدها “مسلمة سنية كما كانت من قبل”.
وحمل الشريط الطويل الذي يستغرق اكثر من 36 دقيقة، عنوان “بلاد فارس بين الأمس واليوم”، متضمناً هجوماً عنيفاً على “الدولة الرافضية” و”الدين الرافضي”، و”الشيعة” الذين يقاتلون في سوريا والعراق.
متهمًا نظامها بمطاردة واضطهاد المسلمين السنة، كما عرض تنظيم “داعش”، حينها، مشاهد لأفراد تلك القوة العسكرية التي تحدث عن تشكيلها وأسماها “كتائب سلمان الفارسي”، أثناء تدريبهم على الرماية في محافظة “ديالي” شرق العراق، وأعلن التنظيم عن أن حربه على إيران قد بدأت، وأنها ستعتمد في المقام الأول على عمليات انتحارية، وتحدث في الفيديو 3 عناصر إيرانيين من الجماعة هم: “أبو الفاروق الفارسي، أبو مجاهد البلوشي، أبو سعد الأهوازي”، وبعد استعراض لتاريخ بلاد فارس، دعا التنظيم الإيرانيين في طهران وأصفهان وقم وغيرها إلى مهاجمة الحوزات.
وتنشط جماعات أخرى في محافظة “سيستان بلوشستان” في جنوب غرب إيران على الحدود مع باكستان التي تضم عدداً كبيراً من السنة.
وكان تنظيم “جيش العدل”، الذي تتهمه طهران بالارتباط بتنظيم القاعدة، قد تبنى عدداً من الهجمات المسلحة في الأراضي الإيرانية خلال السنوات الماضية.
ألعاب نارية لن تؤثر على إيران..
المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله “علي خامنئي”، وصف التفجير والهجوم المسلح في طهران، بأنهما مجرد “ألعاب نارية” لن تنال من عزيمة إيران في الحرب ضد الإرهاب، مضيفاً أنها “ستتلاشى قريباً.. إنها أصغر من أن تؤثر على إرادة الأمة الإيرانية ومسؤوليها”.
مؤكداً “خامنئي” على أن إيران وفي قتالها المسلحين، ومن بينهم مقاتلو تنظيم “داعش”، حالت دون وقوع هجمات أكبر من خلال سياستها الخارجية.
وتابع: “لو لم تواجه طهران الإرهابيين حيث يوجد رأس الفتنة لكانت إيران قد تعرضت لمزيد من الهجمات”.
إتهام السعودية بالوقوف وراء الهجومين..
على الفور، اتهم نائب قائد “الحرس الثوري” الإيراني البريجادير جنرال “حسين سلامي”، المملكة العربية السعودية بالوقوف وراء الهجومين.
متوعداً نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، بالانتقام من تنظيم “داعش” وحلفائه والداعمين لهم، مضيفاً: “هذا الهجوم الإرهابي حدث بعد أسبوع فقط من اجتماع بين الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” والقادة السعوديين”.
لا يوجد دليل علي السعوديين..
فيما رفض وزير الخارجية السعودي “عادل الجبير” اتهام “الحرس الثوري” الإيراني للرياض بالوقوف وراء الهجومين، قائلاً في كلمة بالعاصمة الألمانية برلين: “إنه يدين الهجمات الإرهابية أينما كانت”، لكنه أضاف أنه “لا يوجد دليل على أن سعوديين مسؤولون عن الهجومين”، مؤكداً على أنه لا يعلم من المسؤول.
الربط بين التفجيرات وأقاويل مسبقة..
يأتي اتهام “الحرس الثوري” للسعودية بسبب ربط بعض التقارير بين التفجيرات في طهران وتغريدة نشرها وزير الخارجية السعودي، “عادل الجبير”، صباح الأربعاء 7 حزيران/يونيو 2017، وقبل ساعات من وقوع التفجيرات الإيرانية، حيث قال: “يجب معاقبة طهران بسبب تدخلها ودعمها للإرهاب في المنطقة”، حيث أرجع البعض هذه التفجيرات إلى تحقيق دعوة “الجبير” وحلفائه بمعاقبة إيران.
كذلك جرى ربط التفجيرات بتصريحات ولي ولي العهد السعودي، “محمد بن سلمان”، التي أطلقها الشهر الماضي مهددًا بنقل المعركة داخل إيران، حيث قال “محمد بن سلمان”: “لن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية بل سنعمل لكي تكون المعركة لديهم في إيران وليس في السعودية”.
تنظيم الدولة دخل إيران من الحدود العراقية..
أيضاً ربط بعض المراقبين بين التفجيرات الإيرانية الأخيرة وعمليات الجيش العراقي والحشد الشعبي في الموصل وعلى الحدود العراقية السورية، حيث قطع الجيش العراقي بمساندة الحشد الشعبي أشواطاً طويلة في طريق تحرير الموصل، حتى إن نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، “أبو مهدي المهندس”، أكد على أن اليومين المقبلين سيشهدان انتهاء العمليات العسكرية وتحرير كامل منطقة غرب الموصل والإعلان عن تحرير هذه المنطقة بالكامل باستثناء “قضاء تلعفر”، مشيرًا إلى أن قوات الحشد بانتظار أوامر رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، “حيدر العبادي”، لاقتحام تلعفر وتحريرها.
في الوقت نفسه عملت قوات “الحشد الشعبي” خلال الفترة الأخيرة على تأمين كامل الحدود العراقية السورية، حيث أكد عسكريين عراقيين على أن الحدود السورية العراقية أصبحت مؤمنة بالكامل، فبعضها يخضع لسيطرة الحشد والبعض الآخر يخضع لسيطرة الأكراد السوريين، الأمر الذي جعل تنظيم “داعش” مُحاصر داخل العراق بعد أن فقد منافذ الهروب على الحدود السورية العراقية، فاختار الدخول إلى إيران من حدودها مع العراق، وتنفيذ تفجيرات إرهابية كمحاولة لمعاقبة طهران لدعمها مكافحة التنظيم الإرهابي في سوريا والعراق منذ سنوات، من خلال “حزب الله” في الأولى و”الحشد الشعبي” في الثانية، حيث يعتبر تنظيم “داعش” إيران هي المسؤول الأول عن إخفاقاته العسكرية وانهياره في سوريا والعراق.
تمت بالتنسيق بين “الحرس الثوري” و”داعش”..
يقول المتخصص في الشأن الإيراني “د. محمد محسن أبو النور”، لـ(كتابات)، أنه يعتقد أن هذه العملية تمت بالتنسيق بين “الحرس الثوري” وتنظيم الدولة، والدليل على ذلك قيام التنظيم ببث التصوير الخاص بالعملية وإعلان مسؤوليته عنها قبل قيام الجهات الرسمية ببثها أو الإعلان عنها، ثم خرج أحد المراسلين الصحافيين لينفي البيان الرسمي للدولة وبعدها تم حذف تويتة خاصة بصحيفته من على موقع “تويتر”، و”بالتالي نحن أمام حالة من التخبط في رسم سيناريو أو سير هذا المشهد الهوليوودي”.
محاولة للتشويش على التقرير المصري..
عن توقيت الهجوم، يوضح “أبو النور”، أنه محاولة من جانب “الحرس الثوري” للتشويش على التقرير الذي صدر في مصر، والذي يفيد بأن ميليشيات من “الحرس الثوري” ذهبت إلى قصر الأمير “تميم” بقطر في محاولة لحماية هذا القصر من أى محاولة إنقلابية.
معتقداً “أبو النور” أنه يوجد تناقد بنيوي في وجهات النظر بين المؤسسات السياسية الإيرانية المتمثلة في الخارجية والرئاسة والمؤسسات الأمنية المتمثلة في “الباسيدج” و”الحرس الثوري” و”الإطلاعات”، فالحرس الثوري خشى من أن يهاجم الرئيس “حسن روحاني” هذا السلوك مثلما هاجم الحرس والباسيدج في الإنتخابات الرئاسية الماضية، فقام بهذه العملية في الصباح الباكر حتى يجبر “حسن روحاني” على التراجع خطوة إلى الخلف وعدم انتقاد سلوك “الحرس الثوري”.
حتى لا يحرم من الثروات الداخلية..
مشيراً “أبو النور” إلى أن “الحرس الثوري” يفعل كل ذلك حتى يمنع “حسن روحاني” من اتخاذ التدابير الإقتصادية التي سينفتح بها على الغرب، فيحرم “الحرس الثوري” من الثروات الإقتصادية الهائلة التي يتمتع بها في الداخل، فبالتالي المشهد الآن أمام صراع داخلي بين جناحين أحدهما سياسي اقتصادي والآخر أمني بحت داخل الدولة الإيرانية. علق بانه من الآن المرشد الأعلى لا يتمكن من ضبط توازنات الداخل الإيراني، ولذلك كل طرف يلجأ إلى كل ما في وسعه للقضاء على الطرف الآخر.
تفجيرات شهدتها إيران منذ 1979..
يذكر أن إيران قد شهدت منذ الإطاحة بحكم الشاه عام 1979، أعمال عنف وإغتيالات وكانت في البداية عبارة عن صراع بين القوى التي شاركت في الثورة على الشاه، حتى تمكن زعيم الثورة “آية الله الخميني” من القضاء على منافسيه في نهاية المطاف، ولم يبق من هذه القوى في الوقت الراهن سوى منظمة “مجاهدي خلق” المعارضة التي تنشط في الخارج.
أما الجماعات التي ما زالت تحمل السلاح ضد الحكومة الايرانية وتقوم بعمليات في الداخل حالياً، فهي في معظمها جماعات كردية تنشط في المنطقة الكردية الواقعة على الحدود مع العراق وتركيا، وتشن هجمات على أهداف عسكرية وحكومية وتخوض مواجهات مع قوات الأمن الإيرانية من وقت إلى آخر.
وانضم عدد من الإيرانيين إلى صفوف ما يعرف بتنظيم “الدولة الإسلامية”، أشهرهم: “أبو عائشة الكردي” الذي قتل قرب “مخمور” في كردستان العراق أوساط 2016.
ومن أشهر التفجيرات والهجمات التي شهدتها إيران منذ انتصار الثورة:
20 حزيران/يونيو 1994: تفجير “ضريح الإمام رضا”، في مدينة مشهد، واودى بحياة 25 شخصاً على الأقل، واتهمت الحكومة الإيرانية منظمة “مجاهدي خلق” المعارضة بالمسؤولية عنه.
14 شباط/فبراير 2007: هجوم بسيارة مفخخة ضد حافلة للحرس الثوري الايراني، في مدينة زاهدان، وأدى إلى مقتل 11 شخصاً واصابة 31، وقالت إيران إن منظمة “جند الله” السنية التي تنشط في محافظة بلوشستان الايراينة هي المسؤولة عنه.
12 نيسان/ابريل 2008: إنفجار في مسجد “الحسين سيد الشهداء”، بمدينة شيراز، أثناء الصلاة وأدى إلى مقتل 14 شخصاً وإصابة أكثر من 200، وتبنت الهجوم منظمة شبه مجهولة تطلق على نفسها “جنود الجمعية الملكية الايرانية”.
18 تشرين أول/أكتوبر 2009: مقتل 29 شخصاً بينهم ضابط كبير في الحرس الثوري في هجوم انتحاري، في محافظة “سيستان بولشستان” غربي البلاد، أثناء لقاء مسؤولين من الحرس بوجهاء في المحافظة.
2010 – 2012: اغتيال 4 علماء ومختصين عاملين في البرنامج النووي الإيراني واتهمت إيران إسرائيل بالوقوف وراء هذه العمليات.