10 أبريل، 2024 2:29 ص
Search
Close this search box.

بسبب “البريكسيت” .. “ماي” في مواجهة “كوربين” في إنتخابات بريطانية مبكرة !

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتبت – أماني الجبالي :

تصاعدت، اليوم الخميس، المنافسة بين “حزب المحافظين” الحاكم بزعامة “تيريزا ماي”، و”حزب العمال” البريطاني بزعامة “جيرمي كوربين”، في انتخابات مبكرة لمجلس العموم البريطاني البالغ عدد مقاعده 650 مقعداً، بمشاركة أحزاب منافسة: “الليبرالي الديمقراطي”، و”الاستقلال” اليميني، و”القومي الاسكتلندي” وأحزاب أخرى في إقليمي “ويلز” و”إيرلندا الشمالية”.

وبدأت عملية الاقتراع، صباح الخميس 8 حزيران/يونيو 2017، في مراكز الاقتراع المختلفة المتواجدة داخل المدارس والمراكز الاجتماعية وقاعات الكنائس والبالغ عددها 40 ألف مركزاً، وسوف يبدأ فرز الأصوات في الساعة العاشرة مساءأ، وإعلان النتائج النهائية بعد ظهر يوم الجمعة، ويبلغ عدد المسجلين في قوائم الناخبين 46.9 مليون شخص، يتوجب للحصول على الأغلبية في مجلس العموم أن يحصل حزب من الأحزاب المرشحة على 326 مقعداً

سبب إجراء انتخابات مبكرة..

دعت “تيريزا ماي” رئيس الوزراء إلى تنظيم انتخابات عامة مبكرة، قبل ستة أسابيع، لتغيير الحكومة للمرة الثالثة خلال 3 سنوات، من أجل الدخول في المفاوضات الخاصة بخروج بلادها من الاتحاد الأوروبي من موقع قوة، وتبدأ عملية التفاوض على الخروج من الاتحاد في 19 حزيران/يونيو الجاري، وإلتزم كل من “ماي” و”كوربين” بالرضوخ لرغبة البريطانيين في الخروج من الاتحاد، بعدما تم التصويت بنسبة 52% في 23 حزيران/يونيو 2016، ولكن يختلف الاثنان على آلية “الطلاق” وشروطها.

وصادقت ملكة بريطانيا “إليزابيث الثانية”، في 16 آذار/مارس الماضي، على قانون يتيح للبلاد الخروج من الاتحاد الأوروبي، وبالتالي قد منحت “ماي” الموافقة رسمياً للبدء في محادثات الخروج من الاتحاد الأوروبي، كما تبنى نواب البرلمان البريطاني، في 1 شباط/فبراير الماضي مشروع القرار القاضي بإنهاء عضوية بريطانيا في (بريكسيت)، وحصل النص على دعم 498 نائباً مقابل 114 صوتوا ضده.

وكانت دول الاتحاد الأوروبي قد حددت، ما وصفته بـ”فاتورة انفصال” بريطانيا عن الاتحاد، ووصلت تكلفت ما سوف تدفعه بريطانيا إلى ما يبلغ 100 مليار يورو يتم تقسيمها على فترات، بحسب ما نقلته صحيفة “ذا فايننشيال تايمز” البريطانية، وقال وزير البريكسيت، “ديفيد ديفيس”، إن بلاده لن تدفع 100 مليار يورو من أجل مغادرتها الاتحاد الأوروبي، “كل ما سنفعله هو مناقشة ما هي الحقوق والإلتزامات بالتفصيل”.

إنفصال اسكتلندا..

قالت رئيس الوزراء الاسكتلندية، “نيكولا ستيرغن”، إن على بلادها “حسم أمرها في موضوع استقلالها بعد انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وفقاً لنتائج هذه العملية”، فيما اعتبرت “ماي”، أن الحديث عن استفتاء جديد بشأن استقلال اسكتلندا، قبل خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي “أمر غير مناسب”، مؤكدة على ضرورة العمل سوياً، مشيرة إلى إجراء استفتاء جديد بشأن استقلال اسكتلندا في الظروف الحالية غير المستقرة ليس عدلاً، وذلك لعدم توفر المعلومات الضرورية لدى المصوتين لاتخاذ مثل هذا القرار الخطير.

وحذر سابقاً رئيس الوزراء البريطاني الأسبق “توني بلير”، من أن بريكسيت قد يؤدي إلى انفصال “إيرلندا الشمالية” عن بريطانيا، لأن تداعياته ستدفع بعدد أكبر من سكان الإقليم نحو الوحدة مع جمهورية إيرلندا، حيث نالت حكومة موافقة الزعماء الأوروبيين على قبول تلقائي لإيرلندا موحدة في عضوية الاتحاد الأوروبي.

تيريزا ماي..

تسلمت “تيريزا ماي”، البالغة من العمر 60 عاماً، رئاسة الوزراء في بريطانيا 13 تموز/يوليو عام 2016، بعد أن قبلت الملكة “إليزابيث الثانية” استقالة رئيس الوزراء “ديفيد كاميرون”. ولدت “تيريزا ماي” التي تشغل منصب وزير الداخلية في الحكومة البريطانية في 1 تشرين أول/أكتوبر عام 1956، وأكملت تعليمها في مدينة أوكسفورد شمال لندن، وقد رشحت الوزير “ماي” نفسها لرئاسة “حزب المحافظين” البريطاني، وبالتالي لمنصب رئاسة الحكومة البريطانية خلفاً لـ”ديفيد كاميرون”.

وتصدرت قائمة المرشحين لتزعم “حزب المحافظين” منذ الجولة الاولى، ولمع نجمها في السياسة البريطانية لأول مرة عام 2013 حينما نجحت فيما فشل فيه كثير من الوزراء قبلها، وذلك في قضية ترحيل الإسلامي المتشدد “أبو قتادة” الفلسطيني، وابعاده إلى الأردن، بقت “ماي” محتفظة بظهور متواضع على الساحة السياسية أثناء الحملة التي سبقت الاستفتاء حول عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، وهي محسوبة على حملة البقاء في التكتل الأوروبي، حيث دعمت رئيس الوزراء “ديفيد كاميرون”، كما تعهدت سابقاً أنه لن تكون هناك انتخابات عامة قبل عام 2020، أو اللجوء إلى موازنة طارئة لتغطية نفقات وخسائر قد تترتب على خروج بريطانيا من الاتحاد.

كوربين..

خاض “جيريمي كوربين”، القيادي في “حزب العمال” في بريطانيا، البالغ من العمر 68 عاماً، ومن قدامى “حزب العمال”، حملة تركزت خصوصاً على الصحة والمساعدة الاجتماعية والتفاوت الطبقي الاجتماعي. وفي المناظرات التليفزيونية ظهر أقرب إلى الناس من رئيس الوزراء، والتي تهربت من كل المواجهات المباشرة واكتفت بتكرار تصريحاتها بشكل آلي.

وقد انعكست ثقته في قراره الانضمام إلى مناظرة هيئة الإذاعة البريطانية “بي. بي. سي” قبل ثمانية أيام فقط من الانتخابات، على الرغم من إصراره السابق على عدم الاشتراك في المناظرة إلا إذا شاركت فيها “ماي”، التي كانت قد رفضت المشاركة، ووعد بالتراجع عن القرارات -التي اتخذت في ظل حكومة المحافظين – بشأن خفض نفقات الشرطة، مضيفاً أن حكومته ستسلك نهجاً مختلفاً في السياسة الخارجية من ناحية وتجاه ميزانية الشرطة والخدمات الأمنية وخدمة الرعاية الصحية الوطنية “ان. اتش. اس” من ناحية أخرى.

الهجمات الإرهابية..

دعا العديد من البريطانيين، في تغريدات على موقع التدوين القصير “تويتر” أو تدوينات على شبكة “فيس بوك”، إلى إلغاء أو تأجيل الانتخابات، بعد الهجمات الإرهابية الاخيرة والمخاوف من هجمات جديدة، والتى تهدد عملية الاقتراع، فيما رأى آخرون أن هجمات لندن سوف تؤثر في توجهات الناخبين وتغير أمزجتهم وتجعل الانتخابات تجري في ظل أوضاع غير ملائمة.

في السياق ذاته، ألمح مراقبون إلى أن هذه الهجمات التي تسبق الانتخابات، تنم على وجود خلل في أجهزة الأمن البريطانية، وفشلت حكومة “ماي” وكذا “حزب المحافظين” في ضبط الأمن في ظل هذه الأجواء الاستثنائية.

فيما أوضح “د. أنس التكريتي”، رئيس مركز قرطبة لحوار الثقافات، أن “منفذي الهجمات لا يرغبون في التأثير على الانتخابات، بشكل رئيسي، بقدر ما هم أنفسهم نتاج للأحوال السياسية الشاذة الداخلية والخارجية، وأن المراحل الاستثنائية التي تعيشها بريطانيا والعالم، والخطاب اليميني الشعبوي، والأزمات الانفصالية، وغيرها، كلها تنبئ عن مرحلة تفرز مثل هذه الحالات النشاز وأعمال العنف والهمجية، ما يجعل هذه الهجمات نتاج تلك المراحل”، موضحاً أنه رغم التراجع الذي نال من الحزب الحاكم، فإن مواقف الشارع البريطاني الذي بات يطالب بسياسة أكثر حزماً ويمينية لمواجهة الإرهاب، قد تعزز من موقفه خلال الاستحقاق الانتخابي القادم.

وهاجم “كوربين”، المحافظين بشدة على خلفية مسألة الأمن، منتقداً قراراً أخذته “ماي”، عندما كانت وزيرة للداخلية، بخفض عدد أفراد الشرطة، وردت رئيس الوزراء بالتعهد بشن حملة على التطرف الإسلامي والعمل على تعزيز سلطات الشرطة. وقال “كوربين”، إن العمليات الإرهابية جاءت نتاجاً للسياسة الخارجية البريطانية، فيما ردت “ماي”، بقوة على ما قاله “كوربين”، واتهمته في أقسى هجوم لها بأنه يوفر “مبرراً للإرهاب”.

وقالت “ماي”، في مقابلة مع صحيفة “صن” التي تدعم المحافظين، “إذا كانت قوانين حقوق الإنسان تعرقل تحقيق ذلك فسوف نغير تلك القوانين”، كما اضطرت أيضاً للتراجع عن تعهد مرتبط بسياسة الرعاية الاجتماعية، في خطوة قال خبراء إنها لم يسبق لها مثيل في تاريخ الحملات الانتخابية البريطانية، وكررت مراراً أنها الوحيدة القادرة على إبرام صفقة ناجحة لبريطانيا، وأن خصومها سيلحقون أضراراً كبيرة باقتصاد البلاد.

إستطلاعات متباينة..

رسمت استطلاعات الرأي صورة مربكة عن اتجاهات الانتخابات، فمن جهة يشير بعضها إلى أن “المحافظين” سيحققون فوزاً، بينما يتوقع بعضها الآخر مفاجأة تعطي “حزب العمال” مقاعد جديدة، ووصفت وكالة “رويترز” الانتخابات المبكرة بأنها “مغامرة” لرئيس الوزراء بعد أن أظهر استطلاع أجرته مؤسسة “يوغوف” تراجع تقدم حزبها على “حزب العمال” المعارض.

وأشارت بعض استطلاعات الرأي إلى تقدم “المحافظين”، لكن الفارق بينهم وبين “حزب العمال” تقلص بمقدار النصف على الأقل، بعدما كان أكثر من 20 نقطة عند الإعلان عن الانتخابات المبكرة في نيسان/ابريل الماضي.

وقد رصد بحث أعده معهد “يوغوف” لاستطلاعات الرأي، فى بداية حزيران/يونيو الجاري، أي عقب “هجوم مانشستر”، أن “حزب المحافظين” قد لا يحصل على أغلبية مطلقة في البرلمان خلال الانتخابات، ويظهر الاستطلاع أن الحزب قد يفقد 20 مقعداً من التي يملكها وتبلغ 330، لصالح “حزب العمال” المعارض، الذي قد يكسب ما يقرب من 30 مقعداً، ما يجعل المحافظين أقل 16 مقعداً من الأغلبية المطلقة التي يحتاجها كي يحكم بمفرده دون دعم من الأحزاب الأخرى، وهي 326 مقعداً.

وعندما دعت “ماي” لانتخابات مبكرة، كانت نتائج استطلاعات الرأي في ذلك الوقت تشير إلى أنها ربما تحقق فوزاً كاسحاً يشبه الفوز الذي حصلت عليه رئيس الوزراء السابقة “مارغريت تاتشر” عام 1983، بأغلبية بلغت 144 مقعداً، لكن أحدث الاستطلاعات تشير إلى أن “حزب ماي” متقدم بما يتراوح بين نقطة واحدة و12 نقطة مئوية.

وفى حالة فشل “ماى” في تحقيق أغلبية تفوق أغلبية 12 مقعداً التي حققها سلفها “ديفيد كاميرون” في انتخابات عام 2015، ستكون قد خسرت رهانها الانتخابي وستقوض سلطتها بدرجة كبيرة، وستجبر على إبرام اتفاق مع حزب آخر لتواصل الحكم إما كائتلاف أو كحكومة أقلية، وسيكون لذلك تداعيات غير واضحة على اقتصاد البلاد الذي يقدر حجمه بنحو 5.2 تريليون دولار وسياسات الحكومة في المستقبل فيما يتعلق بكل شئ من الإنفاق الحكومي إلى ضرائب الشركات وإصدار السندات.

وقال الخبير السياسي “ايان بيغ”، من جامعة “لندن سكول اوف ايكونوميكس”، إن “الحصول على فارق في عدد المقاعد بأقلّ من خمسين سيعتبر أداء سيئاً جداً” لتيريزا ماي. وأضاف إن الأخيرة “ستفوز على الارجح، ولكن بأقل مما كانت تتوقع عندما دعت إلى هذه الانتخابات”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب